+ A
A -
الدوحة-الوطن
في كتاب قضايا التعليم وتحدياته في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الصادر حديثًا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (704 صفحات من القطع المتوسط موثقًا ومفهرسًا)، مختارات محكّمة من بحوث قُدمت في الدورة الثانية لـ «منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية» الذي عُقد في الدوحة، خلال الفترة 5-7 ديسمبر 2015، وهو مقسّم إلى ثلاثة أقسام. ويتضمن القسم الأول «العملية التعليمية: الإشكاليات والتجارب الخليجية» خمسة فصول.
وفي الفصل الأول «شيء من المأزق الهوياتي في مؤسسات التعليم الجامعي الخليجي: الهجرة نحو الإنجليزية»، تناول عبد الله البريدي، المختص في الإدارة والسلوك التنظيمي، المأزق الهوياتي الناتج من اعتماد اللغة الإنجليزية في التدريس والبحث العلمي في العلوم الاجتماعية والإنسانية، فوجد شواهد على هجرةٍ نحو الإنجليزية في السياقات البحثية والتدريسية في العلوم الإدارية والاقتصادية في مؤسسات التعليم العالي الخليجي. وقد وجد الباحث، من خلال مقابلة لعمداء من الجامعات الخليجية، أنّ عندهم نوعًا من الفخر بتدريس العلوم الاجتماعية والإنسانية بالإنجليزية، بدلًا من العربية، فأوصى ببناء منصّة فكرية تشترك فيها الأمم الناهضة للانعتاق من قبضة الإنجليزية، استنادًا إلى تخطيط لغوي ذكي يحدد القضايا، وينفذ المقارنات المرجعية، ويبلور مبادرات استراتيجيةً؛ في ضوء سياسة لغوية وتعليمية وبحثية واضحة.
بحَث عبد الهادي العجمي، المختص في التاريخ الإسلامي، في الفصل الثاني، وهو بعنوان «الحريات الأكاديمية ومجتمع التعليم والتفاعل داخل المؤسسات التعليمية: التعليم في الخليج بين الحرية والمحظورات»، مسألةَ الحرية الأكاديمية في الخليج العربي، وفي الفصل الثالث «واقع استخدام أعضاء هيئة التدريس في جامعة الكويت بيئات التعلم الإلكتروني في المقررات الدراسية»، تحرّى فايز الظفيري، المختص في تطبيقات التكنولوجيا والتدريب والتطوير، وفي الفصل الرابع «آثار سياسات التعليم ومخرجاتها في التنمية والمجتمع في دول الخليج: التعليم والعولمة - الإمارات العربية المتحدة أنموذجًا»، تناولت كريستين كاموي، المختصة في علم الإنسان الاجتماعي، ضوابط الجودة التعليمية في الإمارات، وقالت كاموي: «إنّ عوامل النمو السريع في المؤسسات التعليمية، أو غلبة الأكاديميين الوافدين، أو عملية التوطين في هيئة التدريس، أو الانقسام الإثني بين طلاب إماراتيين وطلاب وافدين في اختيار المؤسسة التعليمية، هي جزء من واقع قطاع التعليم الإماراتي».
وأقامت كلارا مورغان، المختصة في إدارة التعليم وسياسات أسواق العمل، في الفصل الخامس «آثار خطاب الجودة التعليمية العالمي في منطقة الخليج: مقارنة بين الإمارات العربية المتحدة وقطر»، مقارنةً بين التجربتين الإماراتية والقطرية في جودة التربية، وخصوصًا دمج نتائج الاختبارات العالمية في الرؤى الوطنية، وقياس التقدم التعليمي استنادًا إلى نتائج تلك الاختبارات، مثبتةً تقارب الخطابات التي تفضل قياس الجودة التعليمية من ناحية أداء الطلاب في اختبارات دولية.
وختمت مورغان دراستها بالقول: «تجذب نتائج الاختبارات الدولية للطلاب انتباه واضعي السياسات؛ لأنها تقيس التقدم المحرز في مجال التعليم قياسًا ملموسًا. وعلى أيّ حال، ربما يكون إجراء عملية شاملة وتشاورية ومتأنية لتنفيذ إصلاحات تعليمية المقاربةَ الناجعة، نظرًا إلى حتمية النتائج غير المقصودة».
ويتضمن القسم الثاني من الكتاب، وعنوانه سياسات التعليم واستراتيجياته في دول الخليج العربية، سبعة فصول.
وفي الفصل السادس «خطر الانحدار الفكري: المنظمات المساهمة وتهميش العلوم الإنسانية في جامعات الخليج العربي» درست سامية قسطندي، المختصة في فلسفة التربية والتعليم، وعلام حمدان، المختص في المحاسبة، سياسات التعليم في مناهج العلوم الإنسانية في الخليج العربي، وتداعيات إهمال أقسام العلوم الإنسانية وتقليصها، والمشكلات التي تواجهها جامعات الخليج العربي كبنائها مثلًا على نماذج تسعى لمحاكاة نظيراتها في الغرب حتى صارت تقلدها في نصوص المناهج ذاتها. ووجد الباحثان أنّ هذه الجامعات تحولت بفعل العولمة من أكاديميات تتطور فيها الدراسات إلى منظمات شركاء مساهمين تستجيب لمتطلبات السوق.
وفي الفصل السابع «اللغة العربية ومسألة التدبير اللغوي في المنظومة التربوية لدول الخليج العربية، بحَث حسن مالك، المختص في اللسانيات التطبيقية، في علاقة اللغة العربية بمسألة التعدد اللغوي داخل هذه المنظومة، محللًا الظواهر التربوية المدرسية خلال تجليات تسمح بفهم الصلة بين العربية واللغات الأخرى المعتمدة في منظومة التعليم بالخليج، ولا سيما اللغة الإنكليزية. وجد مالك أنّ «التعدد اللغوي المندمج المخطط له معرفيًا وبيداغوجيًا وماديًا يساهم في بناء متعلم متعدد اللغات ومستوعب هويته وثقافته العربية الإسلامية والثقافة العالمية».
ويشرّح عدنان الجوارين، المختص في التنمية الاقتصادية، وبشير عودة، المختص في الاقتصاد القياسي، في الفصل الثامن، وهو بعنوان «تحليل العلاقة السببية بين سياسات التعليم وسياسات التوظيف: دراسة قياسية مقطعية لدول مجلس التعاون الخليجي»، إلى علاقة مخرجات التعليم بحاجة سوق العمل إلى التوظيف. في الفصل التاسع «علاقة الاستثمار في التعليم العالي بالنمو الاقتصادي في المملكة العربية السعودية»، وجد علّام حمدان وسامية قسطندي، في دراسة ثانية، أنّ الاستثمار في التعليم العالي في السعودية لا يعزز النمو الاقتصادي. فالإنفاق في التعليم العالي ينتج من النمو الاقتصادي، وليس العكس.
درست عهود العصفور، المختصة في سياسات خصخصة التعليم العالي، في الفصل العاشر «سياسات الخصخصة وتزايد ضغط الطلب على التعليم العالي في الكويت» ورأت الباحثة أنّ خصخصة قطاع التعليم في الكويت لم تحلّ مشكلاته. وفي الفصل الحادي عشر دراسة لعبد المليك مزهودة المختص في التخطيط الاستراتيجي وتقويم الأداء والجودة في مجال الأعمال والتعليم العالي، بعنوان «التخطيط الاستراتيجي في الجامعات السعودية: نحو رؤية تكاملية بين المنظور المالي ومنظور ضمان الجودة».
وفي الفصل الثاني عشر «نظم التعليم قبل الجامعي في المملكة العربية السعودية وواقعها في بناء مهارات التعلم في العصر المعرفي»، تناولت حنان عبد الحميد وهدى اليامي وأريج البسام، المختصات في تقنيات التعليم، واقع مهارات التعلم في العصر المعرفي في نظم التعليم ما قبل الجامعي في السعودية.
القسم الثالث والأخير من الكتاب، وهو بعنوان انعكاس السياسات التعليمية ومخرجاتها على التنمية في دول الخليج العربية، ثلاثة فصول.
علي وطفة، المختص في علم الاجتماع التربوي، قدم دراسة «المشاركة السياسية لطلاب جامعة الكويت: تأثير المتغيرات الأكاديمية والاجتماعية»، أراد منها معرفة أبعاد المشاركة السياسية لطلاب جامعة الكويت والعوامل الأكاديمية والاجتماعية المؤثّرة فيها، وقرأت شريفة اليحيائية، المختصة في دراسات المرأة، في الفصل الرابع عشر «التعليم وتمكين المرأة الخليجية: المواطنة الناقصة»، التقارير الدولية المعنية بالتعليم والمرأة قراءةً وصفيةً تحليليةً كي تفهم العلاقة المتناقضة بين تعليم المرأة الخليجية وتمكينها من المشاركة الاقتصادية والسياسية.
أخيرًا، قوّمت هند المفتاح، المختصة في تكوين رأس المال البشري، في الفصل السادس عشر «التعليم العالي وسوق العمل في قطر: الواقع والآفاق»، فاعلية برامج الإصلاح المرتبطة بالتعليم العالي وسوق العمل المذكورة في استراتيجية التنمية الوطنية لقطر 2011-2016، فوجدت أنّ قطر قطعت شوطًا كبيرًا في العقدين الماضيين في إصلاح نُظم التعليم العالي وتطويرها، فضلًا عن إصلاح الاقتصاد الوطني وتطويره، وهذا بحسب رأيها قد انعكس إيجابيًا على البناء والتطوير المؤسسي. وقالت إنّ القطاع الخاص مستمر في الاعتماد شبه الكلّي على العمالة الرخيصة شبه/ غير الماهرة؛ لأنّ الإنتاجية لم تكن من المرتكزات التي استند إليها الاقتصاد القطري على نحوٍ يمكّنه من المحافظة على معدل نموّه، ويحقق الاستفادة القصوى من المخرجات التعليمية للقطريين.
copy short url   نسخ
12/01/2017
5850