+ A
A -
إدلب- وكالات- في اليوم الذي غادر فيه بلدة داريا في ريف دمشق التقط محمد أبوعمار صورة في المقابر ليتذكر الأقارب الذين سيتركهم خلفه دون أن يعرف ما إذا كان سيعود إلى بلدته في أي وقت من الأوقات.
وقال أبوعمار- وهو ناشط معارض كان قد عمل في مجلس بلدي بالمنطقة التي تديرها المعارضة المسلحة- «حملت تذكارا لكل شقيق من أشقائي وصديق من أصدقائي الذين قتلوا لكي أتذكرهم، ذهبنا إلى المقابر لنقول وداعا».
وغادر داريا بالحافلة في أغسطس الماضي عندما أرغم النظام من تبقوا من أهالي البلدة والمقاتلين على إخلائها بعد سنوات من الحصار والقصف بموجب اتفاق هجر المدنيين والمقاتلين إلى محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة في شمال غرب سوريا.
وتدفق السوريون على إدلب بوتيرة متسارعة على مدار العام الماضي، إذ أجبروا على التخلي عن منازلهم في مناطق أخرى من غرب سوريا استعادها النظام وحلفاؤه من قوات المعارضة.
وبعد أن التمسوا المأوى في مخيمات أو بمنازل أقارب أو أصدقاء يكافحون حاليا لبدء حياة جديدة في ظروف قاسية مع اكتظاظ إدلب أكثر من أي وقت مضى بنازحين من دمشق وحمص، وفي الآونة الأخيرة من حلب.
وكان آخر من وصلوا إلى المحافظة مجموعات من شرق حلب الشهر الماضي بعد اتفاق على تهجير عشرات الآلاف من أهالي الأحياء التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة، ونقلت قوافل حافلات أكثر من 35 ألف شخص بينهم مقاتلون من المعارضة وأسرهم ومدنيون، ذهب كثير منهم إلى إدلب.
وبالنسبة لكثيرين سرعان ما حل الشعور بأنهم لن يتمكنوا مطلقا من العودة إلى ديارهم محل الارتياح الأولي بالفرار من الحصار، فإدلب ليست ملاذا آمنا، وهي لا تزال هدفا للغارات الجوية الشديدة من جانب سلاح الجو السوري والروسي، وبعض الجماعات الإسلامية التي لها الغلبة هناك ليست مشمولة بوقف لإطلاق النار في أنحاء البلاد توسطت فيه روسيا وتركيا.
وقال أحمد الدبيس- وهو عامل إغاثة طبية في شمال سوريا- «المنطقة أصبحت مكتظة، بها نازحون من مختلف أنحاء سوريا وتفتقر للخدمات، سواء طبية أو إنسانية أو سكنية»، مشيرا إلى أن معظم النازحين من حلب انتشروا في أنحاء المخيمات وأماكن الإيواء أو ذهبوا للإقامة مع أقارب.
ويشعر كثير من النازحين بأن السبل تقطعت بهم في إدلب بعد مغادرة مجتمعاتهم المتماسكة، وسرعان ما صدمهم الواقع المؤلم بأنهم ربما لا يعودون أبدا.
وفي حين تمكن بعض الناس من فتح متاجر صغيرة أو العثور على عمل أو استئجار شقق يقول كثيرون إنهم بعيدون كل البعد عن أن يستقر بهم المقام.
وقال تمام أبوالخير- وهو ناشط معارض من داريا ويعيش الآن في إدلب- إن وتيرة تدفق الأشخاص على المنطقة تفوق قدرة جماعات الإغاثة على التعامل معهم.
وأضاف «الجميع فعل ما بوسعه، مواطنو إدلب فتحوا منازلهم».
وبحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، فإن عدد السكان في إدلب يبلغ نحو مليونين، بينهم سبعمائة ألف نازح.
وأودى الصراع في سوريا بحياة مئات الآلاف من الأشخاص منذ 2011، وشرد زهاء 11 مليون سوري. وتقول المعارضة السورية إن الاتفاقات تصل إلى حد سياسة التهجير القسري أو تغيير التركيبة السكانية التي تستهدف دعم نظام بشار الأسد.
في غضون ذلك واصل النظام السوري خرقه للهدنة.
copy short url   نسخ
05/01/2017
2875