+ A
A -
كانت أفعال الكيان الصهيوني الغاصب في أرض وشعب فلسطين هي صورة الإرهاب الأشمل لدى شعوب العالم، لكن تلك الصورة التي شغلت وسائل الإعلام والشاشات بنقلها لعقود تلاشت لتحل محلها بداية من 11 سبتمبر 2001 طائرات الركاب المدنية التي دكت ناطحات مدينة نيويورك الأميركية، ومنذ ذلك الوقت أصبح الإرهاب أرق الشرق والغرب المستمر.
بعيد الحادثة المشار إليها برزت معان ودلالات جديدة لهذا المصطلح الذي تلبسته جماعات بعينها تنسب إلى الإسلام وتتهم بارتكاب جرائم لا تمت اليه بصلة ولا يقبلها العقل والوجدان الصحيح للمسلم.
والحال كذلك يصبح البحث عن تعريف دقيق لظاهرة الإرهاب مطلبا ملحا على المستوى الدولي، وذلك من أجل إدراك حجم الظاهرة وطرق الوسائل الكفيلة بمعالجتها.
وأشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة بحري بالسودان فايز عمر جامع إلى أن القانون الدولي يعرف الإرهاب بأنه «الاستخدام المنظم للعنف لتحقيق هدف سياسي يشمل الاعتداءات الفردية والجماعية والتخريب وأعمال العنف المختلفة التي تقوم بها جماعة منظمة وخلق جو من الرعب والفزع وعدم الأمان»، وفي اتفاقية جنيف 1973م فقد عرف بأنه «الأعمال الإرهابية ضد دولة وتهدف أو تخطط إلى إحداث حالة من الرعب في أفكار أشخاص أو مجموعة من الناس أو لدى عامة الناس».
وفي محاولة لتفسير أسباب الإرهاب أكد عضو هيئة علماء السودان الشيخ إبراهيم الكاروري أن (حواضن التطرف هي الظلم، والحاضنة السياسية، والدكتاتورية وكذلك الحاضنة الاقتصادية التي نتج عنها المنهج الاقتصادي المختل، والجماعات المغلقة، والتعصبية وهي جراء الضعف المذهبي والإيدولوجي، والقهر الدولي).
ومن جانبه يرجع الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى عارف الركابي بواعث الأعمال الإرهابية التي تنسب لجماعات ذات صبغة إسلامية إلى قلة المعرفة والحصيلة الإسلامية ورأى أنها من المشاكل التي تواجهنا اليوم، وشدد الركابي الذي كان يتحدث في مؤتمر عقد سابقا في الخرطوم عن الظاهرة، على أن عملية التحاكم إلى الكتاب والسُنة وبيان الأحكام الشرعية وتوضيحها بالطرح المميز هو الطريق للتعامل مع القضية، داعيا لمراجعة مسألة عدم وجود (المتطلبات الإسلامية في الجامعات لأنها من الأسباب). مآلات هذه الظاهرة التي كانت شعوب المنطقة أول من ذاق مراراتها، بنظر أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية حسن عبدالعاطي، تبدو مخيفة لحد بعيد لأسباب مختلفة.
الأول عدم الاتفاق على منهج للتعامل مع الظاهرة ككل في المنطقة ما يترك أغلب المعالجات معزولة وذات نتائج محدودة، والثاني ترك مساحة للآخرين من أجل محاصرة دول ومجتمعات المنطقة وتحميلها المسؤولية في ما يحدث دون السعي معها لإيجاد معالجات دولية تتفهم أسباب الظاهرة وجذورها العالمية، أما السبب الأخير فهو وفقا للأستاذ الجامعي عدم الاتفاق على تعريف محدد للإرهاب وأفعاله يستوعب المتغيرات في المنطقة والعالم، والانجرار بدلا عن ذلك إلى محاولات نيل صك البراءة من العالم ومؤسساته من خلال مواكبة عمليات الإدانة وتأييد كل ما يصدر بشأن الظاهرة. ويتساءل الأستاذ الجامعي، في حديثه لــ الوطن، عن موقف العالم من ممارسات الدولة الصهيونية في أرض فلسطين المحتلة، ومدى توافق ما تقوم به آليات تلك الدولة القمعية من جرائم مع تعريفات الإرهاب في القوانين الدولية.
أما عن مآلات هذه الظاهرة التي أرقت العالم بشدة وأثرت في العلاقات الدولية وأضرت بالمصالح المشتركة بين الشعوب في الشرق والغرب، فليست واضحة المعالم، كما يؤكد استاذ العلوم السياسية في جامعة بحري فايز عمر جامع، فالإرهاب بتعريفاته المستحدثة والقاصرة على ما ترتكبه جماعات بعينها تنتسب زورا للإسلام يكبد العالم الإسلامي أثمانا باهظة، أول هذه الأثمان مخاطر التعرض للمخططات الخفية التي تدار ضد المنطقة، والتي استفادت من التفاعلات الداخلية في الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر ومن أبرزها تقسيمها دول العالم إلى محاور للشر والخير، والتحول غير المباشر عن المبادئ الليبرالية ومفاهيم «الحريات الأساسية». وتابع: أما أسوأ تلك المآلات فاستمرار حالة التباعد بين الأطراف في المجتمع الدولي بسبب الظاهرة والاختلاف حول أسبابها ومدى تأثيراتها، والتباعد الذي يمكن أن يحدث بين الناس في العالم على أساس ديني.
copy short url   نسخ
30/05/2016
835