+ A
A -
يقف السياسي المخضرم د.كامل أبوجابر، وزير الخارجية الأردني السابق، عند محطات تاريخية في تشخيصه لـ«الظاهرة الإرهابية»، ويرى أن الباحثين في جوهرها تجاوزوا تمحيصها، والأخذ بها، باعتبارها أسباباً مباشرة وأصيلة فيما نشهده اليوم.
ويستهل أبوجابر، الذي يفخر بثقافته الإسلامية رغم انتسابه للدين المسيحي، حديثه عن الإرهاب بإنكار «الصلة المزعومة» بين الدين الإسلامي وما شذ من تطرف وإرهاب في العالم عموماً، والمنطقة العربية خصوصاً، ويرى في الربط بينهما «تجنيا وتزييفا للحقيقة».
يقول د.أبوجابر، وهو دبلوماسي رفيع ظل على تماس مع السياسيين العالميين لعقود عدة، إن «دلالة مصطلح الإرهاب في الثقافة العربية، تختلف تماماً عن المقصود بكلمة TERRORISM في الثقافة الغربية، التي تراوح لديهم في مفهوم الترويع الساعي إلى تحقيق مكتسبات (سياسية، اقتصادية، اجتماعية،...) بعيداً عن أحقية هذه المجموعة أو الفرد بها.
ويرى أبوجابر، الذي استطلعته الوطن من عمان، أن «أحد الأسباب المباشرة لنمو حالة التطرف هو الغضب، الذي يعتبر الدافع للخروج على السائد مما اعتادته المجتمعات، وبالتالي لا بد من النظر في جذور الغضب، الفردي والجماعي، للوصول إلى أصل الظاهرة الإرهابية، التي باتت تهدد عالمنا العربي، وليس الغرب.
ويتساءل أبوجابر، قبل أن يجيب، عن «مدى حقيقة قدرتنا نحن العرب على إرهاب الآخر؟»، ويقول «لا شك أننا عاجزون عن إرهاب أو ترويع أحد، فكل مؤشرات القوة تحيلنا إلى مرتبة أضعف بكثير من القدرة على الفعل الإرهابي، الذي – بوصفنا الجمعي – لا نمتلك أدواته».
«وبعيداً عن شمّاعتنا التقليدية (الغرب)، التي نلقي عليها مسؤولية كل طارئ حل بنا»، يقول أبوجابر، علينا النظر فيما «آلت إليه أحوالنا من تشرذم وضعف، وأدت إلى بروز العنف والتطرف، باعتبارهما نتاجاً لتلك الخيبات اللانهائية المتراكمة».
ويزيد «على مدى ألف عام، التي أسميها عصر الانحطاط العربي، لم يعرف عالمنا نهوضاً فرعياً أو رئيسياً، بل ظل ملحقاً بما غزاه من حضارات أقوام أخرى، إذ كانت بلادنا أطرافاً لا مركزاً حضارياً، وحين ولجنا عهد الدولة الوطنية، في أعقاب الحرب العالمية الأولى والثانية لم نجد ما يسندنا سوى الملل والنحل والقبلية والعرقية».
وفي تعقبه للبنية الاجتماعية – السياسية للظاهرة الإرهابية - يضيف - «وحين تأسست الدولة الوطنية لم نمتلك تراثاً مستقراً في الحكم، ورحنا نبحث عما اختزنته ذاكرة قرون مضت، فلم نجد سوى ثقافة الراعي والرعية، التي فقدت في فضائها السياسي صفات أصيلة تضمنها فضاؤها الديني، الذي حث على الحكم العادل والرحيم، وباتت نموذجاً بشعاً من السلطوية المُفرطة».
ويرى أبوجابر، أن «السلطوية الناشئة والجاهلة في آن واحد، التي تزامنت مع بناء الدولة الوطنية، ترافقت مع نمو مطرد للتوقعات الشعبية العربية.
copy short url   نسخ
30/05/2016
619