+ A
A -
لا ينفك الجدل يدور حول (الإرهاب) وتعريفاته، فهو لا يزال مصطلحاً مبهماً وغير محدد، بينما تحاول بعض القوى الكبرى إلصاقه ببعض الجماعات الإسلامية، لا تسلم هي أيضا الاتهامات بممارسته لتحقيق مصالحها في المنطقة العربية والإسلامية.
تتعدد وتتشابك أسباب (الإرهاب)، منهم من يرجعها لأسباب دينية ثقافية واقتصادية واجتماعية، ومنهم من يرجعها لدوافع سياسية وأطماع دولية، ولكن مآلاته في محصلته النهائية تفكك المجتمعات ونشر ثقافة العنف والكراهية، الذي ينتهي بتقسيم الدول وانهيارها، وزعزعة الأمن والسلم الدوليين.
ويجمع الخبراء على أن الحلول الأمنية والعسكرية ليست كافية معالجة ومحاربة ظاهرة الإرهاب بأشكاله المختلفة، ويدللون على ذلك بالحرب الطويلة على التنظيمات الجهادية التي رغم اضعافها، إلا أنها سرعان ما تتشكل من جديد اكثر قوة.
يقول د. محمد المجذوب المفكر الإسلامي السوداني، إن مفهوم الإرهاب ملتبس، يستخدمه كل طرف لاعتبارات خاصة، فالقوى الكبرى تحاول إلصاق المصطلح ببعض الجماعات الإسلامية في المنطقة، باعتبارها عدوة لسياسات الغرب في العالم العربي والإسلامي، وذلك لتقويض موقفها الأخلاقي حتى يسهل ضربها.
ويضيف المجذوب في حديثه لــ الوطن وإذا سألت هذه الجماعات فإنهم لا يرون أنفسهم إرهابيين، وإنما هم مدافعون عن قضايا المسلمين ضد التدخلات الأجنبية في بلاد المسلمين.
ويرى أن الإرهاب وصف شائع درجت وكالات الاستخبارات العالمية وبعض الدوائر على إطلاقه تجاه مجموعات إسلامية بعينها، معتمدة في ذلك على الآلة الإعلامية الغربية الضخمة، وهي ذرائع تستغلها الدول الكبرى للتدخل في العالم العربي والإسلامي لاستغلال موارده، من خلال زيادة حدة التوترات المذهبية.
وحول مآلاته يقول المجذوب إن القوى الكبرى ستستمر في أجندتها وتطلق المسميات كما يحلو لها، واستخدام فزاعة «الإرهاب» لتنفيذ أجندتها الأمنية والسياسية والحضارية، تحت مسوغات كثيرة من بينها المحافظة على مصالحها في المنطقة، وحماية أمنها من خطر الإرهاب، ويرى أن الحل في أن تسعى الدول الإسلامية إلى تأسيس اتحاد إسلامي أممي، تضع فيها سياستها وتطوره في كل المجالات بما في ذلك الاقتصادي حتى العملة الموحدة لمجابهة الأجندات الخارجية التي تسعى إلى التدخل في المنطقة بحجج مكافحة الإرهاب.
ومن جانبه يرى د. بشير الشريف المحلل السياسي، أن أسباب الإرهاب يعتبر ظاهرة مركبة في سياقات مختلفة «سياسية وثقافية واقتصادية»، وهو في المنطقة العربية والإسلامية مرتبط بضعف الوعي الفكري، وسيطرت المدارس التقليدية على عقول الشباب تدفعهم إلى العنف.
ويضيف في حديثه لــ الوطن من أسبابه أيضا غياب الديمقراطية والاستبداد، وأيضا السياسات الإمبريالية التي تسعى للهيمنة إلى إرادة الشعوب، ما يدفعها إلى حمل السلاح ضد المصالح الغربية، مثلت تلك الجماعات القاعدة وغيرها، كما أن بعض الدول الكبرى مثل أميركا تمارس الإرهاب لحماية مصالحها وأمنها القومي.
ويرى الشريف أن مآلات الإرهاب سيؤدي إلى تفكيك المجتمعات وانهيار الدول كما يحدث الآن لبعض دول المنطقة العربية، ونشر ثقافة العنف والكراهية على المدى الطويل، ويضيف من الصعوبة مكافحة الإرهاب بالوسائل العسكرية، ولابد من ابتداع وسائل جديدة لمحاربة الحواضن الثقافية والفكرية للإرهاب، وهذا لن يتم بالتدخل العسكري، وإنما يتطلب إرادة وجدية من الدول، وخاصة من الدول التي تتشدق بحقوق الإنسان وتمارس الاستبداد.
ويتفق الخبراء الذين تحدثوا لــ الوطن على أن للإرهاب آثاراً وتداعيات خطيرة على الأوضاع الاقتصادية للدول، وأنه يتغلغل ليضرب المجتمعات مخلفاً أضراراً بالغة، تظهر على المدى القريب والبعيد، أما على المستوى الأمني فإن استمرار الهجمات الإرهابية على الدول الغربية سيوسع من انخراطها في محاربة الإرهاب واجتثاثه من جذوره خاصة في منطقة الشرق الأوسط.
copy short url   نسخ
30/05/2016
798