+ A
A -
مدريد - الوطن - زينب بومديان
اهتمت الصحف الاسبانية بموضوع المطالب الخليجية بإغلاق قناة الجزيرة، وتناولت الموضوع من جميع جوانبه، موضحة للقراء تاريخ شبكة «الجزيرة» منذ اطلاقها عام 1996 ومراحل الأزمة بينها وبين الانظمة العربية المتسلطة، وأسباب الاصرار الحالي على غلقها، مؤكدين على أن «الجزيرة» منذ بداية انطلاقها قدمت مادة اعلامية مغايرة للاعلام السلطوي الذي كان سائدا في ذلك الوقت،
ومثلت الجزيرة صوتا للمعارضة وللحكومات، وقدمت انفرادات اعلامية ازعجت السلطات الحاكمة في أغلب الدول العربية، كما روجت لمفاهيم مهمة لم تكن مثارة في الاعلام السلطوي مثل «الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وحرية التعبير»، كما رافقت ثورات الربيع العربي وتبنت صوت الشارع ضد الأنظمة الدكتاتورية، ولهذا أصبحت الجزيرة العدو اللدود للانظمة الدكتاتورية وغلقها بات الهدف الأول والاخير لهم.
حيادية مهنية
من جانبها نشرت صحيفة «الباييس» الاسبانية حوارا مع، وضاح خنفر، المدير السابق لقناة الجزيرة الفضائية «2003-2011»، قال فيه، إن قطر رفضت بشدة المطالب الخليجية بغلق قناة «الجزيرة»، كونها مطالب تهدد حرية الصحافة والتعبير، وتمثل فقدان الاداة الوحيدة للتأثير والاقناع في العالم العربي، لانها قناة تليفزيونية انتهجت منذ البداية «الشفافية الاعلامية» وقدمت للمنطقة العربية وجبة اعلامية تنويرية اعدت بكل حيادية ومهنية، لذلك فإن قائمة المطالب التي تحتوي على 13 بندا وقدمت للدوحة للموافقة عليها شرط انهاء الحصار المفروض عليها منذ الخامس من يونيو الماضي هي مطالب «غير مجدية» ولا يمكن لقطر قبولها، فوسائل الاعلام القطرية «صوت مستقل» يهدف إلى غرس المثل العليا بين الشباب، خاصة ابان ثورات الربيع العربي، ودعمت مبدأ الثورات السلمية وخلق بيئة جيدة للحوار، كما اعطت «الجزيرة» فرصة جيدة للشباب للتعبير عن أفكارهم، لكن الانظمة الدكتاتورية العربية تظن أن تكميم الافواه والاعتقال في السجون هو السبيل الافضل لإعادة بناء مستقبل المنطقة، فدول مثل السعودية والامارات اعربت بشكل علني عن عدائها للربيع العربي، وبالتالي معارضتها لكل صوت «إعلامي وسياسي» يدعم حق الشعوب في التحرر.
وأضاف خنفر لـ «الباييس» أن الوضع الحالي في الخليج العربي يمنح الفرصة لـ «العديد من التحالفات والهيمنة»، وذلك بمسببات سعودية اماراتية مصرية بحرينية، فهم فقط السبب في ذلك وهم من فتحوا المجال لحدوث ما يخشونه، ومن المبكر جدا أن نتصور كيف سيكون حل النزاع الحالي في الخليج العربي، خاصة أن النزاع «الشيعي السني» هو أحد اهم أسباب هذه الأزمة «الكارثية»، مؤكدا على أن أوروبا يجب أن تتدخل للحيلولة بين ارتكاب مزيد من الكوارث في منطقة الشرق الاوسط، خاصة أن ذلك يصب في صالح الإرهاب في المنطقة، ويجب على جميع الدول الاوروبية الوقوف إلى جانب ألمانيا في موقفها الايجابي للغاية في حل النزاع في منطقة الخليج.
أزعجت الدكتاتور
ونشتر صحيفة «تيليسير» الاسبانية، تحت عنوان «التكتل العربي يسعى لإغلاق قناة الجزيرة القطرية»، جاء فيه أن شبكة «الجزيرة» التليفزيونية القطرية تتمتع بأعلى نسبة مشاهدة في المنطقة العربية منذ تأسيسها عام 1996، وتمدد نجاحها ليصل إلى مختلف دول العالم بأكثر من لغة، وعلى أثر الأزمة الخليجية التي اندلعت بين قطر وجيرانها «السعودية والبحرين والامارات، ومصر» طالبوا بإغلاق القناة الاخبارية وجميع القنوات التابعة لها، وهو مطلب مهم بالنسبة للدول الخليجية لانهاء الأزمة مع قطر، كونها قناة اتخذت خطا تحريريا لاذعا وحماسيا مما تسبب في ازعاج هذه الانظمة العربية، مكونين كتلة ضد الدوحة للضغط عليها من اجل اغلاق القناة وقطع صوت المعارضة.
وأضافت الصحيفة، أنه من نشأة قناة «الجزيرة» تسببت في ازعاج الطغاة وأحرجت بممارستها الصحفية المحترفة العديد من الانظمة السلطوية، ما دفعهم لاتهامها بالانحياز للإسلاميين، ودعمها للإرهاب، وبدأ اول الاحتكاكات بين الجزيرة والانظمة العربية المعادية لها عام 2002 عندما سحبت السعودية سفيرها من الدوحة احتجاجا على معلومات اذاعتها الجزيرة حول خطة السعودية للسلام بين فلسطين وإسرائيل، وهو ما لم يعجب النظام السعودي آنذاك، وزاد من حدة العداء قيام «الجزيرة» بتغطية ثورات الربيع العربي، الذي يمثل للكتلة العربية الحالية «تمردا شعبيا» ضد الحكام، في حين تعاملت معه الجزيرة كحراك شعبي من أجل التحرر، وبثت الجزيرة مراحل الانقلاب العسكري عام 2013 ضد الرئيس محمد مرسي، ما دفع النظام المصري الحالي لوصف الجزيرة بأنها المتحدث باسم جماعة الاخوان المسلمين في مصر.
لماذا الاغلاق؟
وتحت عنوان «لماذا يريدون إغلاق الجزيرة؟» نشرت صحيفة «الكوميرسو» الاسبانية، أن دولا عربية اربعا هي «السعودية ومصر والبحرين والامارات» تسعى لاغلاق قناة الجزيرة التليفزيونية التي انطلقت قبل اكثر من عقدين من الزمن ويعمل بها نحو ثلاثة آلاف موظف، اثر أزمة دبلوماسية حادة بين قطر وجيرانها في الخليج العربي، مند الخامس من يونيو الماضي، حيث اتهموا الدوحة بدعم الإرهاب والتدخل في شؤون دول الخليج الداخلية، واقامة علاقات مع العدو اللدود لهم «إيران»، في حين نفت قطر جميع هذه الاتهامات، ومازالت جهود الوساطة الكويتية الاوروبية الأميركية مستمرة وهي ناجحة حتى الآن، لكن الشرط الصعب الذي رفضته الدوحة هو اغلاق قناة «الجزيرة» الفضائية، التي تأسست عام 1996 واصبحت أكثر شهرة ليس في المنطقة العربية فقط بل في العالم كله، وتعمدت منذ بدايتها كشف أوجه الطغيان في العالم العربي من خلال ممارسات صحفية احترافية احرجت السلطات الدكتاتورية في البلدان العربية المشكلة للتحالف ضد قطر الآن، وقد بدأت أولى الازمات الحقيقية الكبرى بين الجزيرة والانظمة المتسلطة عام 2002 عندما احتجت السعودية على ما تنشره الجزيرة وسحبت سفيرها من الدوحة، تبعها الاحتجاجات والازمات المتكررة كلما تطرقت الجزيرة لموضوع يخالف رأي الانظمة العربية، وعندما توسعت الجزيرة في تغطية ثورات الربيع العربي وتبنت صوت الشارع العربي اصبحت هدفا وحيدا لهذه الانظمة العربية، وأصبح هدف اغلاقها يمثل اولوية لهذه الانظمة.
خط مغاير
كما نشرت صحيفة «كورييو ديل أرينوكو» الدولية الصادرة باللغة الاسبانية، تحقيقا تحت عنوان «قناة الجزيرة المتمردة التي تريد السعودية اغلاقها»، جاء فيه، ان المملكة العربية السعودية وحلفاءها أعلنوا انهم مدوا المهلة الممنوحة لقطر للموافقة على مطالبهم لمدة 48 ساعة، ومن بين المطالب الـ13 مطلب بغلق قناة «الجزيرة» الاخبارية التي مثلت منارة مهمة بين القنوات العربية الحرة، واستطاعت أن تكسر هيمنة وسائل اعلام السلطة في جميع الدول العربية التي كان اعلامها يعمل بمنهج «العصور الوسطى» وهو ابراز صوت الحاكم والحكومة فقط مصدرا اساسيا وحيدا للخبر والمعلومة، لكن الجزيرة اتخذت خطا مغايرا بتبني جميع وجهات النظر والانحياز للشعوب في أغلب الاحيان، ما جعلها هدف الانظمة المتسلطة الممتد خارج اراضيهم ومنطقة نفوذهم.
وأضافت الصحيفة: وبشكل مفاجئ لم يكن متوقعا اعلنت السعودية وحلفاؤها يوم 23 يونيو الماضي فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية لم يسبق لها مثيل ضد قطر، وقد نجحت قطر في تخطي الازمة، لكن مازالت الدول المحاصرة تتمسك بمطالبها في حين تتمسك الدوحة ايضا بالرفض مهما كانت تبعات ذلك، كونه مساسا بسيادة الدولة وانتهاكا لحقوقها، وأكدت الدوحة على أن الجزيرة التي مر 21 عاما على انطلاقها تمثل مصدر فخر واعتزاز للنظام والشعب القطري، وستظل تعمل وفق سياستها الاعلامية حتى وان ازعجت السلطات الحاكمة في بعض الدول العربية، كونها تمثل ظاهرة فريدة من نوعها في الوطن العربي، منذ أن بدأت بثها عام 1996، وأحدثت ثورة كبيرة في عالم الاعلام العربي، كما لعبت دورا رئيسيا في عام 2010 لاندلاع ثورات الربيع العربي في مختلف انحاء العالم العربي.
وأضافت: قبل بث الجزيرة كان الاعلام العربي شموليا يقدم للجمهور هراء، ويركز محتواه الاعلامي بشكل رئيسي على اخبار الحاكم ورموز السلطة وتقديمهم للجمهور كصوت وحيد، لكن الجزيرة انهت هذا العصر وأعطت مساحة أو صوتا للجميع «حكومة ومعارضة»، وكسرت الصمت الرهيب للمدن العربية بتقديم برنامج «الاتجاه المعاكس» لفيصل القاسم، ليتبعها سلسلة من الانفرادات الصحفية بدءا من تغطية عملية «ثعلب الصحراء» في العراق عام 1998، وبعدها مقابلة مع اسامة بن لادن بعد احداث 11 سبتمبر، والغزو الأميركي لأفغانستان، وكانت الجزيرة الوحيدة في الوطن العربي التي تقدم هذه النوعية من المادة الاعلامية، وكانت مصدرا مهما لوكالات الانباء العالمية، كما كانت الجزيرة أول من ادخل الصحافة الاستقصائية في الاعلام العربي، وفتحت برامجها لجميع انواع الضيوف، ما دمر تماما المحرمات الاجتماعية والسياسية وخلق هذا الموقف المتمرد طريقا جديدا للاعلام العربي، كما سوق مفاهيم مهمة في العالم العربي مثل «الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وحرية التعبير»، وهذا كله ازعج الحكومات المتسلطة في المنطقة العربية منذ ذلك الحين حتى الآن، خشية اضعاف قبضتهم على السلطة.
copy short url   نسخ
07/07/2017
1272