+ A
A -
قال تقرير صادر عن مجموعة اوكسفورد بيزنس غروب البريطانية للأبحاث أن نضوج صناعة الخدمات المالية الإسلامية في قطر على مدى عقد ونصف، أدى إلى اتخاذ المؤسسات المالية الإسلامية - المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية- نهج ثنائي لتطوير أعمالها، يتمثل أولاً: في تركيز تلك المؤسسات على خدمة الطلب المحلي، وثانياً: في بحث المؤسسات الإسلامية في البلاد عن المزيد من فرص النمو في الخارج. فعلى سبيل المثال، في مطلع عام 2016، استطاع مصرف قطر الإسلامي - الذي يعد أكبر مقرض إسلامي في البلاد- أن يتوسع وينشئ فروعا في المملكة المتحدة، ولبنان، وماليزيا، والسودان.


وفي الوقت نفسه، يملك مصرف الريان 10 فروع في منطقة الخليج، خاصة في المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، بالإضافة إلى مصرف الريان في المملكة المتحدة، الذي يعد أول بنك بريطاني يتعامل وفق مبادئ الشريعة الإسلامية، ومؤخراً نفذ بنكي قطر الدولي الإسلامي وبروة، برامج إصدار سندات الدين، بالإضافة إلى العديد من العمليات الأخرى في الأسواق الخارجية، بما في ذلك آيرلندا والمغرب والمملكة المتحدة، وجميع أنحاء الشرق الأوسط.
ويؤكد تقرير لموقع «بيزنس أكسفورد غروب» الاقتصادي، أنه في الآونة الآخيرة، دخلت العديد من المؤسسات المالية الإسلامية القطرية في شراكة مع بنوك أجنبية ومؤسسات مالية عالمية، للمساعدة في تقديم منتجات وخدمات مالية إسلامية جديدة في الأسواق الخارجية، فعلى سبيل المثال، أعلن بنك قطر الدولي الإسلامي (QIIB) عام 2015 عن توقيعه على مذكرة تفاهم مع (ساوثويست سكيوريتيز) – وهي شركة وساطة صينية- لتأسيس شركة للتمويل الإسلامي في الصين، وتشمل الصفقة الذراع المصرفية الاستثمارية لبنك قطر الوطني (QNB) كجزء من الاتجاه الذي تتبناه الصين مؤخراً، لتطوير الصناعات المالية الإسلامية محلياً.
وكجزء من هذه المبادرة، دخل البنك الصناعي والتجاري الصيني - أكبر بنك في العالم من حيث الأصول- في شراكة مؤخراً مع المؤسسة الإسلامية، لتنمية القطاع الخاص التابع للبنك الإسلامي للتنمية في جدة.
وفي منتصف 2015، وقعت وزارة المالية القطرية على مذكرة تفاهم مع الحكومة الكينية، تعمل قطر بموجبها كمستشار، للمساهمة في تطوير آليات التمويل الإسلامي في كينيا، بما في ذلك الصكوك أو السندات الإسلامية.
وأدت هذه الصفقات الأخيرة، إلى نمو وتوسع الخدمات المالية الإسلامية في قطر، بالإضافة إلى تحسن سمعة التعاملات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في جميع أنحاء العالم، وأصبحت قطر وجهة هامة، ومصدراً رئيسياً بالنسبة للحكومات والشركات، التي تبحث في تقديم منتجات وخدمات مالية إسلامية في الأسواق الجديدة، خصوصاً وأنها موطن لعدد من أكبر المؤسسات المالية الإسلامية في العالم.
كذلك، تقوم قطر بدور هائل في دعم سوق التمويل الإسلامي، وتحصل الشركات الأجنبية من خلال مشاركتها مع قطر على العديد من المميزات، التي تشمل خبرة البلاد العميقة في هذا النوع من المشاريع، بالإضافة إلى كسب المستثمرين القطريين، ومن جانبها، تستفيد قطر بفتح أسواق جديدة والحصول على مصادر جديدة لرأس المال.
وتهتم الصين وكينيا وغيرهما من الأسواق الأجنبية بالخدمات المالية الإسلامية لعدة أسباب، منها نمو الاقتصاد المتوافق مع الشريعة الإسلامية بسرعة، متجاوزاً نمو البنوك التقليدية والمؤسسات المالية غير الإسلامية الأخرى. فبحلول عام 2016 أصبح هناك أكثر من 400 مؤسسة مصرفية إسلامية في جميع أنحاء العالم، معظمها تأسس في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. وفي أواخر 2015، كانت تسعة من الأسواق، هي: قطر، إندونيسيا، المملكة العربية السعودية، ماليزيا، الإمارات العربية المتحدة، تركيا، الكويت، البحرين وباكستان، تمثل نحو 93% من إجمالي أصول صناعة التمويل الإسلامي في أنحاء العالم بمبلغ 989 مليار دولار، والأسواق الستة الأولى فقط كانت تشكل 80% من هذا المجموع، وقد نمت البنوك الإسلامية في دول مجلس التعاون الخليجي، بمعدل سنوي مركب بلغت نسبته 15% بين عامي 2008 و2014، في حين سجلت البنوك التقليدية نمواً بلغ 8.8% فقط، في نفس الفترة، وفقاً لبيانات مؤسسة «ستاندرد آند بورز» العالمية.
وقدرت المؤسسة، حجم التمويل الإسلامي ككل بحوالي 2 تريليون دولار في أواخر 2015، وعلى الرغم من التباطؤ الطفيف في وتيرة النمو المتوقع في بعض البلدان في الفترة 2016-2017، من المتوقع أن يصل الرقم إلى 3 تريليونات دولار على مدى السنوات القليلة المقبلة، وكذلك من المتوقع أن تنمو الأصول المصرفية الإسلامية في الدول التسع من 920 مليار دولار في أواخر 2015 إلى 1.6 تريليون دولار في نهاية 2020، ومعظم هذا النمو سيكون في الأسواق الخليجية، مثل قطر والكويت والسعودية والإمارات.
وبسبب معدلات النمو الكبيرة المتوقعة، بدأت الصين في التحرك نحو التمويل الإسلامي بشكل جاد في السنوات الأخيرة، خصوصاً وأن هذا الأمر يتوافق مع مشروع «حزام واحد طريق واحد»، الذي أعلن عنه الرئيس «شي جين بينغ»، في أواخر 2013، لربط أوروبا وآسيا معاً بطريق تجاري يشبه طريق الحرير القديم.
وعلى هذا الأساس، تم اعتبار الشرق الأوسط والخليج مناطق رئيسية لإقامة شراكات محتملة بهذا الصدد. وقامت الصين بإبرام صفقات شاملة مع المؤسسات المالية الإسلامية، بالإضافة لزيادة الربط المالي والتجاري بين الصين وقطر.
وفي أبريل 2015، أصبحت قطر أول دولة في الشرق الأوسط تدشن مقاصة «الرينمينبي»، كما أعلن البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية عن شراكته مع البنك الإسلامي للتنمية، فضلاً عن استثمار الصين في مجال التمويل الإسلامي في عدد من دول الخليج.
وفي نفس الإطار، أعلنت كينيا في أبريل 2015، أنها ستعمل بالشراكة مع قطر، لتطوير قطاع الخدمات المالية الإسلامية الوليدة في البلاد الإفريقية وتنميتها، بالأمر الذي يبشر بعقد صفقات واتفاقيات مماثلة في جميع أنحاء العالم في السنوات المقبلة، وسوف تلعب قطر دوراً رئيسياً في تطوير المنتجات الإسلامية، وذلك من خلال المركز المالي، الذي سينطلق قريبا في نيروبي، حيث بدأت الحكومة الكينية في بنائه بالفعل، لتحويل العاصمة لمركز مالي كبير في المستقبل.
copy short url   نسخ
12/01/2017
2038