+ A
A -
«أحارب دون الوطن هنا.. ويحاربون أولادي هناك»، هذه العبارة قالها جندي سعودي، من الحد الجنوبي لبلاده. يؤدي مهمته في الدفاع عن حدود بلده، مع اليمن، منذ نحو عامين ونصف العام. أما أولئك الذين يحاربون ابناءه، فليسوا جنود دولة معادية، ولا جماعات إرهابية، فقد كان الرجل يقصد، شرطة بلاده التي يدافع عن حدودها. حسب المقطع المنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، فالرجل عرف نفسه بأنه رئيس رقباء بكتيبة المهندسين في اللواء الحادي عشر، منذ بدء الحرب اليمنية، وهو مرابط على الحدود الجنوبية، بينما قامت الشرطة، في المحيا، بحملة أمنية، أطلقت فيها النار، لطرد أبنائه من منزلهم وهدمه.
الجندي السعودي، ليس حالة فريدة في السعودية، التي يعيش فيها ملايين الشباب، في فقر وبطالة، بسبب التردي الاقتصادي، وسوء توزيع ثروات البلاد. العجيب أن امثال «دليم»، ورغم آلاف الشكاوى والفيديوهات لسعوديين يشكون ضيق الحال، والظلم، يصمون آذانهم عن احوال مواطنيهم التي تثير الأسى والشفقة، ويتفرغون، لتزييف الاخبار ضد قطر. تلك الاخبار التي لا يصدقها الا هم بالطبع.
وفيما يصر «دليم» وجوقته على تصدير أزماتهم الداخلية العاصفة، إلى الخارج، ويواصلون إلهاء مواطنيهم، بالحديث عن قطر، وفبركة الاخبار عن القطريين، يواصل السعوديون أنينهم، الذي لا يتوقف عند حدود العوز الاقتصادي، في ظل التراجع الرهيب والعجز الكبير في الموازنة السعودية، وانما ايضا هناك أنين من نوع آخر، يتعلق بالظلم والاستبداد الذي يتعرض له كل صاحب رأي، وكل من يشكو من جور. فالاستبداد والقمع البوليسي، واضح وبين، في مقطع الفيديو، الخاص بالعسكري السعودي، فالأمن حرّك قواته المدججة بالسلاح، وأطلق النار، ليس من أجل مواجهة مع خارجين خطيرين عن القانون، وإنما لتفزيع اطفال، في منزلهم، في بلد يعاني من عشوائية في التخطيط للاسكان، بل وأزمة إسكان طاحنة، تقول البيانات، إن نحو ستين بالمائة من السعوديين يعيشون في مساكن مستأجرة.
ولا يتوقف الأمر عند حدود «دليم»، ومآسي المواطنين السعوديين.
فمواقع التواصل، تحفل بالعديد من «الشكاوى والبلاوي» التي تدين، كل دول الحصار، بالصوت والصورة ومن بينها ما تناقله عدد كبير من النشطاء لشاب إماراتي يدعى خليفة المعمري، يروي عبر مقطع فيديو فصول المعاناة التي واجهها في سجون الأجهزة الأمنية الإماراتيّة.
ويروي المعمري في الفيديو جزءاً مما حصل له في سجنه المتكرر، حيث ما أن يخرج من السجن حتى يعود إليه مرة جديدة، ويظهر في المقطع كم الألم والحسرة والمعاناة التي يعانيها هذا الشاب الإماراتي.
وعبّر نشطاء مواقع التواصل عن تضامنهم الكامل مع المعمري، متسائلين: كيف لشخصية مثله كان يعتبر رمزاً للنشاط والحيوية أن يصل به الحال إلى ما هو عليه، لا لشيء سوى أنه اختار أن يعبر عن رأيه؟
في الفيديو يقول المعمري إنّه لا يود أن يتحدث عن تفاصيل التهم التي وجهت له في سجنه، كي «لا تأتيه بلوى أخرى» كما قال.
يذكر أن سجون الإمارات سيئة السمعة بفعل ممارسات أجهزة أمن الدولة من اعتقالات تعسفية بحق الناشطين والمعارضين، وكذلك حالات الاختفاء القسري المتكررة في تلك السجون، والتي نددت بها مراراً وتكراراً مؤسساتٌ حقوقيّة دولية، ودعت السلطات الإماراتية إلى وقف هذه الممارسات البشعة بحق النشطاء والمعتقلين.
فيديو العسكري السعودي، والسجين الإماراتي الدائم، مجرد نموذج للأزمات التي يعيشها المواطنون في دول الحصار، وعلى رأسها السعودية والإمارات، بينما إعلامهم، يصر على مزيد من السقوط في مستنقع الأكاذيب والافتراءات، حول قطر.
ان النصيحة، لمستشاري السوء من امثال «دليم» والمزروعي، ومن على شاكلتهم، أن يخصصوا جزءا ولو يسيرا من الوقت الذي ينفقونه في «تنعيقاتهم» الساذجة، والمثيرة للسخرية، من اجل مشاكل مواطنيهم، التي يشكل مقطعا الفيديو اللذان عرضنا لهما، مجرد نموذج مبسط، لما هو أعمق وأكثر مأساوية. فلو كانت وسائل إعلام الحصار والمغردون المجندون في الحملة على قطر، لديهم أدنى ذرة من المهنية والاحساس بالمسؤولية تجاه بلدانهم، لكانت مشاكلهم المتعلقة بالبطالة أو الفقر أو الاعتقال على جدول أولوياتهم، بدلا من مواصلة السقوط في مستنقع الكذب والتلفيق، الذي لا يصدقه الا من يكتبونه.
copy short url   نسخ
23/08/2017
2130