+ A
A -
استضاف معهد الدوحة للدراسات العليا، الثلاثاء الماضي؛ أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن، البروفيسور ناثان براون، حيث ألقى محاضرة بعنوان «الأميركيون والشرق الأوسط في عهد دونالد ترامب».
تأتي المحاضرة التي أدارها الدكتور عيد محمد - أستاذ الأدب المقارن- في إطار فعاليات مشروع «تكونات الهويات عابرة الثقافات في عالم عربي ومتغير»، والمموّل من برنامج الأولويات الوطنية للبحث العلمي بالصندوق القطري لرعاية الأبحاث.
وفي معرض المحاضرة تحدث ناثان براون في عدة محاور رئيسية أبرزها ملامح الشخصية التي يتحلى بها ترامب وكيفية تأثيرها على سياسة إدارته التي اعتبرها براون «مستحيلة التوقع»، فضلا عن السياسات الأميركية المرتقبة في الشرق الأوسط في ظل إدارة ترامب والشكل الذي ستكون عليه هذه الإدارة.
وحول وصول ترامب للرئاسة ومنظور إداراته للسياسة الأميركية، فقد أكد براون على عدم وجود أية تصورات تفسر بوضوح سبب فوز ترامب، مشيرا إلى أن ذلك يحتاج إلى وقت لفهم ما حدث، وبالتالي فإنه من الصعب التنبؤ بما يمكن أن تكون عليه سياسات إدارته المستقبلية. إلا أنه في نفس الوقت يعتقد براون أن إدارة ترامب ستركز على السياسات الداخلية أكثر من الخارجية، نظرًا لأن ترامب لم يكن يعبر عن رأيه خلال الحملة الانتخابية حول قضايا السياسة الخارجية الأميركية بشكل كبير وأنه حين عبّر عن رأيه تجاه تلك القضايا؛ كان رأيه شعبويًا إلى درجة كبيرة. وبحسب براون فإن «أخطر» ما يمكن أن تعكسه شخصية ترامب على السياسة الأميركية؛ هو أنه لا يتمكّن من التعبير عما يجول في ذهنه وخاطره بشكل مفهوم، إضافة إلى عدم تبنيه أيديولوجية واضحة نظرا لكونه «شخصية تحب الغموض وإثارة الجدل» على حد تعبيره. وقد دعّم براون قراءته هذه؛ بالاستناد إلى ما يطلقه ترامب من تصريحات على مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، والتي اعتبرها «محبطة وصادمة».
ومن ناحية شكل إدارة ترامب، فقد اعتبرها براون «خارجة عن المعتاد إلى حد كبير» لا سيما وأنه اختار جنرالا عسكريا «جيمس ماتيس» ليكون وزيرًا للدفاع، وهو الأمر الذي اعتبره «غير معتاد» نظرا لأنه من الرؤساء القلائل الذين اختاروا شخصا عسكريا ليتولى هذا المنصب.
وفي ما يتعلق بحقيبة الخارجية؛ فإن ترامب اختار ريكس تيلرسون الرئيس التنفيذي لشركة «ايكسون موبيل» والذي يحمل خبرة في العلاقات الخارجية الاقتصادية لكن يفتقر للخبرة السياسية «بدرجة كبيرة». واعتبر براون اختيار ترامب لهذه الشخصيات لتولي مناصب حساسة في إدارته؛ دلالة واضحة على تركيزه على الأشخاص وأيدلوجياتهم أكثر من خلفياتهم وتجاربهم السياسية، ومدى خبرتهم بالسياسات التي سيعملون عليها».
ووصف براون، الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنه «شخصية قوية، تمتلك رؤية قومية فيما يخص القضايا الأميركية، ويميل طبعه إلى الجدل والنقاشات الشعبوية»، مستشهدا بحديثه المستمر عن بناء الجدار على الحدود مع المكسيك بتمويل من المكسيكيين، الأمر الذي اعتبره براون كدلالة واضحة على تعامله مع الدول من «منطق أحادي»، يعود لـ«جهله بالأعراف الدبلوماسية الدولية»، وفق ما قال.
وحسب براون فإن ترامب يميل إلى القيادات العالمية التي توصف على أنها ديكتاتورية، حيث يراهم أقوياء يحب التفاوض معهم وبالتالي التوصل إلى اتفاق معهم، إلا أن ذلك لا يعني أن يكون له تأثير كبير على العلاقات الأميركية مع العالم، وذلك يعود إلى سببين؛ الأول هو أن تركيزه منصب نحو السياسات الداخلية أكثر من الخارجية، والثاني يتجلى في مفهوم الاستمرارية في السياسات الأميركية حيث أن توالي وتغير الرؤساء والإدارات لا يؤثر بشكل كبير على المبادئ التي تنبني عليها السياسات الخارجية الأميركية والتي لم تتغير لعقود من الزمن.
ترامب والشرق الأوسط
رأى البروفيسور براون أن يكون هناك تغير أقل من المتوقع، فيما يخص قضايا الشرق الأوسط، حيث اعتبر أن الرؤية الخاصة بضمان أمن إسرائيل لن تتغير عما كانت عليه منذ عام 1967 وحتى اليوم. ويعني ذلك التزام كامل من القيادات الأميركية بأمن إسرائيل كأحد الثوابت.
وحول القضية الفلسطينية أشار براون إلى أن اختيار ترامب المحامي ديفيد فريدمان سفيرا جديدا للولايات المتحدة في إسرائيل يؤكد على مرحلة جديدة في العلاقات بين واشنطن وتل أبيب، يعزز ذلك صعود قوى يهودية جديدة داخل أروقة السياسة الأميركية والبيت الأبيض في عهده، فضلًا عن عدم معارضة ترامب للمستوطنات وللسياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، وهو ما لا يتوقع أن يتغير -حسب براون- في عهد ترامب نظرًا لثبات السياسة الخارجية الأميركية تجاه إسرائيل منذ تأسيسها، وعلاوة على ذلك؛ فإن تقاربًا واضحًا بين إدارة ترامب واليمين الإسرائيلي بدأت تتشكل معالمه الأولى منذ أن سارع ترامب في مؤتمره الانتخابي بوصف إسرائيل بالحليف.
وعن علاقة أميركا مع إيران، أشار براون إلى أن دونالد ترامب عبّر بصراحة عن رفضه للاتفاق النووي الغربي مع إيران، ولكن حسب براون فإنه من غير المتوقع معارضة الاتفاق أو التدخل في بنوده كونه يتضمن عدة أطراف.
copy short url   نسخ
12/01/2017
1432