+ A
A -
يعاني العالم أجمع من التنظيمات الإرهابية، فلا فرق بين بلد عربي أو غربي لدى التنظيمات المتطرفة، وجميع دول العالم تقريبا تداعت من تأثير الإرهاب، حتى الدول التي نجحت في تأمين حدودها وغلقها بإحكام في وجه المتطرفين، تعاني بشكل أو بآخر من تبعات العمليات الإرهابية التي وقعت في دول مجاورة، والمغرب بالرغم من تصنيفه كدولة آمنة سياحيا، إلا أن السياحة– المصدر الأهم للدخل العام- تأثرت إلى حد كبير نتيجة الأحداث الإرهابية التي وقعت في تونس وفرنسا مؤخرا، ربما لأن نسبة مهمة من المقاتلين في صفوف تنظيم «داعش» المتطرف يحملون الجنسية المغربية، فروا إلى معسكرات التنظيم في سوريا والعراق بعد أن ضاقت بهم السبل في تشكيل خلايا إرهابية بالمغرب بسبب الضربات الأمنية الاستباقية التي أسقطت عشرات الخلايا قبل تنفيذ أي عملية لها.
يقول الحبيب الدقاق، الأستاذ بكلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية في المغرب، والمحلل السياسي لـالوطن، ان التنظيمات الإرهابية التي ظهرت خلال القرنين الماضي والجاري وخاصة تنظيم «داعش» المتطرف وجد في أغلب الدول العربية بيئة خصبة لاحتوائه على أسباب كثيرة أهمها ضعف الأنظمة بهذه الدول وانتشار الجهل والتخلف والفقر والخلل الكبير في الخطاب الديني والصراعات الطائفية وهي الآفة الكبرى، ولو تأملنا معقل التنظيم الأخطر والأكثر إجراميا خلال القرنين الماضي والحالي «داعش» سنجده قد خرج من العراق، بلد الفتنة الطائفية الأولى، وتأسست نواة التنظيم من الكتائب المقاتلين من السنة ضد الشيعة، ثم ضد كل ما هو ليس مسلما سنيا، وامتد إلى سوريا لنفس السبب بزريعة الخروج على النظام «العلوي»، وحتى في اليمن، ثم توسع التنظيم بشكل اكبر ليجد من الدول المضطربة سياسيا مثل ليبيا وتونس ومصر ونيجيريا مستقرا له، ومنها إلى العالم اجمع، واستغل التنظيم انتشار الفقر والكبت السياسي والتشوه في العقيدة المنتشرة في الوطن العربي على وجه الخصوص لاستقطاب المقاتلين وخاصة المراهقين، ووجد التمويل المالي في البترول وتجارة الآثار، وأثبتت التحقيقات الأمنية مع المقاتلين المضبوطين وخاصة في المغرب تعاون التنظيم المتطرف مع المافيا في تجارة المخدرات وتبييض الأموال، وكذلك شراء الأسلحة الحديثة والمتطورة عن طريق المافيا وعصابات تجارة وتهريب السلاح المنتشرة في جميع انحاء العالم، وبالتالي اصبح استقطاب المراهقين الفقراء أمرا سهلا بعد اغرائهم بالمال والمناصب الرفيعة في الدولة الحديثة المزعومة.
ويؤكد محمد اكضيض الضابط السابق بالأمن الوطني المغربي والخبير الأمني، ان الاحصائيات الرسمية في المغرب تشير إلى انه منذ تفجيرات الدار البيضاء الإرهابية سنة 2003 والتي راح ضحيتها 45 قتيلا، تمكنت السلطات الأمنية من تفكيك 140 خلية إرهابية في اطار الخطة الاستباقية للأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى تسجيل التحاق 1354 مغربيا في صفوف التنظيم في سوريا والعراق، اعتقل منهم 220 شخصا عند عودتهم إلى المغرب، وقتل 286 شخصا اثناء المعارك في العراق وسوريا، كما يضم التنظيم 158 امرأة و135 طفلا مغربيا، وهذه الأرقام تؤكد حقائق عديدة أهمها ان الفقر وتشوه الخطاب الديني في المغرب كان السبب الرئيسي وراء هجرة كل هؤلاء للانضمام إلى التنظيم، وأيضا تسبب تورط عشرات المغاربة في الاعمال الإرهابية التي وقعت مؤخرا في أوروبا في تراجع الاستثمار بنسبة ليست بسيطة، كما تراجعت عمليات الطلب على العمالة المغربية في أوروبا وتوقفت عمليات منح الإقامة والتجنيس للمغاربة، مما اثر سلبا على الاقتصاد المغربي بشكل كبير.
copy short url   نسخ
30/05/2016
754