+ A
A -
رغم العديد من السلبيات التي رافقت قمة البحر الميت وما تحقق من «لعنة الأرض الواطئة»، كما يقول المؤمنون بالأساطير، مازلت أصر على أن هذه القمة التي حضرها «16» رئيس دولة ولم يقاطعها أحد، تمثل اختراقاً مهماً ستظهر تفاصيله لاحقاً.
واستلهاماً للمثل القائل «ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع»، فإن ذروة الصراع المذهبي والطائفي الذي فرضته إيران على المنطقة منذ شمت رائحة «الربيع العربي» المشؤوم، وصلت إلى نقطة لا مجال للقفز فوقها، وهبطت في الوقت ذاته إلى قاع هاوية لا مجال فيها للنزول أكثر.
ويمكننا القول إن كل جوانب الصراع الديني والعرقي قطعت الأشواط كاملة وتمخضت عن دم ودمار وخراب تحسب خسائرها بالتريليونات وليس بالمليارات، مع توافر أدلة وعلامات على أن اقليم الشرق الأوسط والخليج بات على عتبات تسوية قنصلية بعد ذوبان الجزء الأعظم من الشرور والمفاسد وحتى الأطماع.
ورغم قول جنرالات أميركيين في الأيام الأخيرة إن الجهة الملامة في تأجيج الصراع هي إيران التي مازالت تسعى للهيمنة على الشرق الأوسط والخليج، فإن ثمة احتمالاً معقولاً بأن يبدأ صناع القرار في طهران مسيرة التراجع بعد أن لمسوا ضعف المعسكر العربي المؤيد لمغامرتهم الامبراطورية، وجدية الولايات المتحدة في منعها من السيطرة على أراضي وحكومات دول عربية كالعراق وسوريا واليمن ولبنان، أو زعزعة استقرارها وأمنها.
وإذا كان باراك أوباما قد عامل إيران بلين لا يليق بالرؤساء، مما شجعها على ركوب موجة التوسع الاقليمي، فقد جاءت إدارة ترامب لتقلب الطاولة، حيث سمعنا الجنرال جوزيف فوتيل قائد القوات المركزية الأميركية في الشرق الأوسط يتهم طهران قبل ساعات بالعمل على جعل الاقليم كوكباً سياراً يدور في فلكها.
ولم يتوقف فوتيل عند هذا الحد، فقد قال إن طهران زودت الحوثيين الذين انقلبوا على الحكم الشرعي اليمني المعترف به دوليا، بأسلحة متطورة تمكنهم من تهديد الملاحة الدولية في باب المندب، مضيفاً أن إيران تتسبب في وقوع «300» حادث احتكاك مع البحرية الأميركية في مضيق هرمز سنوياً.
ويدرك العالم بمعظمه أن إيران دولة مارقة ومشاغبة وتتعامل باستعلاء مع جيرانها العرب وخاصة دول التعاون التي ننصحها بعدم الانجرار إلى محاورة طهران إلا بعد أن تنسحب من أربع عواصم عربية تهيمن على حكوماتها وبعض أراضيها، ومن ثلاث جزر إماراتية أعلنت عليها قبل أيام «السيادة الأبدية»، عدا عن استفزازاتها المتواصلة للمجتمعات الخليجية وأنظمتها السياسية.
لكن على عقلاء العرب أن يشجعوا أصوات اعتدال تظهر على الساحة الإيرانية، لفتح الأبواب نحو رفع طهران يدها السياسية والعسكرية عن الدول العربية، وإبداء رغبتها بذلك علناً، مما يمهد لبدء حوار بين جيران جادين.
أكرر دوماً، أن قرار الحرب في الخليج إيراني وقرار السلم إيراني أيضاً، وأن الدول العربية لا تعادي إيران وإنما تدافع عن نفسها ضد خطط التوسع في أراضيها.
copy short url   نسخ
31/03/2017
788