+ A
A -
بالأمس أرسلت للأخ حسان يونس مستشار رئيس التحرير رسالة واتساب أسأله عن أمر ما، فأرسل لي هذه الرسالة:
مساء الخير، التواصل مع الزملاء في الموبايل أصبح الآن أصعب من أيام شركات البريد والتلغراف، صدّق أو لا تصدق، هذا هو الحال.
انتهى كلام الزميل حسان.
قلت له:
لقد وصل الحال بنا إلى أنني أنا وصديقي، نجلس في نفس المجلس ولا يفصل بيننا إلا مسافة ذراع طفل رضيع، ورغم ذلك يسألني وأسأله عن أحواله وأخباره عن طريق رسائل الواتساب.
بل وصل إلى أننا نضحك في رسالة الواتساب ههههههه، وأنا أعيد له نفس الـ هههههه، رغم أني أنظر إليه وينظر إلى ولم تنفرج شفاهنا بابتسامة أصلا.
أذكر قبل عشر سنوات قد تزيد قليلا كنا نبحث عن المجالس التي نجلس فيها، وأحيانا في اليوم الواحد نتنقل من مجلس لآخر.
قبل عشر سنوات، كنا نتبادل الأخبار والنكت والنقاشات حية على الهواء مباشرة، من لدن قائلها صوتا وصورة وحضورا.
والرد يكون كذلك مباشرا
قبل عشر سنوات من أجل أن تعزم أصدقاءك على مناسبة، تكون مضطرا على أن تقابلهم شخصيا واحدا واحدا، أو على أقل تقدير تكلمهم صوتيا واحدا واحدا.
قبل عشر سنوات كنا آدميين كما خلقنا الله، نشعر ونعبّر عن شعورنا بألسنتنا وبتعابير وجوهنا.
اليوم اختفى اللسان تماما من قائمة التعبير، فالكتابة الالكترونية أخذت هذه المهمة.
اليوم اختفت كل تعابير الوجه الحقيقية، وأصبحنا نعبر عن طريق وجوه لرسومات كارتونية تعبر نيابة عنا وعن جميع ما نشعر به.
برامج التواصل ألغت الصوت في الإنسان تماما، لم يعد مهما على الإطلاق، ألغت السمع تماما لم يعد ملحا، ألغت الإحساس فلم يعد ضروريا، لم تبق لنا إلا النظر من أجل أن نكتب.
إذا كان الحال وصل لهذه الدرجة اليوم، فكيف يكون الحال بعد عشر سنوات من الآن؟
ماذا سيتبقى للإنسان من الإنسان؟
copy short url   نسخ
30/05/2016
863