+ A
A -
كتب- يوسف بوزية
للبر قصة مع «هل قطر».. فصولها تبدأ مع أولى بشائر المطر الذي يغسل الهواء والأرض، حيث يحزم «هواة البر» الأمتعة ويشدّون الرحال لتدشين «رحلة الشتاء والبر» جرياً على عادة الآباء والأجداد، في استثمار «اعتدال المناخ» للترويح عن النفس بين أحضان الحياة البرية واستكشاف الطبيعة.
لكن بعض «المُخيّمين» الذين يفتقدون حس الرقابة الذاتية ولا يستشعرونها في مخيماتهم وسلوكياتهم، يُصرّون على تعكير صفو الموسم ببعض الممارسات السلبية داخل مخيمات البر أو البحر أو الاثنين معاً، مما يتسبب في ضرر للبيئة.
وفضلا عن إلقاء «المُخلّفات» في المناطق البرية هناك ظاهرة سلوكية لا تقل أثراً سلبياً وضرراً فعلياً بالبيئة عن الأولى، تتمثل في ظاهرة الاحتطاب وما تسببه من «ضغوط كبيرة» على الغطاء النباتي والبيئة البرية التي تعاني من جفاف وقلة الأمطار في معظم أشهر السنة.
هنالك من يستغل خيرات المناطق البرية مع دخول فصل الشتاء، من خلال التحطيب وقطع أشجار السمر لزوم «سهرات السمر».. أو بيعها في موسم التخييم والبر.. في حين يعبّر مواطنون آخرون أنعم الله عليهم بحس المسؤولية.. عن تقديرهم للقيمة التراثية والبيئية للأشجار فيحرصون على الحفاظ عليها لأنها تمثل موروثاً هاماً، وهم يختارون (القِطع الجافة) دون التعرض لأغصانها الخضراء بالكسر والإتلاف.
تغليظ العقوبة
الوطن تجدد التأكيد على ضرورة التوعية بشأن هذه القضية، وترصد آراء وملاحظات بشأن المحافظة على بيئة البر، حيث أكد مواطنون أهمية التوعية لمرتادي البر للخروج بموسم التخييم بحد أدنى من المخالفات، تعزيزاً للحفاظ على البيئة والحياة الفطرية في دولة قطر.. فيما طالب آخرون بتغليظ العقوبة على من يقطعون الأشجار بغرض التدفئة، مشيرين إلى أن الجدية في رصد المخالفات من شأنها ردع المستهترين والتزام مرتادي البر بالشروط والقوانين.
وفي هذا السياق قال لـ الوطن، الدكتور سيف الحجري إن الاعتداء على حرمة الأشجار وتقطيعها بغرض التدفئة يهدم القيمة التراثية والبيئية للأشجار، في حين يجب إبداء الحرص على الحفاظ عليها لأنها تمثل موروثاً مهماً. مؤكدا في تصريحات لـ الوطن على أهمية شيوع ثقافة مسؤولية الفرد والمجتمع تجاه احترام الحياة البرية ونظافة البيئة، ورفع مستوى الوعي البيئي بين مرتادي المناطق البرية للمحافظة على البيئة الطبيعية، والحياة الفطرية في بر قطر، وتوعية مرتادي تلك المناطق بعدم التعرض للأشجار حيث يلجأ بعض هواة إشعال النار تحت الجذوع الكبيرة لتلافي حركة الرياح حيث يبدأ يتكون نوع من الفراغ بتأثير اللهب ويتآكل جذع الشجرة في النهاية لتهرم وتسقط.. علينا أن نراعي هذه الحياة الموجودة لأن البيئة تتعرض أصلا لقساوة المناخ وتحتاج إلى الاهتمام بينما عدم الاهتمام بها يعني أننا لن نجد متعة في البر.
احترام الحياة البرية
وأضاف د. الحجري: يجب أن نشعل النار في مكان مناسب ثم نترك المكان بأفضل مما كان وهذا لا يتطلب وقتا وجهدا كبيرين، لأن هذا المكان سيتم استخدامه أكثر من مرة أو من جانب أكثر من شخص.. فلا بد أن نراعي قيم الحياة في البر أسوة بآبائنا وأجدادنا الذين حرصوا عليها لأن المنافع التي جنوها كانت مباشرة أما الجيل الحالي فهو لا يرى منافع مباشرة فلا بد من تكثيف برامج التوعية في هذا المجال، على غرار برامج المؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا لربط الناس بالحياة البرية والاستمتاع بأجوائها.. أن نترك المكان بأفضل مما كان هو شعار يجب أن يرفعه هواة البر.. وإذا وجدنا مخالفات بقطع الأشجار للتدفئة أو رمي المخلفات فهي سلوكيات يجب ألا نقتدي بها بل يجب تصويبها والتنبيه على أضرارها لأن تصحيح أخطاء الآخرين يعتبر صدقة.. ويؤكد حسك ووعك البيئي وحبك لوطنك لأن حب الوطن هو التزام بالقوانين وليس رفعا للأعلام.. ونحن نهيب بالشباب والأسر تدريب أطفالهم على احترام الحياة البرية لأن هذا هو سلوك وليس معرفة فالمخالفات يرتكبها خريجو جامعات وهي ليست قصة معرفية بل سلوكية لا بد أن تنمى منذ الصغر وهي مسؤولية الأسر الحاضنة ثم مسؤولية المناهج المدرسية ودور التعليم غير الصفي في تعزيز قيم التعامل مع البيئة.. وهي قيم إسلامية أولا وأخيرا تحث على حسن التعامل مع النعم.. وإن جزءًا كبيراً من الكائنات في البر القطري كالحيوانات البرية والطيور تواجه الموت في البر لأنها تأكل ما يخلفه الناس في رحلاتهم كالمواد والقطع البلاستيكية.
معول هدم!
وقال عبدالله عثمان الخالدي انه رغم إيجابية ظاهرة ارتياد البر إلا أن بعض السلوكيات التي تمارس من قبل البعض جعل منها معول هدم للبيئة، من خلال الاعتداء على الأشجار وتكسيرها بحجة الاستفادة من حطبها، وترك المخلفات التي لا تتحلل في التربة، وغيرها من السلوكيات السلبية التي تضر بالبيئة بدل أن تكون عاملاً مساعداً لنموها وسلامتها في خدمة الإنسان، مشيرا إلى ضرورة زرع المفاهيم التي تشجع على احترام الشجرة وتربيتها في ثقافة مجتمعاتنا، وتشجيع الحركات والمبادرات التي تنادي بالحفاظ على البيئة والأشجار. ورأى محمد الغانم ان التحطيب الجائر وقطع أشجار السمر وغيرها للاستفادة منها هي احدى المخالفات التي يتورط بعض هواة البر في ارتكابها خلال الشتاء، سواء عن وعي أو عن غير وعي بالقوانين والتشريعات التي سنتها الدولة وهدفت إلى حماية البيئة ومعاقبة كل من يتطاول عليها.
أبرز المخالفات
وكانت إدارة الحماية البيئية والمحميات والحياة الفطرية أكدت أن تقطيع الأشجار البرية «الاحتطاب» هي احدى المخالفات البيئية إلى جانب العديد من مظاهر تعديات البر،
أبرزها مخالفات حظر رعي الإبل، والتي احتلت النصيب الأكبر من تلك المخالفات، تليها مخالفات قانون الصيد وأجهزة جذب الطيور «الصوايات»، رمي المخلفات في غير الأماكن المخصصة، تجريف التربة، تفريغ مياه المجاري والمياه غير الصالحة في البر، وغيرها من المخالفات البيئية، أما المخالفات البحرية فقد تمثلت في الإفراط في الصيد، وحيازة شباك صيد محظورة الاستخدام، والعبث بالشعاب المرجانية الموطن الطبيعي لتكاثر الأسماك بالإضافة إلى تجريف رمال الشواطئ بمعدات ثقيلة. وغالباً ما تسفر جهود وزارة البلدية والبيئة، ممثلة في إدارة الحماية البيئية والمحميات والحياة الفطرية عن ضبط العديد من المخالفات البيئية وتوجيه العديد من الإنذارات.
copy short url   نسخ
27/02/2017
1855