باتت السعودية والإمارات عند مفترق الطرق في الأزمة القائمة حالياً مع إيران واتهامها بالاعتداء على منشآت بترولية للدولتين.
وما لم يحصل البلدان على مساندة كافية من الولايات المتحدة وإسرائيل، فيجب عليهما عدم المكابرة والاعتراف بتفوق إيران العسكري والسعي إلى الوصول لحل دبلوماسي معها وإلا كانت العواقب وخيمة، وفق ما عبرت الكاتبة السعودية مضاوي رشيد في موقع ميدل إيست آي البريطاني.
سادت حالة من الهدوء الخادع مياه الخليج العربي منذ انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، وانهار هذا الهدوء في 12 مايو عندما تعرضت ناقلات بترول سعودية وإماراتية لهجمات غامضة في الخليج باستخدام طائرات مسيرة، وبعدها بيومين تعرضت محطتان لضخ البترول داخل السعودية لهجوم آخر باستخدام طائرات مسيرة.
كانت الخسائر المادية بسيطة، لكن الخسارة الأساسية تمثلت في اهتزاز صورة السعودية في العالم العربي كدولة تتعرض لعدوان دون رد.
ولم يهتم العالم كثيراً بهذين الهجومين لأنهما لم يؤثرا على تدفق البترول عبر مضيق هرمز الذي تعبره أكثر من 30 ناقلة يومياً. لكنه أظهر في الوقت نفسه ضعف السعودية والإمارات أمام مثل هذه الاعتداءات.
وقد أعلن الحوثيون بالفعل مسؤوليتهم عن الهجومين، وهذا الإعلان لا يمكن أن يخدع أحداً، فهم غير قادرين على التعامل مع تلك التقنيات المتطورة، ولابد أن يكون هناك طرف ما هو المسؤول الفعلي عن هذه الهجمات، وهذا الطرف لن يمانع في إشعال حرب واسعة النطاق في المنطقة، وهذا الطرف لن يخرج عن كونه إيران سواء من خلال خبرائها أو خبراء من حزب الله.
ولن يفيد النظام السعودي وحليفه النظام الإماراتي تصديق الرواية الحوثية والرد على الهجمات بغارات على صنعاء يسقط من جرائها عشرات الأبرياء، ولن يفيدهما إعلان أن التحقيقات لا تزال جارية لتحديد الطرف المسؤول، فهما يعلمان جيداً من المسؤول.
ويدرك الطرفان جيداً أن الدخول في مواجهة مع إيران لن تكون في صالحهما، والدليل على ذلك أن إيران تحتل ثلاثاً من جزر الإمارات منذ 1971 في عهد الشاه بشكل غير مشروع، ولا تتوقف الإمارات عن انتقاد إيران بسبب هذا الاحتلال، ولم يمنع ذلك الإمارات من دعم علاقاتها التجارية مع إيران حتى أنها باتت الشريك التجاري الثالث لها بعد الاتحاد الأوروبي والصين.
ويسعى النظام السعودي حالياً إلى الضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل لتخوضا الحرب ضد إيران بدلاً من السعودية، لكنه لم يحقق أي نجاح حتى الآن، ولا يعتقد أنه سيحقق.
فالولايات المتحدة وإسرائيل تدركان جيداً أن الدخول في مواجهة مباشرة مع نظام الآيات ستكون عواقبه وخيمة، والأفضل مواجهات غير مباشرة على الأراضي السورية كما تفعل إسرائيل، وبعض استعراضات القوة المظهرية والعقوبات الاقتصادية كما تفعل الولايات المتحدة.
وحتى لو وافقت الولايات المتحدة فسوف تطلب من النظام السعودي تحمل جميع التكاليف التي ستشكل باباً جديداً لاستنزاف أموال السعودية بعد استنزافها في اليمن مما جعلها ثالث دول العالم في الإنفاق العسكري.
وقد لا تفي واشنطن بوعودها في النهاية، ويكفي أن نعلم أن التصدي للصاروخ الباليستي الواحد الذي يطلقه خبراء إيرانيون من الأراضي الخاضعة للحوثيين يتكلف 3 ملايين دولار دون أن تحقق لنفسها الأمن المنشود وتظل عاجزة عن التصدي لمجرد طائرات مسيرة.
ولن تستطيع الدولتان خوض الحرب بنفسيهما، وحتى اللجوء للمرتزقة لن يكون مفيداً، خاصة أن النظام الإيراني يتمتع بدرجة معقولة من القبول الجماهيري، والمرتزقة لا يغنون عن جيش قوى لا يتوافر للسعودية ولا للإمارات، والحل الأفضل بسيط، وهو السعي للتفاهم مع إيران.هجوم ناقلات النفط أظهر ضعف السعودية والإماراتأميركا وإسرائيل تفضلان المواجهة غير المباشرةالمرتزقة ليسوا بديلاً عن جيش قوي