+ A
A -
مع انطلاق عجلة المُصالحة الاجتماعيّة في قطاع غزّة، لإنهاء مظاهر الانقسام الفلسطيني الداخلي بين حركتي فتح وحماس، الذي وقع صيف العام 2007، ومُبادرة عدد من العائلات التي فقدت أبناءها في أحداث الانقسام للعفو والمُسامحة، وأخرى لاستلام الديّة والتنازل عن الدم؛ تقفز المُصالحة الفلسطينيّة خطوة مهمّة إلى الأمام، وتحقيق الوحدة وإنهاء مظاهر الخلاف.
وتعتبر المصالحة المجتمعيّة أول خطوة عمليّة يتم القيام بها في قطاع غزّة نحو تحقيق المصالحة بعد عشرة أعوام من الانقسام الداخلي، وما رافق ذلك من جمود حاد في هذا الملف الذي مازال مفتوحاً بعد.. وتأتي هذه الخطوة بجهود مشتركة من لجنة المصالحة الفلسطينيّة، إلى جانب الفصائل الفلسطينيّة وعدد من الوجهاء ورجال الإصلاح.
وبحسب القائمين على ملف المصالحة المجتمعيّة، فإنّ عدداً من عائلات ضحايا الانقسام قبلت باستلام مبالغ ماليّة عبارة عن «ديّة مُحمديّة» مُقابل التنازل عن الدم والعفو الكامل، وأخرى مازالت ترفض، وتجري جهود حثيثة لإقناع كافة عائلات الضحايا بإنهاء هذا الملف شيئاً فشيئاً، وصولاً لإتمام المصالحة المجتمعيّة لدى كافة العائلات.
والد أحد ضحايا الانقسام عام 2007– طلب من الوطن عدم نشر اسمه- الذي قُتل برصاص مجهولين أثناء أحداث الانقسام، أكّد لـ الوطن: أنّ ابنه قُتل غدراً، ولم ترد العائلة الدخول في مناكفات وقضايا مع بعض المتهمين عن قتل ابنه لعدم تأكّد العائلة من الجاني الحقيقي، وحفاظاً على الدم الفلسطيني.
يضيف: «بعد مرور عشرة أعوام على هذه الأحداث المؤسفة، نحن نقبل بالديّة المحمديّة ونعفو ونصفح عن قاتل ابننا أياً كان، ونرجو المغفرة من الله عز وجل على كل زلة لسان أو ظن خاطئ، كما أدعو كل عائلات الضحايا لتغليب مصلحة الوطن والدم الفلسطيني والنسيج الاجتماعي على كل اعتبارات أخرى، وإنهاء هذه القضايا العالقة». من جهته، يقول رجل الإصلاح أبوأسامة حرب: «المصالحة المجتمعيّة هي أولى الخطوات العملية التي يتم القيام بها في قطاع غزّة تمهيداً لإنهاء الانقسام الداخلي بالكامل، وكان الأولى القيام بهذه الخطوة قبل أي إجراءات أخرى في سبيل تحقيق المصالحة؛ لأنه إذا ما تم العفو والمسامحة بين أولياء الدم فإن باقي الخطوات ستكون أسرع ومدعومة من كافة أطياف الشعب».
يضيف لـ الوطن: «نحن نثمّن ونُقدّر مشاعر ودور كل عائلات الضحايا التي قبلت بالدية وتنازلت عن حقها في الدم.. هؤلاء غلّبوا المصلحة الوطنية والاجتماعية فوق أي اعتبار، وساهموا بشكل كبير في إقناع عائلات أخرى بالعفو والمسامحة، فلهم منا كل التقدير والاحترام، وأسأل الله أن يجزيهم خير جزاء على سعة صدورهم».
بدوره، أكّد رئيس مجلس أمناء اللجنة الوطنية الإسلامية للتنمية والتكافل الاجتماعي «تكافل»، المشرفة على تنفيذ المصالحة المجتمعيّة، النائب عن حركة فتح في المجلس التشريعي ماجد أبوشمالة، أنّ اللجنة بدأت فعليّاً في طي صفحة سوداء من تاريخ الشعب الفلسطيني، وهي البداية الحقيقيّة لإنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي، ووحدة الصف الفلسطيني بعد أحداث الانقسام المؤسفة قبل عشرة أعوام.
ويتابع أبوشمالة: «نبدأ أيضاً في ردم شرخ اجتماعي خطير، كان في داخل المجتمع الفلسطيني، ونحن في غاية السعادة»؛ مُعبراً عن أمله في أن تتواصل هذه الجهود وتتكلل بمُصالحات حقيقية بين أبناء الشعب الفلسطيني، وتحدث المصالحة الوطنية العامة، بعد الانتهاء من المُصالحة المُجتمعية، بين أهالي الشهداء والجرحى، وموضوع الممتلكات الخاصة والعامة، وعودة الذين غادروا قطاع غزة له.
ويؤكد أن «إغلاق الملف ليس سهلاً، ولا يمكن القول إن إغلاقه بات قاب قوسين أو أدنى؛ فهو يحتاج لمزيد من الجُهد والعمل والوقت؛ مُعبراً عن أمله أن تتواصل الجهود لإنهاء وإغلاق الملف بشكلٍ كامل؛ وشعبنا سيرى مزيداً من المُصالحات بين أهالي الشُهداء وكل من فقدوا أبناءهم والجرحى، وإفراجاً كاملاً عن كل المُعتقلين، وعودة حقيقية لكل من غادروا القطاع».
ويواصل أبوشمالة: «نعقد مُصالحةً حقيقيةً داخل غزة، بين كل مكونات شعبنا، ونرى ذلك ونثبت للقاصي والداني أننا قادرون ونستحق دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس»؛ لافتاً إلى أن هذه الإجراءات أمل حقيقي لكل أبناء الشعب الفلسطيني، نأمل أن نراها في القريب العاجل، ويطوي شعبنا هذه الصفحة السوداء من تاريخه. من ناحيته، يؤكد القيادي في حركة حماس، وزير الثقافة السابق عطا الله أبوالسبح، أن ما يحدث اليوم من مُصالحة مُجتمعية هي لا تصب إلا في مصلحة الشعب الفلسطيني، وليست في مصلحة أجندات خارجية؛ مُتمنياً أن تُرص الصفوف وتتوحد، وتتابع الخطوات على هذا الطريق، وألا تكون هناك عراقيل.
ومن المقرر أن يُغطي صندوق لجنة التكافل الوطني النفقات الخاصة بعمل لجنة المصالحة المجتمعية، والذي سيتم تغطيته من بعض الدول العربية.
copy short url   نسخ
13/09/2017
818