+ A
A -
في الوقت الذي ترى فيه أميركا وأوروبا أن الإسلام والجهاد والمقاومة «إرهابٌ»، يرى المسلمون أن الإرهاب كلّه يجتمع في تلك الدول، في حين أنهم يجتمعون في المؤتمرات الدوليّة لتحديد مفهومه تحديداً دقيقاً إلا أنهم لم يتوصلوا إلى حل نهائي لتحديده بشكل منطقي وعقلاني وذلك لاختلاف أيدولوجية كل طرف عن الآخر، إلا أنّ أسباب الإرهاب وتداعياته ومآلاته باتت أشبه بالواضحة لكثرة ما انتشر في العالم في الآونة الأخيرة.
المحل السياسي الفلسطيني عبدالستار قاسم أوضح أن السبب الأساسي للإرهاب هو هيمنة أهل الغرب على العرب والمسلمين، حتى لم يتركوا لهم مجالاً للتنفُّس وهم من ولّدوا الرغبة والانتقام والثأر.
وقال لـ الوطن: هذا إلى جانب تعزيز تلك الهيمنة وتجديدها، واستغلال الثروات فأوروبا تحافظ على إسرائيل، جغرافياً حيث قسموا الشام في اتفاقية سايكس بيكو 1917، والآن قسموها سكانيا من خلال الفتن الطائفية.
وأضاف: «إن وجود الكيان الصهيوني الذي تحافظ عليه أميركا في الشرق الأوسط مقابل خوف العرب منه، من أسباب ومظاهر الإرهاب في العالم وبسبب هذا الكيان مورِس الإرهاب بشكلٍ لا معقول».
في حين أن الظلم في العالم العربي كبير جداً– والحديث لقاسم- لأن من الحكّام العرب من قمع الناس وسجنهم وعذبهم ونهب ثرواتهم واعتدى على نسائهم وممتلكاتهم، فربّوا الكراهية والبغضاء وولدوا في النفوس قهراً كبيراً وحبّاً للانتقام.
بينما كان للتدريس الديني في الساحة العربية الإسلامية، مكاناً بين مسببات الإرهاب، يقول قاسم: لقد بات ذلك التدريس عنصرياً تعصبيّاً إقصائيّاً، حيث يُمدَح فيه الإسلام شفاهةً ويُساء إليه فعلاً وعملاً، وتُكمَم الأفواه بكثرة التحريم، والأكثر إساءة للإسلام هم المسلمون الذين يفتقدون للأخلاق وللتماسك الاجتماعي، وبسبب ممارسات هؤلاء الطغاة بات المسلمون وكأنهم إرهابيون.
وأضاف: «إن العربيّ بتربيته وتنشئته الاجتماعية متعصِّب للعائلة وللفصيل وللحزب وللبلد، ولا يرى العربيّ الحقيقة إلا في نفسِه، والآخرون يراهم مخطئين، وما داموا على خطأ لابد من التخلص منهم، وتلك هي التربية فاشلة».
فالمحرك الأساسي للإرهاب هو العيش في ظلم وقهر عند العرب، والرغبة في هيمنة أميركا وأوروبا من خلال إشاعة الفوضى والفتن وإضعاف الدول العربية وتشتيت الشعوب وجعلهم في حالة من الخوف.
أما المحلل السياسي ورئيس مركز الدراسات المعاصرة أ. صالح لطفي فقال لـ الوطن: الظلم التاريخي الذي وقع على الشعوب العربية والمسلمة في الشرق الأوسط من قبل الاستعمار وتحديداً بريطانيا وفرنسا وفي منطقة شمال إفريقيا، ما بين عامي 1917-1948، ونجم عن هذا الاستعمار وجود إسرائيل على أنقاض الشعب الفلسطيني.
وأضاف: «هناك استعمار آخر لمنطقتنا ممثلا بالاتحاد السوفياتي ثم روسيا والولايات المتحدة والتي استنفذت قدرات الشّعوب، وفي نفس الوقت حُكِمَت الأمة العربية من قبل نُخَب متواصلة وصديقة مع هذه الاستعمارات ومارست سلطة الظّلم والطغيان على شعوبها».
وتابع: «رد الفعل البديهي لذلك الظلم هو (الإرهاب) فهذه الأنظمة لم تسمح ولم تمنح مساحات حرية وعمل وتعبير عن الرأي».
وكان الإرهاب أيضاً حسب– المحلل السياسي لطفي- بسبب الصراع الأيديولوجي «حيث سقطت الفكرة القومية في الشرق الأوسط ولم تمنح لشعوبها الراحة والعدالة، وكذلك الفكرة الوطنية سقطت لنفس السبب، لتبرز من بعدها الفكرة الإٍسلامية التي هي الأخرى تطرّفت فأساءت للإسلام والمسلمين».
وبدوره قال البروفيسور صالح الرقب أ. العقيدة والمذاهب المعاصرة في الجامعة الإسلامية لـ الوطن: أميركا وأوروبا تعرفان الإرهاب وفق ما يخدم مصلحتهما في حين أنها مارست الإرهاب بكل أشكاله ضد المسلمين والعرب، وأن الرغبة في الهيمنة والسيطرة من أسباب الإرهاب الدولي.
وأضاف: هناك أهداف سياسية ودينية لذلك الإرهاب، لقوله تعالى: «ولايزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا»، وكذلك قال في كتابه العزيز: «إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون».
أما الأهداف الاقتصادية فهي كما يقول- الرقب- «يريد الغرب للعالم العربي الإسلامي أن يبقى متخلفاً اقتصادياً لنهب خيراتِه ويبقى سوقاً استهلاكياً لمنتجات الغرب».
copy short url   نسخ
30/05/2016
626