ترجمة- نورهان عباس
قال تقرير صادر عن بنك عودة إن آفاق نمو الاقتصاد القطري مشرقة خلال السنوات المقبلة نتيجة حزمة من الأسباب وهي: الأصول السيادية القوية التي تمتلكها قطر في الخارج من خلال جهاز قطر للاستثمار إلى جانب الفوائض المالية المتحققة والقوة التي يتمتع بها الاقتصاد القطري، مشيراً إلى أن معدل النمو الاقتصادي في قطر ارتفع من مستوى بلغ 1.6 % في 2017 إلى مستوى 2.2 % في 2018 على أن يواصل ارتفاعه وفقاً للتوقعات إلى 2.6 % في 2019 بدعم من نمو القطاع غير النفطي وزيادة الإنفاق الحكومي الرأسمالي على المشاريع التنموية الكبرى فيما تستفيد قطر من زيادة إنتاج الغاز الطبيعي، حيث تباشر "قطر للبترول" حاليا تنفيذ مشروع زيادة إنتاج الغاز من حقل الشمال وهو أكبر حقول الغاز الطبيعي المسال عالمياً وفق خطة تستهدف رفع الإنتاج من 77 مليون طن إلى 110 ملايين طن من الغاز سنويا، بينما تشير التوقعات إلى استمرار تحسن النمو الاقتصادي على وقع استكمال المشاريع الجارية واستضافة دولة قطر لمونديال 2022 وزيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال الصادرة من قطر إلى الأسواق العالمية.
وأوضح التقرير انه على الرغم من الحصار المفروض على الدولة منذ الخامس من يونيو 2017 فإن جهود تحقيق الاكتفاء الذاتي والاستقلالية الاقتصادية تتقدم بوتيرة متسارعة فقد تم افتتاح 120 مصنعاً جديداً منذ الحصار، مع توقعات بافتتاح 60 مصنعاً جديداً خلال العام الجاري، فيما تكشف بيانات وزارة التجارة والصناعة عن نمو عدد المصانع العاملة في قطر إلى 809 مصانع مرخصة باستثمارات تزيد على 250 مليار ريال، وكذلك تخطط قطر لبناء مصنع لتكرير السكر بالقرب من ميناء حمد بطاقة 110 آلاف طن من السكر سنوياً وهو ما يتجاوز الاستهلاك السنوي البالغ 80 ألف طن.
وبين التقرير أن فائض الحساب الجاري حقق نمواً بواقع 3 أضعاف تقريبًا مستفيداً من ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال في الأسواق العالمية وزيادة منسوب إنتاج الغاز الطبيعي المسال من حقل الشمال في عام 2018، حيث شهدت شركة قطر غاز ارتفاعًا كبيرًا في فائض الحساب الجاري، وارتفعت أرباحها من 6.4 مليار دولار في عام 2017 (أو 3.8 % من الناتج المحلي الإجمالي) إلى 16.7 مليار دولار في عام 2018 (أو 8.7 % من الناتج المحلي الإجمالي)، مدعومًة بشكل أساسي بنمو قوي في عائدات التصدير، مما يمثل تحسناً صافياً في موقع قطر الخارجي كمصدر عالمي للغاز.
وعلى هذا النحو، حقق ميزان المدفوعات فائض قدره 15.9 مليار دولار في عام 2018، ويرجع ذلك أساساً إلى التوسع الملموس في الفائض التجاري، جنباً إلى جنب مع الانتعاش الصافي في رأس المال على خلفية تدفقات رأس المال القوية، كما تحسن الموقف المالي لدولة قطر بشكل ملموس في عام 2018، بدعم من انتعاش أسعار النفط وأيضاً ارتفعت في العام السابق التدفقات الخارجية التي تدعم نمو النشاط في القطاع المصرفي، وشهد القطاع نموًا جيدًا في إجمالي النشاط خلال عام 2018 وما بعده.
واستفادت البلاد في فترة ما بعد الحصار من النمو الاقتصادي المستمر والآفاق المواتية، حيث تتمتع البنوك القطرية بمعدلات كفاية رأسمال جيدة وملاءة عالية، وتؤكد المؤشرات الدولية جودة ونوعية الأصول المصرفية في قطر وعلى الجانب الآخر، هناك نمو ملحوظ في الاحتياطيات الدولية، مع انتعاش قوي لاحتياطيات العملات الأجنبية لدى مصرف قطر المركزي.
ويتوقع التقرير استمرار قوة القطاع المصرفي القطري بدعم من الأصول عالية الجودة، والرسملة القوية، والسيولة الكافية وودائع القطاع العام الكبيرة، والعائد التدريجي المتحقق من الودائع الأجنبية، وفيما يتعلق بأسواق رأس المال، فقد ارتفع مؤشر بورصة قطر بواقع 20.83 % في 2018 وهو مستوى ضمن الأفضل عالمياً ويأتي ذلك بالتزامن مع استمرار جهود تنويع الاقتصاد القطري لتتراجع حصة الإيرادات النفطية مقابل زيادة حصة الإيرادات غير النفطية من 53.0 % في عام 2014، لتصل إلى 36.1 % في عام 2018.
وتجدر الإشارة هنا، إلى أن إنتاج الخام والمكثفات في قطر سيتم تعزيزه من خلال الارتفاع التدريجي في مشروع توسعة حقل الشمال، المزمع انجازه بحلول 2023.
وعلى الجانب الآخر، شهد قطاع الصناعات التحويلية في قطر أداءً قويًا في عام 2018، حيث استمر في لعب دور رئيسي بجهود التنويع التي بذلتها السلطات خلال العام الماضي، وشكل القطاع نحو 9.2 % من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
علاوة على ذلك، فقد سجل مؤشر مديري المشتريات (PMI) الخاص بدولة قطر الذي يعده مركز قطر للمال، ارتفاعاً بمقدار 50.1 نقطة في شهر مارس الماضي، مقارنة مع 48.5 نقطة في شهر فبراير السابق له، وذلك بسبب زيادة النشاط التجاري الذي شهد تحسناً تمثل في الطلبات الجديدة، والزيادة في الإنتاج، والانخفاض في مخزون المشتريات وقصر مواعيد تسليم الموردين.
وكانت الزيادة الشهرية المتتالية في مؤشر الأعمال الجديدة، التي بلغت 4.5 نقطة، هي ثاني أكبر زيادة خلال ما يقرب من عام والنصف، وقد أثر هذا التحسن في الطلب على توقعات الشركات بشأن حجم الأعمال، حيث ارتفع مؤشر النشاط المستقبلي إلى ثاني أعلى مستوياته منذ بدء دراسة مؤشر مديري المشتريات PMI في شهر أبريل عام 2017.
ورجح التقرير استمرار زخم نمو القطاع غير النفطي خلال الفترة المقبلة على أن يكون قطاع الصناعات التحويلية واحداً من القطاعات الرئيسية المستهدفة للتنمية ويتمثل الدافع الآخر وراء خطط تنويع الاقتصاد القطري في رغبة الحكومة في إنشاء اقتصاد المعرفة بطريقة مماثلة للتغييرات التي تحدث في أفضل دول العالم، من خلال تسويق البحث والتطوير بالشراكة مع القطاع الخاص وفي سياق متصل، يستمر النمو في قطاع البناء، استعدادا لكأس العالم 2022، حيث حافظ قطاع العقارات القطري على اتجاهه المتنامي في عام 2018، على الرغم من الحصار بدعم من خطة الاستثمار الكبيرة في البنية التحتية والاستعدادات لمونديال كأس العالم 2022 وعلى أرض الواقع، نما قطاع البناء بنسبة 10.2 % في عام 2018، مقارنة بنمو قدره 11.2 % في عام 2017 واستمرت مساهمة القطاع العقاري القطري في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في التوسع في عام 2018، حيث بلغت 15 % في عام 2018، ارتفاعا من 12.5 % في العام السابق فيما استحوذ قطاع العقارات والبناء على 18.3 % من التسهيلات الائتمانية المتقدمة من قبل القطاع المصرفي القطري في نهاية مارس 2019.
وتجدر الإشارة إلى أنه من حيث الأسعار، فقد سجل مؤشر أسعار العقارات زيادة على أساس سنوي، علاوة على ذلك، شهد قطاع التجزئة القطري استقرار في أسعار المتر التأجيرية بمراكز التسوق (المولات) على خلفية زيادة الطلب، حيث تعتبر الدوحة محور جذاب للمستأجرين الدوليين، مع توقعات متفائلة بارتفاع الطلب على مساحات التجزئة الرئيسية وسط مستويات عالية من العرض.
وتوقع التقرير أن يوفر الحدث العالمي الكبير القادم، وهو كأس العالم 2022، قوة دفع إضافية لانتعاش السوق العقاري القطري مضيفاً: من المرجح أن يحافظ قطاع البناء والتشييد على زخم النمو خلال السنوات القادمة.. وبالنسبة للسياحة، لا يزال قطاع السياحة يمثل ركيزة للتنويع، وسط تحسن كبير في معدلات اشغال الفنادق، كما ظلت السياحة في قطر أحد أركان استراتيجية التنويع في البلاد وواصل القطاع، الذي يلعب دورا هاما في استعدادات البلاد لكأس العالم 2022، المساهمة بقوة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد والعمالة والإنفاق.
يشار إلى أن أحدث بيانات المجلس العالمي للسياحة والسفر كشفت أن قطاع السياحة والسفر القطري يلعب دوراً محورياً في تنفيذ استراتيجية التنويع الاقتصادي التي تتبناها الدولة تنفيذا لرؤية قطر 2030، حيث يصل إجمالي مساهمة السياحة والسفر في الناتج المحلي الإجمالي إلى 3 أضعاف أي قطاع غير نفطي آخر، فيما بلغت قيمة إنفاق الزوار الدوليين على السياحة في قطر مستوى 44.6 مليار ريال قطري في 2017، بينما سجلت نسبة المساهمة المباشرة للسياحة والسفر، في الناتج المحلي الإجمالي، نحو 19.9 مليار ريال أي ما يصل نسبته إلى 3.3 % من الناتج الإجمالي في العام 2017.
ومن المتوقع وفق بيانات المجلس العالمي للسياحة نمو المساهمة المباشرة للقطاع بنسبة 8.7 % سنوياً إلى 44.9 مليار ريال قطري (4.0 % من الناتج المحلي الإجمالي) بحلول العام 2028.
فيما بلغ إجمالي مساهمة قطاع السياحة والسفر (المباشرة وغير المباشرة) في الناتج المحلي الإجمالي نحو 59.6 مليار ريال قطري (17.372.1 مليون دولار أميركي)، ما يوازي 10 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2017 علما بأن إجمالي مساهمة قطاع السياحة والسفر يشمل «التأثيرات الأوسع» (أي التأثيرات غير المباشرة والمستحدثة) على الاقتصاد، والتي يندرج تحتها المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي والوظائف التي يدعمها القطاع.
وتوقع المجلس العالمي للسياحة والسفر أن يبلغ النمو السنوي المركب لقطاع السياحة القطري 8.6 % حتى 2028 بحيث يشارك القطاع بشكل مباشر بنحو 11.9 % في الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2028 لافتا إلى أن استثمارات السياحة والسفر سجلت في العام 2017 نحو 6.2 مليار ريال فيما يبلغ متوسط نموها السنوي المتوقع 7.8 % سنوياً لتصل إلى 14.5 مليار ريال بحلول العام 2028 ما يوازي 4.2 % من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وفي المقابل تشير التقديرات إلى أن قطاع السياحة والسفر يوفر حالياً نحو 175 ألف وظيفة في قطر ما يوازي 9.2 % من إجمالي العمالة في البلاد.
وتشير بيانات المجلس العالمي للسياحة إلى أن قطاع السياحة والسفر وفر نحو 93 ألف وظيفة جديدة في عام 2017 ويتوقع ارتفاع عدد الوظائف الجديدة إلى 90.5 ألف وظيفة بحلول 2028، ويشمل ذلك معدلات التوظيف الفنادق ووكلاء السفر وشركات الطيران وغيرها من خدمات نقل الركاب إلى جانب أنشطة المطعم وصناعات الترفيه المدعومة مباشرة من السياح ومن المرجح أيضا أن يخلق قطاع السياحة والسفر نحو 177 ألف وظيفة مباشرة بزيادة قدرها 6.9 % سنوياً بحلول 2028.