+ A
A -
يوجه الكاتب والمحلل الأردني د. هشام البستاني أصابع الاتهام، في تفسير الظاهرة الإرهابية، إلى عوامل متعددة، ليس أولها «الاستعمار»، بوصفه الإرهابي الأول، ولا آخرها «الاستبداد» و«الدولة الفاشلة»، باعتبارهما تعبيرا عن الاخفاق الكلي.
ويقول د. البستاني، إن «الظاهرة الإرهابية لم تأت من فراغ، ولم تتساقط علينا فجأة من الفضاء الخارجي، بل هي نتاج عوامل متشابكة، تشهدها المنطقة العربية منذ بضعة عقود».
ويضيف البستاني، وهو مؤلف كتاب «الفوضى الرتيبة للوجود»، أن «الماضي الاستعماري للمنطقة العربية، أسهم إلى حد كبير في توليد الظاهرة الإرهابية، خاصة أن التحرر منه أنتج دولا تابعة وعاجزة، تقودها أنظمة سياسية فاسدة ومستبدة في الوقت ذاته»، معتبراً أن هذا أفرز ما تبعه.
ويرى د. البستاني أن «النظام السياسي الناشئ، الذي اتسم بالاستبداد والفساد، سعى– في سبيل تمكين ذاته– إلى تعزيز الانقسام والتبعية، وإلغاء الشراكة السياسية، وتكسير المجتمع ومناهضة تكويناته المدنية، من أحزاب ونقابات وهيئات شعبية، التي اعتبرها تهديداً لحكمه المطلق، وهو ما أدى تالياً إلى إنتاج دول فاشلة تنموياً، ينتشر فيها الفقر والبطالة، وتنخرها الانقسامات، التي أتاحت للقوى الدولية والإقليمية توظيفها واستغلالها».
ويُلقي البستاني بجزء من اللائمة في تجذر الظاهرة الإرهابية على قوى دولية وإقليمية، ويقول «ثمة دور للقوى الدولية والإقليمية المختلفة في دعم و/أو السكوت عن بعض أشكال الظاهرة، لتوظيفها ضمن الصراع الدولي/ الإقليمي العام، وهو ما شكّل دافعاً لها».
ويعتبر د. البستاني أن «ما يسمى بالدولة الوطنية ولدت مشوّهة وعاجزة عن أية إمكانية للتحرر، فمن رسم حدودها وأنشأ مؤسسات الحكم فيها كان الاستعمار، والهوية الناتجة عنها هي هوية انعزالية بالضرورة، استعاضت (بعد نشوئها) عن الآخر الاستعماري بالآخر الداخلي، بما يتضمنه هذا الاستبدال من بروز للنزعات الإقصائية القائمة على العرق والقومية والدين والطائفة والعشيرة والعائلة والمنطقة، وغيرها».
وفي تصويره للواقع الحاضن للإرهاب، يقول البستاني إن «الاستعمار والأنظمة التي تلته ساهمت في تعزيز الانقسامات، باعتبارها الضامن لتبعية الدولة الوطنية إلى مراكز القرار الدولي من جهة، فيما ضمنت الانقسامات شرعيّةً ما (هي شرعية الحاجز أو الضامن ضد الانفجار) لأنظمة لا شرعية شعبية لها.
copy short url   نسخ
30/05/2016
621