+ A
A -
نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تقريراً موسعاً، حول دور الإمارات في تقويض عملية السلام في اليمن وليبيا، وفي خلق خلافات بين حلفاء أميركا الخليجيين، وتعزيز حكم الأنظمة المستبدة في الشرق الأوسط، معتبرة أن تلك السياسات «باتت تشكل صداعا» في رأس الإدارة الأميركية.
وحسب تقرير للصحيفة «واشنطن بوست» بعنوان «انقضاض الإمارات على أعدائها يتحدى تحالفها مع الولايات المتحدة»، فإنه مع اندلاع الحرب الدموية في اليمن، قبل عامين، دعت الولايات المتحدة الأطراف المتقاتلة إلى وقف إطلاق النار، لكن جهود واشنطن قوضها واحد من أكثر الحلفاء الموثوق بهم، وهو دولة الإمارات.
وأضافت الصحيفة أنه رغم مقتل المئات في المعارك والضربات الجوية، التي نفذها التحالف العربي، بقيادة السعودية، إلا أن الإمارات، وهي جزء من هذا التحالف، شجعت شركاءها على مقاومة مناشدات وزير الخارجية الأميركي- آنذاك- «جون كيري» لإجراء محادثات سلام أو وقف إطلاق النار.
وحسب رسائل إماراتية دبلوماسية مسربة، قال ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، خلال اجتماع مع رئيس الوزراء اليمني- آنذاك- «خالد بحاح» إن «اليمنيين يجب أن يكونوا حازمين في مواجهة محاور مقنع مثل كيري»، مضيفا أن على الدول الخليجية، أيضا، أن «تقف حازمة».
وألمح بن زايد، خلال الاجتماع المذكور، إلى تحرك الإمارات في الشرق الأوسط، باستخدام القوة العسكرية والدبلوماسية والوسائل السرية لتعزيز الحلفاء ومكافحة الخصوم. وقالت «واشنطن بوست» إن دور الإمارات في اليمن، وغيرها من الإجراءات الأخيرة، تتعارض مع سياسات الولايات؛ ما عقد العلاقات العسكرية لواشنطن التي تعود لعقود طويلة.
وظهرت التوترات في التحالف الأميركي الإماراتي للعيان، الشهر الماضي، عندما قال مسؤولون في المخابرات الأميركية إن الإمارات دبرت عملية قرصنة على موقع وكالة الأنباء القطرية (قنا)، وهي القرصنة التي كانت (في الظاهر) سببا في إثارة خلافات حادة بين حلفاء أميركا الخليجيين، ودفعت البيت الأبيض إلى المسارعة بعملية وساطة لإنهاء تلك الخلافات.
أيضاً، تباينت المصالح الإماراتية والأميركية في ليبيا؛ حيث اشتكى مسؤولون أميركيون من أن أبوظبي تحبط جهود السلام في هذا البلد العربي.
كما ورط الصراع الوحشي في اليمن الولايات المتحدة في اتهامات بالتواطؤ في جرائم حرب بسبب دعمها للإمارات وحلفائها الخليجيين.
مسؤول أميركي رفيع سابق حذر من خطورة الضوء الأخضر الذي منحته واشنطن لأبوظبي للتحرك كقوة عسكرية مستقلة في المنطقة.
وفي عام 1981، وبعد عقد من استقلال الإمارات، توجه «محمد بن زايد»، الذي أصبح لاحقا ولي عهد أبوظبي، إلى واشنطن بطموحات كبيرة لشراء طائرات مقاتلة أميركية من شأنها أن تعزز القدرات العسكرية للإمارة الغنية بالنفط، وتحويل بلده إلى قوة عالمية. وعن وضع الإمارات و«بن زايد» وقتها، قال دبلوماسي أميركي سابق: «لم يكن أحد يعرف شيئاً عن الإمارات. من كان هذا الطفل؟».
والإمارات تنشئ الآن سلسلة من القواعد في إفريقيا التي من شأنها أن تمنحها قدرات أكبر على التمدد عسكريًا.
لكن نظرة الإماراتيين لاستقرار بلدهم والمنطقة، كما يقول منتقدوها، تضمنت احتضانا مقلقا لقادة الاستبداد الذين يتشاطرون معها الكراهية لإيران أو للإسلاميين، إضافة إلى عدم التسامح مع أي معارضة سياسية.
صداع لأميركا
وقد خلق هذا الموقف صداعا للولايات المتحدة، بما في ذلك في ليبيا.
ففي حين لعب الطيارون الإماراتيون دورا محوريا في التدخل الدولي عام 2011، الذي أطاح بـ«معمر القذافي»، تصاعد شعور الإحباط لدى المسؤولين الأميركيين في السنوات التالية؛ عندما قدمت أبوظبي والقاهرة دعما عسكريا وماليا للجنرال «خليفة حفتر»، الذي شن حملة عسكرية عنيفة ضد الكتائب الإسلامية التي ساهمت في إسقاط «القذافي».
وهذا الدعم ينتهك الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على توريد السلاح إلى ليبيا منذ عام 2011.
كما يرى المسؤولون الأميركيون أن «حفتر» يشكل عقبة أمام التوصل إلى حل سياسي في ليبيا.
وعن ذلك، قال السفير الإماراتي في الولايات المتحدة، «يوسف العتيبة»، في تصريحات مؤخرا: «ما نريده في ليبيا هو حكومة علمانية مستقرة، وهذا هو الشيء نفسه الذي نريده في سوريا واليمن».
وفي غضون أيام من زيارته إلى منطقة الشرق الأوسط في مايو 2015، كان «كيري» قادرا على تأمين وقف القتال في اليمن. لكن وقف إطلاق النار لم يصمد سوى بضعة أيام.
وبعد أكثر من عامين، قُتل آلاف من المدنيين في اليمن جراء الغارات الجوية لقوات التحالف العربي، والقصف المدفعي، وإطلاق النار.
كما أن الملايين من اليمنيين باتوا مهددين بالجوع والمرض، بما في ذلك وباء الكوليرا.
انتهكات حقوقية
ووجهت تسع منظمات حقوقية ودينية ومدنية رسالة إلى وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس بشأن ما يتردد عن انتهاكات إماراتية وقوات يمنية تدعمها أبوظبي في اليمن.
وجاء في الرسالة التي نشرتها منظمة هيومن رايتس ووتش على موقعها الإلكتروني أن تلك الانتهاكات تشمل الاعتقال التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة والاختفاءات القسرية ونقل المحتجزين بشكل مخالف للقانون.
ودعت المنظمات ماتيس إلى توجيه الأجهزة التابعة له لإماطة اللثام عن أية إجراءات اتخذتها الولايات المتحدة بشأن تورط أي من القوات الإماراتية أو اليمنية في «انتهاكات خطيرة».
ونوهت المنظمات بأن وزير الدفاع الأميركي سبق أن رد بشكل سري على رسالة من أعضاء بارزين في لجنة الخدمات العسكرية بمجلس الشيوخ طالبوه فيها بالتحقق بصورة عاجلة من الحقائق والظروف المحيطة بتلك الانتهاكات.
وقالت «لا علم لنا عن أي تحقيق مماثل تجريه وكالة الاستخبارات المركزية الـ (سي آي إيه) أو مكتب التحقيقات الفدرالي أو أي وكالات حكومية أميركية أخرى».
واستشهدت الرسالة بتقرير لوكالة أسوشيتد برس للأنباء عن نقل سجناء للاستجواب على متن سفينة فيها خبراء أميركيون.
وحثت المنظمات الموقعة على الرسالة واشنطن على أن تطلب من الإمارات والقوات الأخرى «المتورطة» الكشف عن كافة مواقع الاحتجاز، وتقديم معلومات عن كل من هم قيد الاحتجاز أو من قضى منهم في المعتقل.
ووقعت على الرسالة منظمات، من أبرزها الاتحاد الأميركي للحريات المدنية، والعفو الدولية (أمنستي إنترناشونال)، وهيومن رايتس ووتش، والحملة الوطنية الدينية المناهضة للتعذيب، وأطباء من أجل حقوق الإنسان.
وبعثت المنظمات نسخة من الرسالة إلى عدد من المسؤولين واللجان التشريعية الأميركية، من بينهم وزير الخارجية ريكس تيلرسون، ووزير العدل جيف سيشنز، ولجان الخدمات العسكرية والمخابرات والعدل في الكونغرس، ومستشار الأمن القوم هربرت ماكماستر.
copy short url   نسخ
06/08/2017
2507