+ A
A -
أشاد معالي الدكتور الطيب البكوش، الأمين العام لاتحاد المغاربة العربي، بدور دولة قطر في دعم ومساندة تونس، موضحا أن مبادرة صندوق الصداقة القطري، هدية القطريين للشعب التونسي، قد ساهمت وشجعت الشباب بشكل إيجابي على تأسيس مشاريع صغرى تضمن لهم العيش الكريم، داعياً إلى العمل على تطوير الأداء والتواصل، ومشاركة أكثر لمؤسسات فاعلة عبر استراتيجية تنظيمية أوسع وأشمل.. مشيرا إلى أن محطته الجديدة لن تكون سهلة، خاصة في ظل المستجدات التي تشهدها المنطقة، وأن هدفه تحقيق الاندماج المغاربي، بعد أن طوى صفحة «نداء تونس»، وهو يتأسف لما وصل إليه حال حزب الأغلبية الآن.. وفيما يلي نص الحوار:

كيف تصفون محطتكم الجديدة، كأمين عام لاتحاد المغاربة العربي؟
- في حقيقة الأمر، إن اهتمامي قديم جدا بالمغرب الكبير عامة، ليس فقط من الناحية السياسية، بل على الجوانب الثقافية والاجتماعية، باعتباري واحدا من مؤسسي جمعية غير حكومية للقاءات مغاربي، منذ نهاية حقبة التسعينيات من القرن الماضي، وقبل ذلك في فترة السبعينيات كأستاذ في مركز البحوث اللغوية، وآنذاك نجحنا في إيجاد تنسيق ثلاثي بين المراكز البحثية المختصة باللغة في دول المغرب والجزائر وتونس، ومكثنا لمدة سنوات نعمل على صياغة أو ضبط معجم رصيد مشترك، أطلقنا عليه اسم «الرصيد اللغوي المغاربي».
ماذا كانت الغاية من هذا العمل؟
- أهميته كبيرة جدا، خاصة بالنسبة للمرحلة الأساسية في التعليم، ليستفيد منه التلاميذ والشباب، وينشأ الطفل بالبلدان الثلاثة في شمال إفريقيا بمعجم موحد، وأن تتم صياغة الكتب المدرسية بصفة مشتركة، بحيث تتضمن النصوص نفس المعجم، وبعد أن استكملنا هذا العمل الأساسي، قمنا بنشره، ولكن نظرا لأن قرار التطبيق لم يكن بأيدينا، بل بأيدي وزراء التربية والتعليم آنذاك، فإنه للأسف لم يتفقوا على كتب مشتركة.
كيف كانت تجربتكم مع المعهد العربي لحقوق الإنسان؟
-حينما كنت رئيسا للمعهد العربي لحقوق الإنسان، كان لنا نشاط ملحوظ على صعيد إقامة الدورات التدريبية واللقاءات الفكرية حول ثقافة حقوق الإنسان بالمنطقة المغاربية، الجزائر، نواكشوط أيضا، ولكن لم نتمكن من ذلك في ليبيا زمن الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، وهذه ترجع لأسباب يطول شرحها، أما في المغرب نظمنا أول دورة تدريبية وندوة حول العدالة الانتقالية في المغرب، وصادفت أيضا أولى جلسات الاستماع في ما يتعلق بما تعرف «هيئة الحقيقة والمصالحة»، التي وقعت في المغرب، وهي الأولى من نوعها في العالم العربي، وجاءت بعد تجربة جنوب إفريقيا ونيلسون مانديلا، أي على نفس الصيغة، وقد ظلت التجربة المغاربية رائدة في ذلك، وكان دورنا فيها يتمثل في الاهتمام بالنواحي والجوانب الحقوقية.
ماذا كان هدفكم في التركيز على الجوانب الحقوقية؟
- كمعهد عربي لحقوق الإنسان، كنا نحاول نشر الفكرة في العالم العربي، وما تطلبه ذلك من إقامة الدورات التدريبية في العديد من البلدان العربية، ولكن الذي يهمنا، هو أن التركيز كان على البلدان المغاربية، وما يمكن قوله إنه في أواخر الثمانينيات وفي التسعينيات من القرن الماضي وبداية الألفية فإن المغرب وتونس كانا بلدين رائدين في مجال إصلاح التعليم وإدخال مادة حقوق الإنسان في البرامج والكتب المدرسية، حيث تمت إعادة صياغة كتب مدرسية وبرامج دراسية على أساس ثقافة حقوق الإنسان، وكل ذلك يندرج ضمن اهتماماتي المغاربية في هذه المحطات المختلفة.
إذاً حدثنا عما أنت فاعل بعد أن أصبحت أمينا عاما لاتحاد المغاربة العربي؟
- بطبيعة الحال، إن مسؤوليتي كأمين عام لاتحاد المغاربة العربي، باتت مسؤولية شاملة أي فيها الجوانب السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، إلى آخر ذلك، لهذا وذاك، فإنني لا أشعر بغربة أو أنني جديد عن هذا البيت، الذي أحمل فكره وفكرته منذ زمن قديم، وخاصة حينما كنت مسؤولا نقابيا، في حركة قدمت خيرة رجالها شهداء، كما حدث مع الشهيد فرحات حشاد، مؤسس الاتحاد العام التونسي للشغل، شهيد الحركة النقابية والوطنية التونسية، وكذلك الحركة النقابية والاجتماعية المغاربية، الذي اغتالته في 5 ديسمبر عام 1952 اليد الحمراء الفرنسية، وهي منظمة استخباراتية إرهابية، ليس لأنه يدافع عن حقوق عمالية ومطالب نقابية، بل لأنه تحرك على مستوى مغاربي، من أجل طرد الاستعمار، ولذلك وقع اغتياله، مما جعل العمال في جميع شمال إفريقيا يشعرون أن الاستعمار يستهدفهم جميعا، وبالتالي قامت مظاهرات صاخبة في الدار البيضاء، واستشهد فيها الكثيرون من العمال والمواطنين المغاربة، الذين احتجوا على عملية الاغتيال.
توليتم أمانة اتحاد المغاربة العربي.. هل قمتم بتشخيص دقيق لتلك الحالة التي تعاني من الجمود منذ عام 1994 تقريبا، ليتم العلاج على أساس صحيح؟
- عند تأسيس الاتحاد بمراكش عام 1989، كان هناك اجتماع دوري يضم رؤساء الدول الخمس، وآخرها عام 1994، وكانت البداية مشجعة، والانطلاقة كانت بدفعة قوية.
لماذا هبطت؟
- نتيجة لخلافات إقليمية حدثت، منها قضية الصحراء، وبعض القضايا الأخرى.
الآن المهم.. ما دور الأمانة العامة؟
-الأمانة العامة تعد الدراسات، وهي قوة اقتراح أيضا، ولكنها ليست صاحبة القرار، الذي لا يتم تنفيذه إلا بالإجماع، دون وجود صوت واحد معارض، ومن ثم يجب تشخيص ما يعرقل البناء المغاربي، أو التقدم به على طريق الاندماج، وهذا ما يتم السعي له الآن، وسيتم تقديم التقرير إلى مجلس وزراء الخارجية، باعتباره المجلس الذي يجتمع بصفة دورية كل عام، وسوف يجتمع في القريب العاجل لينظر في خريطة طريق جديدة، ويفكر في عملية تطوير للتغلب على العوائق السياسية وتجاوزها مؤقتا.
كيف؟
-من خلال تنشيط كافة المجالس الوزارية القطاعية وتنسيق العمل على مستوى اتحاد المغاربة العربي، بشيء يقود إلى الاندماج.
أشرتم إلى أنه من ضمن الإشكاليات التي كانت تعوق انطلاقة اتحاد المغاربة العربي موضوع الصحراء.. وهي مازالت قائمة فهل ستظل العقبة؟
- مشكلة الصحراء، لم تبق لا في المستوى المغاربي ولا حتى الجامعة العربية، بل هي بين أيدي الأمم المتحدة، ومن ثم تجاوزت الخطوط الجغرافية والإقليمية.
هل استعصت هذه القضية على الحل؟
- قضية الصحراء، بالإمكان حلها في إطار أممي، أو أن تنضج المسألة في البلدان المعنية للتوصل إلى حلول.
كيف فشل الاتحاد المغاربي في احتواء إشكالية البيت الواحد؟
- لأنه لم يؤسس على هذا الأساس، بمعنى لم يتضمن ميثاقه التأسيسي آلية خاصة حال حدث خلاف بين دولتين، حيث لم يتصور أحد أن يحدث ما حدث.
هل وارد إعادة النظر في الأساس الذي بني عليه الاتحاد؟
- هذا ممكن إذا حدث حوله إجماع، لأنه لا يمكن تغيير آلية من الآليات بدون ذلك.
هل الأمين العام لديه صلاحيات أن يقوم بطرح مثل هذه الآلية كرؤية مستقبلية؟
-لا.. وإن كان له أن يقدمه داخليا، كاقتراح داخلي، ولكنه لا يملك أن يتقدم به أو الإعلان عنه علنيا، لما يمثله ذلك من إحراج للدول.
أعلنتم في أحد تصريحاتكم، أن أولوياتكم خلال المرحلة المقبلة، هي مراجعة الاتفاقيات التي لم تصادق عليها الدول الخمس.. فما هي؟
- هي قائمة طويلة، منها الصحة، التجارة، حرية التنقل والسوق الحرة، ولكن لم يتم تفعيل سوى ست اتفاقيات منها تقريبا، من العشرات في قطاعات مختلفة.
ما أولوياتكم الآن؟
- نقوم بمراجعة وتقييم للاتفاقيات التي لم يتم تفعيلها والتصديق عليها، فإن كانت قابلة للتطبيق كما كانت فإننا نحث على التصديق عليها، وإن كانت تحتاج إلى تعديل، فإننا نقترح أشكالا من التعديل.
هل وضعتم سلما لأولوياتكم؟..هل ترى أن مهمتكم صعبة في إعادة إحياء الاتحاد؟
-هو ليس ميتا، ولكنه لا يتطور بالنسق المأمول عند التأسيس، بسبب تعطل بعض الجوانب، والبطء في الآخر، مما يجعل المهمة صعبة، ليست سهلة للجميع، الطريقة التي نتبعها، تنشيط القطاعات المختلفة، حتى نحقق شيئا فشيئا الاندماج، في جميع الاتجاهات.
إلى أي مدى تجدون تجاوبا من الدول الأعضاء في مرحلة إعادة ترميم الاتحاد؟
- رسائل الوزراء بمناسبة ذكرى التأسيس، في الثامن والعشرين من شهر فبراير، تؤكد جميعها على الرغبة في تنشيط هياكل الاتحاد، ونحن نطلب منهم ونحثهم على القيام بعملية تسريع للتصديق على الاتفاقيات، وأن يجتمعوا، وتنشط عن طريق اللجان الوزارية القطاعية، طالما أن اجتماع القادة يصعب في هذا الظرف، ما لم يتم حل المشكلة الليبية.
هل ميلاد الاتحاد المغاربي، كاتحاد، وليس كمجلس على غرار مجلس التعاون الخليجي، ربما كان فيه نوع من العجلة؟
- الأمر لم يكن حدثا جديدا، إذ توجد له جذور وخلفيات تاريخية قديمة، حيث وجد المغرب الكبير في التاريخ بعد وقبل الإسلام، وكانت هناك دول مغاربية، مما يعني أنه لم يكن شيئا مستحدثا، وقد عبرت شرائح واسعة سياسيا واجتماعيا عن الرغبة في هذا البناء، ووقعت اجتماعات قبل وبعد الاستقلال، ونضجت شيئا فشيئا في اجتماع مراكش عام 1989.
محاولات المملكة المغربية الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي.. هل تقلقكم؟
-لكل دولة حريتها في أن تتعاون مع أي تجمع، وهذا على خلاف حال اتحاد المغرب العربي الذي يسعى إلى مرحلة الاندماج.
هل هذا هو طموحكم؟
-هو الهدف الذي نسعى إليه، وأعلم بأنه لن يتم بين عشية وضحاها، بل الأمر سيتطلب مزيدا من الوقت، وعلى كل من يتحمل هذه المسؤولية أن يضع لبنة، ثم يأتي من بعده ليضيف عليها.
كيف تضعون اللبنة، وربما هناك من لا يتركك، بدليل الحملة التي تتعرضون لها عبر بعض المواقع الإعلامية؟
-ذلك كان مفتعلا،لأغراض أخرى، وتقف خلفه لوبيات، لا تستحق الحديث أو التعليق على مؤامراتها ومخططاتها، وقد تم إلجام هذه الحملة المغرضة بتوضيح للمغالطات، وانتهى الموضوع.
مستهدف شخصك أم الاتحاد؟
- الاثنان، وتزيد عليهما رئيس الجمهورية التونسية، أن تظهر تونس بالعبث، أنها تقوم بالترشيح، ثم بعض فترة وجيزة تسحبه، وهذا ما لم يحدث.
دور المجتمع المدني المغاربي؟
- منصوص عليه في ميثاق الاتحاد المغاربي، ولكن لم تكن هناك خطة عمل واضحة ومنظمة، وبالتالي نعتزم فتح قنوات التعاون مع المجتمع المدني ومنظماته.
هل المجتمع المدني، سوف يكون محوركم البديل عن التواصل على مستوى القادة لإعادة تنشيط الاتحاد؟
-أولا، هو لن يكون بديلا أو تعويضا، ولكن من الممكن أن نعتبره رافدا، ومدعما لهذا التوجه، بمعنى أن المجتمع المدني بما له من كلمة، فمن الممكن أن يكون مساعدا في تحريك القرار السياسي، ودعم الإرادة السياسية في هذا الاتجاه، ولدينا طموح في ذلك.
إلى أي مدى أنتم متفائلون بوضع بصمة يسجلها لكم التاريخ في مسيرة اتحاد المغاربة؟
-أنا لا أنظر للموضوع من الزاوية الشخصية مطلقا، والمشاريع الكبرى التاريخية تأخذ وقتا، وأحيانا يتطلب إنجازها مشاركة أجيال، لا جيل واحد فيها، ولو نظرنا للاتحاد الأوروبي، لوجدنا عمره أكثر من نصف قرن، أي أنه جيلان، ومازال هذا البناء فيه بعض نقاط الضعف، مما يعني أن مرحلة التعثر، وضياع الوقت الذي حدث، سيجعله يأخذ وقتا أطول في عملية البناء، وما نفعله الآن هو تدارك هذا الوقت الضائع، وأن نسرع الخطى في هذا الاتجاه، وتهيئة الطريق لمن يأتي من بعدنا ليحمل مسؤولية هذا العمل المشترك.
ما ملاحظاتكم على عملنا العربي المشترك؟
- مع الأسف الشديد العمل العربي المشترك ضعيف جدا، وهذا يرجع إلى الصراعات والخلافات، وأنه إذا كنا على المستوى العربي غير قادرين على حل مشاكلنا، من قبيل المشاكل التي حدثت في ليبيا أو سوريا أو اليمن، أو العراق وغيرها، فإن ذلك يجعل التدويل يفرض نفسه علينا، والقضايا العربية التي يتم تدويلها فإن مسألة التدويل يزيدها تعقيدا، إلا إذا حدثت تفاهمات بين القوى العظمى، واتفقوا على شيء، ولا يمكن لأحد تصور أن تلك القوى قد تتفق على وضع مصلحة شعوبنا قبل مصالحها الخاصة بالمنطقة.
إلى أي مدى أدواتنا العربية كالجامعة والاتحادات تتحمل المسؤولية؟
- نعم هي مسؤولة إلى حد ما، ولكن الإشكالية الحقيقية تكمن في أن قراراتها مرهونة بالقادة، فالجامعة العربية ليست جامعة شعوب، وميثاقها يقول نحن دول، على خلاف ميثاق الأمم المتحدة، الذي تبدأ ديباجته نحن شعوب العالم.
دعنا نرجع بكم إلى لحظة استقالتكم من الخارجية الخارجية التونسية.. ما الذي دفعك إليه وهل حسبت حساباته؟
-هو قرار شخصي أخذته، وما نتخذه من قرارات يكون عن وعي تام.
ألم تخش أن يتهمكم البعض، أنكم قفزتم من سفينة الحكومة، حينما شعرتم أن عاصفة التغيير ستعصف بها؟
-أنا رأيت أن رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد ظل لمدة شهرين وأكثر، وهو يلوح ويعلن عن عملية تعديل وزاري في الحكومة، واعتبرته خطأ، لأن من يريد التغيير عليه القيام بذلك، وحسب الحاجة، دون ضجة، ولكن أما أن يبقى أكثر من ستين يوما، يتحدث عن تشكيل حكومي جديد، فهذا له تأثيره على أداء الوزراء، حيث كل وزير يعتقد أنه سيتم تغييره، وبالتالي ينتظر، ولا يعمل بشكل طبيعي، ولذلك اعترضت على الأسلوب، وطلبت منه ألا يعتبرني ضمن تشكيلته الجديدة، مع أنه لم تكن هناك أي مؤشرات تشير إلى أن التغيير سوف يشملني،.
كيف ترى تونس الآن؟
- تونس الآن حققت انتقالا ديمقراطيا سلميا، لم تحققه دولة من قبل بنفس الشكل والطريقة، وهو مكسب من المكاسب وفريد من نوعه لأسباب عديدة، منها طبيعة المجتمع المدني ودور الحركة الوطنية قبل وبعد الاستقلال، كخصوصية تونسية، غير قابلة للتصدير ولا أن تتبع بحذافيرها.
هل تجاوزتم الخلافات السياسية؟
- الانتقال الديمقراطي سياسيا، قد نجح إلى حد ما، لأنه كان بالحوار، وليس بالنزاع المسلح بين الأحزاب وبرعاية المجتمع المدني ووقعت الانتخابات، ولو كان الوضع الاقتصادي والمالي أفضل، لكان هذا الانتقال أنجح أيضا، لأن كل حياة سياسية ديمقراطية في حاجة إلى أن يتم تأسيسها على تنمية اقتصادية واجتماعية، حتى تتركز، وحتى تتدعم، وهذا مازال منقوصا الآن.
كيف ترى دور الأحزاب في الحياة السياسية التونسية؟
- في ظل وجود أكثر من مائتي حزب متفاوتة الأهمية والأوزان، فلا يمكن الحديث بصفة إجمالية عن الأحزاب السياسية في تونس، مما يعني وجود إشكالية في الكثرة العددية، لما تسببه من تشتت في الأصوات، قد تضعف اهتمامات المواطن السياسي أو بالحياة الحزبية، وهذا بدوره قد يؤثر على الانتخابات، كما رأينا في انتخابات التأسيسية نهاية عام 2011، حيث إن الأحزاب التي لم تحصل على أي مقعد في التأسيسي، جمعت مليون وخمسمائة صوت، ولم تعطها مقعدا واحدا، لأنها كانت مشتتة.
هل قدر من يحكم في تونس التحالف مع أحزاب أخرى؟
- هذا أفضل بطبيعة الحال، وإن كان متروكا إلى الأحزاب ذاتها، وليس لي إعطاء دروس فيها، ولكنني مع تجميع مجموعات تجعل المشهد يضم ثلاثة أو أربعة أو خمسة، على أكثر تقدير دون الإسراف، من أجل عدم تفتيت للقوى السياسية.
ترى وأنتم في المغرب، مازالت عينكم على حزب نداء تونس، أم أنكم أغلقت الباب خلفك؟
- نعم ساهمت في تأسيس حزب نداء تونس، ولكن عيني ليست عليه مطلقا، بل هي على اتحاد المغاربة، والشأن التونسي جزء منها.
هل يقلقك ما يمر به نداء تونس؟
- أقل ما يمكن قوله: إنه يؤسفني ما هو عليه الآن، لأنه لم يكن المأمول بطبيعة الحال.
هل تخشى على مستقبله؟
- بالتأكيد، لأنه كان الأول في الانتخابات، ولم يتمتع أو يتصرف بتلك الصفة في تسيير شؤون البلاد، وتطبيق البرنامج الذي وعد به، وتلك هي الإشكالية.
هل فات الميعاد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في تونس؟
-لا أستطيع التنبؤ بشيء في هذا المجال، ولكن المهمة أصبحت صعبة، حتى أننا نتأسف للحال والوضع الذي وصل إليه هذا الحزب، مع أنه كان بالإمكان أن يكون في وضع أفضل.
كيف تقيمون دور الاتحاد العام التونسي للشغل وأداء حسين العباسي في البلاد؟
- الاتحاد العام التونسي للشغل، كمنظمة نقابية اجتماعية بالأساس، يعتبر قاطرة المجتمع المدني التونسية، وله مشاركات قوية في حركات النضال والتحرر الوطني وبناء الدولة الحديثة بعد الاستقلال، مما أعطاه بعدا تاريخيا، ومكانة خاصة في المشهد التونسي، وكان دائما عنصر توازن اقتصادي، اجتماعي، بل وسياسي في بعض الأحيان، دون أن يكون كالحزب، ولا ينبغي له أن يكون كذلك، ولا يجب أن يتصرف كحزب سياسي، ولكن يظل كقوة توازن واقتراح حتى سياسي، باعتباره شيئا مقبولا، ولعل الظروف التي مرت بها البلاد بعد عام 2011، ما بعدها، جعلت الاتحاد مدعوا القيام بدور القاطرة، الحكم أو الراعي للحوار الوطني، وقد فرضنا نحن على الأحزاب الأخرى أن يكون الراعي مع شركاء من المجتمع المدني، ولهذا فإن الدور الذي قام به تاريخي.
إلى أي مدى يؤثر الوضع الليبي على أمن واستقرار تونس؟
-بالتأكيد له تأثير على دول الجوار بصفة عامة، وخاصة في تونس، بحكم العلاقات التاريخية، وكثافة الاتصالات بين البلدين، وقرب طرابلس من الحدود التونسية، وترابط المصالح بين الشعبين التونسي والليبي، ولذلك تونس معنية باستقرار ليبيا، وحل سلمي، يضمن الاستقرار.
كيف تحولت بعض تونس إلى بؤر إرهابية؟
- ليس من طبائع الشعب التونسي، ولا تقاليده، هذا الإرهاب أو مفهوم التكفيريين والتعصب والجهل، وبالتالي فلا توجد في تونس بؤر إرهابية، اللهم سوى في بعض الجبال، وفقط كانت هناك عملية تجنيد لشباب تونس خلال فترة حكم الترويكا بصفة خاصة بين 2012 و2013، وكذلك 2014، فضلا عن وجود مخابئ أسلحة، التي كثيرا ما يقع الكشف عنها، مع خلايا نائمة قامت بعمليات إرهابية، وإن كانت قد تقلصت وتناقصت الآن بفعل الدور الذي يقوم به الأمن والجيش.
لماذا الترويكا؟
- لأنه في ظل حكمها وقع تساهل أكبر مع أولئك التكفيريين، فيدخلون متى شاؤوا وهم مدججون، يبثون خطابا دينيا متعصبا منغلقا، ليس من جوهر أو مقاصد الإسلام، بل هو تأويل سلبي، وعملية غسيل لدماغ الشباب، وهؤلاء ومن سهل لهم قد أساؤوا إلى تونس.
copy short url   نسخ
27/02/2017
1647