+ A
A -
منذ اندلاع ما بات يُعرف بـ«الربيع العربي»؛ وموجة الإرهاب تضرب المنطقة العربيّة، خاصة في سوريا والعراق، حتّى أنّ حممها وصلت لما أبعد من ذلك، أوروبا مثلاّ؛ ما يُهدد استقرار المنطقة، وتقدّمها، ويجعل المنطقة العربيّة دوماً على صفيح ساخن، حتّى أضحى الإرهاب ظاهرة لا يُمكن نكرانها في المنطقة العربيّة من مشرقها حتّى مغربها. ظاهرة العنف ليست جديدة بحد ذاتها، لكنّ الجديد فيها هو محاولة بعض الجماعات التكفيريّة ربط سلوك «الإرهاب» بالدين والعرق، وتكفير الناس، وسبي النساء، وقتل الأبرياء دون وازع أو رادع، وحالات النزوح التي لم تشهدها المنطقة العربيّة من قبل؛ هرباً من الموت؛ ما يُنذر بحالة تطرّف فكري وديني بعيدة كل البعد عن الدين الإسلامي القويم.
بالرجوع لأسباب انتشار الإرهاب في المنطقة العربيّة؛ فإنّ الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، إبراهيم المدهون، يرى أنّ وجود الاحتلال الإسرائيلي هو أوّل عامل يُساعد على الدوام في تغذية الإرهاب وتنشيطه في المنطقة العربيّة، لعدّة أسباب، ليس آخرها خلق حالة من عدم التوازن في الدول العربيّة، والتشتت الداخلي، على حساب توفير الأمن لما يُسمّى «دولة إسرائيل»! يقول المدهون لـالوطن، إنّ وجود إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط؛ أوجد خللاً في تركيبة المنطقة، سواء كان خللاً عقائدياً، طائفياً، جغرافياً، وديموغرافياً، مُشيراً إلى أنّ إسرائيل تُمارس الإرهاب كي تحفظ وجودها وأمنها في المنطقة، كما تعمل على تصديره إلى المنطقة بأكملها؛ كي تصرف الأنظار عن الإرهاب الأوّل الذي تمارسه بحق السكّان.
يضيف: «لكي تصبح إسرائيل عضواً فاعلاً في المنطقة؛ عملت على تصدير الإرهاب لدول الجوار، ودعمه، وتغذيته على الدوام، في المُقابل تسعى لتوفير الأمن والاستقرار لنفسها، على حساب دول الجوار، وعلى هذا الأساس تقسّمت المنطقة العربيّة على أساس مذهبي تارة، وطائفي تارة أخرى».
كما يُلفت الكاتب الصحفي المدهون؛ لوجود أطماع أميركيّة غربيّة تجاه المنطقة العربيّة الغنيّة بالخيرات والثروات الطبيعيّة، وهو ما أدّى لزيادة النفوذ الأميركيّة في المنطقة عن طريق تعزيز الإرهاب وتناميه بين الدول.
ويذكر لـ الوطن أنّ النظم الاستبداديّة التي حكمت المنطقة العربيّة عملت على تقسيمها، وجعلها بيئة خصبة للتطرّف الأعمى والعنف، مضيفاً: «أينما وُجِد الاستبداد؛ وجد العنف، وردود الفعل المنفعلة والمتهوّرة، خاصة أنّه لا مكان للأساليب السلميّة». لافتاً إلى عدّة عوامل أخرى من شأنها تعزيز العنف في المنطقة، كالفقر، سرقة خيرات الشعوب، والعبث الخارجي بالمنطقة. يضيف المدهون: «للأسف؛ التطرّف يأكل بعضه، والإرهاب يفتت بالجسم، وإن لم يكن هناك وعي عربي لظاهرة الإرهاب في المنطقة، وخطورتها؛ فستكون النتائج وخيمة على البنية الجغرافيّة والعقديّة، خاصة وأننا نعيش حالة من الصدمة»، مضيفاً: «يجب ألّا نحصر الإرهاب في جماعة أو فكرة».
وبخصوص تنظيم «داعش»، وممارساته في بعض الدول العربيّة، يقول المدهون لـالوطن: «هذه حالة سيّئة ستؤدي إلى تغيير شكل المنطقة، هناك دول اختفت، ودول جديدة تبرز، وهناك حالة من الغربة والنزوح وعدم التعايش، والآثار ممتدّة إن لم تكن هناك مصالحة، وإنهاء هذا النزيف، وأعتقد أن هذا صعب في الوقت الحالي».
وبرغم تكاتف الجهود المحليّة والدوليّة لمكافحة الإرهاب، على مختلف المستويات والأصعدة، إلّا أنّ المؤشرات الميدانيّة لا زالت تُشير إلى اتساع دائرة لهب الإرهاب في المنطقة العربيّة، خاصة في سوريا والعراق وليبيا، ارتباطاً بالعديد من الأسباب والعوامل السياسيّة والدينيّة والاقتصاديّة، الأمر الذي يدق ناقوس الخطر، ويضع الجميع في موقف تضافر الجهود في إطار استراتيجية شاملة لا تعتمد على الجانب الأمني والعسكري في مكافحة الإرهاب فحسب، بل تتبع أبعاداً تنمويّة، إلى جانب تجديد الخطاب الديني.
copy short url   نسخ
30/05/2016
639