+ A
A -
يواجه سكان الأحياء العربية في مدينة القدس المحتلة عدة تحديات وصعاب تؤثر على تفاصيل حياتهم اليومية، أبرزها البطالة والفقر، إضافة إلى النقص الكبير في الاحتياجات الأساسية.
ويشدد متابعون على أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنتهج سياسية ممنهجة ضد سكان الأحياء العربية في القدس المحتلة من أجل دفعهم لتركها.
وبحسب دراسة حقوقية، فإن الأحياء العربية في القدس تفتقر لمعظم مقومات البنى التحتية والخدمات الاجتماعية، مما يتطلب من أطراف الصراع والمجتمع الدولي التنبه لهذه الاحتياجات، ومحاولة تلبيتها للسكان الفلسطينيين.
أوضاع صعبة
ونهبت الدراسة التي أصدرها مؤخرا «معهد أورشليم لأبحاث إسرائيل»، وأعدها باحثون إسرائيليون وعرب أن المعطيات تشير إلى أن الأحياء العربية في المدينة المقدسة تعاني أوضاعاً صعبة.
ولفتت الدراسة إلى نقص واضح في حجم ونوعية المعلومات التي حصلوا عليها حول ظروف الأحياء العربية في القدس، لأن العاملين في المؤسسات الإسرائيلية لا يقومون بزيارات دورية لتلك الأحياء، أسوة بغيرها من الأحياء اليهودية ولا يتفقدون احتياجاتها.
وتناولت الدراسة الأحوال المعيشة في أحياء القدس العربية، وهي باب الساهرة، وادي الجوز، الشيخ جراح، الطور، سلوان، العيسوية، شعفاط، بيت حنينا، صور باهر، بيت صفافا، السواحرة العربية، جبل المكبر، رأس العامود، وكفر عقب.
وتطرقت الدراسة إلى عينة من المشاكل المزمنة التي تعانيها الأحياء العربية في القدس، كوجود مواقع تجارية قرب المعالم التاريخية الدينية للمسلمين، مثل مقبرة اليوسفية المخصصة لدفن الصحابة ومنهم شداد بين أوس الأنصاري وعبادة بن الصامت.
ويشكو المقدسيون لبلدية الاحتلال ووزارة شؤون البيئة في الحكومة، ويطالبون بنقل هذه المواقع التجارية القريبة من المعالم التاريخية، ولكن من دون جدوى، إذ يعدهم المسؤولون الإسرائيليون بين حين وآخر بأنهم يبحثون عن أماكن بديلة.
كما تشكو الأحياء من عدم استكمال البلدية لبعض الطرق العامة التي تربط الأحياء بعضها ببعض في شبكة شوارع كاملة، لاسيما بين الشيخ جراح ووادي الجوز. وبحسب الدراسة، فإن البلدية ترد بأن بعض الشوارع موجودة داخل الأراضي المحتلة 48، وليس من صلاحياتها العمل فيها، ورغم تقدم المقدسيين ببعض الحلول للبلدية مثل اعتبار تخصيص الشوارع لأغراض سياحية، لم يفد ذلك في استجابتها لهذه العروض حتى اليوم.
وأوضحت أن هذه الأحياء تعاني من الازدحام المروري في شوارعها، لكونها مركزاً وحيداً للمركبات الخاصة والمرورية، وتشكل إزعاجاً للمواطنين، فضلاً عن شكاوى متزايدة للفلسطينيين من إقامة جيش الاحتلال وحرس الحدود للحواجز الأمنية الدائمة والمفاجئة في طريق ذهابهم للمسجد الأقصى، لاسيما أيام الجمعة وفي المناسبات الدينية.
ويفتقر بعض الأحياء العربية إلى وجود مدارس أساسية، مما يضطر العديد من طلابها للدراسة بمدارس مجاورة، ورغم تخصيص بعض قطع الأراضي لإقامة المدارس، لم تخرج المخططات الهندسية الخاصة بها لحيز الوجود، وتتذرع البلدية الإسرائيلية بأسباب تحول دون تحقيق تطلعات آلاف الطلاب.
ونبهت الدراسة لخلافات حادة بين المقدسيين وسلطات الآثار الإسرائيلية، التي تنوي إقامة الحدائق الوطنية على أماكن يعدها الفلسطينيون أراضي وقف، تزامناً مع رفض سلطات الاحتلال إقامة حي جامعي تابع لجامعة القدس على مساحة 22 دونماً، بحجة أن هذه المساحة مخصصة لإقامة حديقة وطنية.
ويطالب الفلسطينيون سلطات الاحتلال بترميم المناطق التجارية وأسواقهم الخاصة، وزيادة أعمال النظافة في الشوارع العامة، وبتحسين مستوى الطرق لاستخدام السيارات، وزيادة عدد محطات التوقف للركاب، ولا سيما في المناطق المكتظة بالسكان.
وذكرت الدراسة أن هناك فجوة كبيرة بين حاجيات الفلسطينيين لمزيد من الوحدات السكنية، والخطط التي تقرها سلطات الاحتلال.
ويشكو الفلسطينيون من عدم وجود أماكن للتنزه والحدائق العامة في العديد من أحيائهم، رغم عديد المطالبات التي رفعوها للإسرائيليين، بجانب افتقارها للملاعب العامة، رغم المساحات الفارغة في الأحياء العربية، لكن يحظر على الفلسطينيين البناء فيها، وإقامة المشاريع اللازمة لهم عليها.
إجراءات تعسفية
وتعليقاً على ذلك، أكد الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حنا عيسى ضرورة تشكيل لجان شعبية للدفاع عن الأحياء المقدسية، خاصة في ظل تسارع عمليات الهدم لمنازل المقدسيين ضمن سلسلة الإجراءات التعسفية التي تتبعها بلدية الاحتلال في القدس المحتلة.
وأكد أن الاحتلال يعمل كل ما بوسعه من أجل على إذلال المقدسيين، مشدداً على أن الشعب الفلسطيني لم ولن يرضى بغير القدس وأحيائها العربية والمسيحية عاصمة أبدية لدولة فلسطين.
وقال: «إن ما يجري من استهداف متواصل لمدينة القدس وأحيائها العربية ما هو إلا دعوة صريحة تعمل بها بلدية الاحتلال من أجل تطبيق سياساتها الهادفة للنيل من طابعها العربي والتطهير العرقي، وعزل المدينة عن باقي أرجاء الأرض الفلسطينية».
وأوضح أن ذلك يهدف إلى تهويد المدينة على قاعدة أن كل ما يمت للوجود الفلسطيني بصلة هدف للإسرائيليين على الرغم من ضيق المساحات المخصصة للفلسطينيين حسب القوانين الاحتلالية، إلا أنها تزداد ضيقاً وكثافةً يوماً بعد يوم لتصل إلى حد عدم ملاءمتها للعيش الآدمي.
ونبه لوجود مخطط أوسع يستهدف كامل المدينة في سباق مع الزمن لتعزيز وحسم العامل الديمغرافي لصالح الاستيطان والتوسع في حدود المدينة على حساب أصحاب الأرض الأصليين من خلال سن القوانين وتشريد العائلات وتشتيتها تحت مسميات مختلفة تتنافى وأبسط القوانين الإنسانية والدولية.
copy short url   نسخ
30/05/2016
1312