تحقيق- يوسف بوزية
يمثل التسويق معضلة تواجه أصحاب المزارع الصغيرة لارتباطه بمنتج موسمي وسريع التلف، حيث اشتكى بعض المزارعين من بعض القصور في تطبيق المبادرات الحكومية لدعم المنتج المحلي وإيصاله للسوق المحلي، حيث يتم شراء كامل إنتاج بعض المزارع بينما لا يتم إرسال طلبات شراء للبعض الآخر.. في ظل عدم وجود آليّة لتسويق منتجاتهم الزراعية في السوق المحلية، إلى جانب عدم توفر المياه ذات الجودة العالية وقلة مساحات الأراضي المناسبة زراعياً، بالإضافة إلى تكاليف الاستهلاك الكهربائي في المزارع وارتفاع تكاليف العمالة.
وقال علي بن أحمد الكعبي، مالك إحدى المزارع إن أصحاب المزارع الصغيرة إذا كانوا يواجهون مشكلة في تسويق منتجاتهم فإن الدولة تسهم في حل هذه المشكلة من خلال شراء الجهات والدوائر والوزارات الرسمية لمنتجاتهم وبنسبة مفتوحة طالما التزموا بالمواصفات، وهي سياسة داعمة للمنتج المحلي من شأنها تقليل الاحتكار من قبل التجار وتشجيع المزارعين على زيادة الإنتاج، مثمناً حرص الجهات الحكومية، بما فيها وزارة البلدية والبيئة على إطلاق المبادرات الرامية إلى دعم وتسويق المنتج المحلي والتي كان آخرها مبادرة «مزارع قطر» والتي أسهمت في طرح كميات أكبر من المنتجات الزراعية في الأسواق ما يشكل دعماً قوياً لأصحاب المزارع في السوق، حيث يزيد من أرباح المزارع ويقلل من أسعار المنتجات في الأسواق بشكل ملحوظ، مشدداً على أن الفائدة مزدوجة للمزارع والمستهلكين.
مبادرات تسويق
من جانبه قال المهندس الزراعي خالد الهواري إن دور وزارة البلدية والبيئة ساعد أصحاب المزارع في إيصال المنتجات الزراعية إلى السوق المحلي في المجمعات والسوق المركزي، مؤكداً أن المبادرات التي أطلقتها وزارة البلدية والبيئة، بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتجارة ساعدت أصحاب المزارع في تسويق منتجات الدرجة الأولى، التي تنتجها مزارعهم، موضحاً أنها مبادرة نوعية حظيت بإقبال المستهلكين في المجمعات المشاركة بخلاف مبادرة تسويق المنتج المميز القطري الذي يعتمد على تغليف المنتج ووضعه بأوزان وأسعار محددة.
وأكد توافر الخضراوات المحلية بنظام المفرق (بالوزن) من أصناف الطماطم، الخيار، الكوسا، الفلفل بأنواعه، الباذنجان بأنواعه، الملفوف، الزهرة، والبروكلي الورقيات والأعشاب وغيرها، في المجمعات الاستهلاكية المشاركة بجودة عالية وبأسعار مناسبة للمستهلكين تنافس نظيرتها المستوردة.
وبين بأن المنتج المميز والمشفوع بشهادة من وزارة البلدية يلقى رواجاً في المجمعات التجارية، مشيراً إلى إنتاج تسويق أكثر من 5 أطنان يومياً من الطماطم، وطن والنصف من الخيار، و2 طن من الباذنجان، و2 طن من الكوسا والفلفل بجميع أنواعه، و500 كيلو غرام ورقيات وطن والنصف من البروكلي والزهرة والملفوف، مشيراً إلى أن دخول المنتج المحلي بتلك الكميات إلى السوق المحلي إلى جانب منتجات المزارع الأخرى خلق توازناً في الأسعار.
ورحب المهندس الزراعي حسن محمد علي بفكرة إنشاء شركة مساهمة قطرية لأصحاب المزارع القطرية بهدف تقديم الدعم للمزارعين المحليين من خلال تسويق إنتاجهم، بالإضافة إلى تقديم خدمات زراعية أخرى متنوعة، مؤكداً أن ذلك من شأنه أن يسهم في إنهاء أزمة التسويق التي قد يعاني منها أصحاب المزارع الصغيرة.
ثقة المستهلك
بدوره أشاد علي جابر المري- مواطن بجودة المنتج الزراعي الذي حاز على ثقة المستهلكين نظراً لما يتمتع به من أسعار مناسبة وجودة عالية في ظل الاشتراطات والمواصفات التي تتطلبها الجهات المعنية في الدولة حرصاً على سلامة المستهلك بالدرجة الأولى، حيث لا مجال للغش التجاري أو التلاعب بأسعار المنتج المحلي، مشيداً بالوعي الوطني الذي تحلى به أصحاب المزارع بزيادة إنتاج مزارعهم، حيث اجتهدت الكثير من المزارع القطرية في رفد الأسواق وتغطية احتياجات المواطن والمقيم في بلادنا الحبيبة قطر، فضلاً عن الحملات الوطنية التي أطلقتها الجهات الحكومية لدعم المنتج الزراعي القطري وتسهيل إيصاله للأسواق.. كما شعر المستهلك القطري بأهمية دعم المنتج المحلي، خاصة أنه يتمتع بأسعار تنافسية وجودة عالية جعلت منه البديل المناسب مطالباً بتقديم المزيد من الدعم والتسهيلات من جانب الحكومة لأصحاب الأفكار والمشاريع الخاصة بالأغذية والزراعة، بما في ذلك توفير اراض زراعية للمواطنين الراغبين في خوض غمار الانتاج الزراعي، منوها بوجود العديد من الاراضي الصالحة للزراعة في قطر مع وجود العديد من المواطنين الراغبين في المساهمة في سد فجوة وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
124 مزرعة
يذكر ان 124 مزرعة محلية شاركت في عرض منتجاتها بمختلف ساحات المنتج الزراعي المحلي حتى الآن، حيث يتم تسويق نحو 30 ‎%‎ من إنتاج المزارع عن طريق الساحات.
وكانت وزارة البلدية والبيئة، بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتجارة أطلقت برنامج «مزارع قطر» لدعم وتحفيز المنتج الزراعي المحلي من أصناف الطماطم والخيار والكوسا والفلفل والباذنجان، والملفوف والزهرة والبروكلي والورقيات والأعشاب وغيرها، وإعطائه الأولية من حيث التسويق في أربعة مجمعات استهلاكية وهي الميرة وكارفور واللولو والتموين العائلي بأسعار مناسبة وأحجام وأصناف متعددة.
حركة البيع
وأسهمت مبادرات الدعم الحكومي في زيادة نسب إقبال المستهلكين وتنشيط حركة بيع المنتج القطري بما أسهم في تحقيق مصلحة المستهلك والمزارع على السواء، وأبدت المزارع القطرية المشاركة في تلك الفعاليات الاهتمام بجودة السلع المعروضة، حيث تمّ وضع اشتراطات ومعايير خاصّة بجودة المعروضات من الخضراوات والفواكه وسلامتها، خاصة وان وزارة البلدية والبيئة تمارس دوراً رقابياً على المزارع المنتجة، كما أن كافة منتجاتها تخضع للفحص المختبري والنظري من قبل المشرفين الزراعيين، بدءاً من مراحل الإنتاج والتعبئة في المزرعة وحتى أثناء عرضها للبيع.
مواصفات خاصة
كما تعاونت وزارتا البلدية والبيئة والاقتصاد والتجارة (قطاع حماية المستهلك)، في وضع العديد من الشروط والضوابط لتسويق الخضراوات القطرية المميزة بالمجمعات الاستهلاكية والتي من أهمها أن تكون الخضراوات منتجة بالبيوت المحمية وبأساليب إنتاجية متطورة، وان يتم تسويق هذه الخضراوات في عبوات مصممة خصيصاً لتسويق الدرجة الفاخرة المحلية، وأن تحمل هذه العبوات «شعارا» خاصا بالمنتجات القطرية المميزة بحيث يسهل الرقابة عليها، فضلاً عن تحقيق هذه السلع للمواصفات القياسية التي تم وضعها من جانب إدارة الشؤون الزراعية بما يضمن حصول المستهلك على خضراوات مميزة وفاخرة تضاهي نظيرتها المستوردة من دول العالم المتقدمة زراعياً وبأسعار مناسبة للمستهلك.
ويأمل المزارعون القطريون في تطوير القطاع الزراعي بعدد من الاقتراحات والحلول، من بينها تيسير الحصول على القروض الزراعية، ودعم الكهرباء للمزارع خاصة ذات الإنتاجية المحلية، ورفع نسب الدعم للقطاع لتماثل نسب الدول المجاورة، وبسرعة اعتماد المواصفات والمقاييس. كما قدموا اقتراحا بعمل مسابقات بين المزارع لتقديم أفضل منتج بجودة عالية، وذلك لخلق مناخ تنافسي يصب في مصلحة تطوير المنتج المحلي، وأشاروا إلى ضرورة وضع خطة لتفعيل عمل المزارع الحالية لتتحول من الإنتاج بشكل موسمي إلى إنتاج يدوم طوال العام.
عدد المزارع
وتقدر المساحة القابلة للزراعة في دولة قطر بنحو 650 كيلو مترا مربعاً (65 ألف هكتار)، أي ما يعادل 1 % من المساحة الإجمالية البالغة 11.521 ألف كيلو متر مربع، في حين يبلغ عدد المزارع 1282 مزرعة، من بينها 872 مزرعة نشطة.
وتشكل الحرارة العالية، وملوحة المياه الجوفية إلى جانب الأراضي القاحلة 3 تحديات أمام المستثمرين بالقطاع الزراعي، ولذك تولي الجهات المعنية الزراعات الحديثة رعاية خاصة، وأطلقت الدولة برنامجا للأمن الغذائي بهدف تأمين 70 % من احتياجات البلاد من المواد الغذائية بحلول عام 2023.
وفي سياق هذا البرنامج، لجأت المزارع للتقنيات الحديثة في الزراعة، حيث عملت مزارع الشركة العالمية على استبدال الزراعات التقليدية بأخرى حديثة - الهايدروبونك - والتي تزرع نباتاتها في مساحات محدودة من الأراضي وتوفر 80 % من استهلاك المياه، وتأثر فريق عمل من البرنامج أرسلته الشركة العالمية للخارج بتجربة المزارعين في منطقة مدينة الميريا جنوب إسبانيا بزراعات الهايدروبونك والأكوا بونك المحمية المنتشرة هناك، ربما لأن مناخها وظروفها تشابه أجواء دولة قطر.
وتنتج تلك المنطقة 30 مليون طن من الخضار والفاكهة شتاء، ويطلق عليها حديقة أوروبا، لأنها أكبر مدينة تحتوي على بيوت محمية زراعية في العالم.