بيروت - أ ف ب - استيقظت بيروت، أمس، تحت وطأة الصدمة غداة انفجار ضخم أسفر عن مقتل أكثر من مائة شخص وإصابة أربعة آلاف بجروح وتشريد 300 ألف، فيما يواصل رجال الإنقاذ محاولات العثور على ضحايا وسط الركام في مرفأ بيروت والمباني المدمرة. وأعلنت السلطات العاصمة اللبنانية مدينة «منكوبة» بعد الانفجار الذي قالت الحكومة إنه نتج عن تخزين 2750 طنا من مادة نيترات الأمونيوم في مستودع في مرفأ بيروت، فيما قال المعهد الأميركي للجيوفيزياء إنّه سُجّل كزلزال بقوة 3,3 درجات على مقياس ريختر.
تأتي هذه الكارثة بينما كان اللبنانيون يتابعون بعجز انهيار الاقتصاد في بلدهم ويعيشون تبعات هذا الوضع الهش الذي أضيف إليه وباء «كوفيد - 19»، شهد اللبنانيون الأربعاء كارثة أخرى تمثلت بانفجارين مدمرين أوديا بحياة كثيرين في مرفأ بيروت.
ومنذ أشهر، يلجأ عدد متزايد من اللبنانيين الذين يعانون من جراء الانهيار الاقتصادي، إلى المنظمات الإنسانية التي كانت خدماتها مكرسة بشكل أساسي إلى نحو مليوني لاجئ سوري وفلسطيني يعيشون في لبنان. لكن المنظمات غير الحكومية تتوقع الأسوأ بعد انفجار مرفأ بيروت الثلاثاء، الذي تسبب بدمار غير مسبوق وتحطم منازل وتشريد الآلاف.
وقال رئيس ومؤسس «مؤسسة عامل الدولية» كامل مهنا «هذا زلزال. أعمل في المجال الإنساني في لبنان منذ 47 عاماً، ولم أر أبداً أمراً كهذا».
وبعدما بلغت المستشفيات ذروة قدرتها الاستيعابية، تستقبل ثلاثة مراكز من هذه المؤسسة في العاصمة بيروت عشرات الجرحى منذ الثلاثاء لتقطيب جروح ومعالجتهم.
وخلال الأشهر الأخيرة، تفاقمت الأزمة الاقتصادية في لبنان من دون أن تستثني أي طبقة اجتماعية. ويحذّر خبراء من أن الطبقة الوسطى الدنيا بدأت بالاختفاء، مع خسارة الليرة أكثر من ثمانين في المائة من قيمتها أمام الدولار في السوق السوداء، فيما السعر الرسمي مثبت على 1507 ليرات. وانعكس تدهور قيمة الليرة على أسعار السلع كافة في بلد يعتمد على الاستيراد لتأمين الجزء الأكبر من احتياجاته، وخسر عشرات الآلاف وظائفهم أو أجزاء من رواتبهم. وتخشى مايا ترو مؤسسة منظمة «فود بلسد» التي تعنى بتقديم مساعدات غذائية اليوم من تفاقم انعدام الأمن الغذائي كون أن المرفأ كان المدخل الأساسي للواردات. وقالت إن «لبنان يستورد 80 % من احتياجاته الغذائية. تخيلت على الفور رفوف السوبرماكتات فارغة، والأسعار مرتفعة بسبب النقص».
استجداء
بلغت نسبة تضخم أسعار المواد الغذائية الأساسية 109 في المائة بين سبتمبر ومايو، بحسب برنامج الأغذية العالمي. وفي هذه الظروف، يجد غابي نفسه يطرق باب منظمة إنسانية لمساعدته على تأمين قوت عائلته في خضم الانهيار الاقتصادي وهو ما لم يكن يتوقع أنه سيفعله يوماً.
وأمام مقر منظمة «فود بلسد»، يقول غابي (50 عاماً) أحد سكان محلة الدكوانة شمال بيروت بعد حصوله على صندوق مساعدات، لوكالة فرانس برس بحسرة «من الصعب عليّ أن أقف هنا. أشعر وكأنني أستجدي». لكن ليس بيده حيلة، إذ إن راتبه التقاعدي الذي يبلغ 1600 دولار وفق سعر الصرف الرسمي، بات يعادل اليوم 300 دولار، على وقع الأزمة الاقتصادية التي تترافق مع تدهور قيمة الليرة مقابل الدولار. ولم يسعفه العمل كسائق سيارة أجرة مع راتب زوجته الممرضة في تأمين احتياجاتهم.