+ A
A -
تحقيق– أماني سامي
السمنة وزيادة الوزن إحدى الظواهر التي تفشت بين الأطفال، حيث بلغت معدلات عالية نحو 40 % بين طلاب المدارس.. وفي هذا الصدد يرى أخصائيو التغذية وأطباء السمنة أن العادات الغذائية السيئة والمأكولات غير الصحية تعد أحد الأسباب الرئيسية وراء انتشار ظاهرة السمنة بين طلاب المدارس خصوصا الوجبات السريعة والمشروبات الغازية المختلفة، فضلا عن الحلوى الملونة التي تسبب السمنة بشكل سريع ما قد يسبب مشاكل صحية مختلفة. وعزوا ارتفاع معدلات السمنة إلى ضعف الرقابة الأسرية على الأبناء.. مطالبين بضرورة تكثيف الرقابة على الأبناء وتدخل ولي الأمر في نوعية الأطعمة التي يتناولها الطفل.
وأكدوا أن النظام الرياضي لا يكفي لخفض الوزن، لكن ينبغي وجود نظام غذائي متكامل بإشراف من مختصين.. لافتين إلى أن الأطفال الذين يتناولون الحلوى الملونة والمشروبات التي تحتوي على مواد حافظة يصابون بفرط في الحركة وقلة التركيز أثناء الاستذكار. وأشاروا إلى أن المشكلة مركبة، خصوصا من جانب الأسرة حيث إن لها دورا رئيسيا في الحفاظ على صحة أبنائها، فالعادات الغذائية السيئة على مستوى الأسرة تساهم بصورة أساسية في صعوبة التخلص من مرض السمنة.
العوامل الوراثية
وأكد د. خالد اليافعي استشاري الأطفال في طوارئ السد أن هناك عدة أسباب لزيادة نسبة السمنة بين الأطفال منها أسباب طبية مثل الهرمونات والعوامل الوراثية، ومنها ما يعود لأسلوب حياة الطفل وطبيعة طعامه والأسلوب الرياضي الذي يمارسه.
وأكد أن العامل الوراثي يلعب دورا مهما لكنه لا يعد السبب الرئيسي في الإصابة بالسمنة المُفرطة أما أسلوب حياة الطفل والتكنولوجيا الحديثة وألعاب الكمبيوتر وعدد ساعات الجلوس أمام هذه الأجهزة دون مجهود يؤدي للكسل والخمول والإصابة بالسمنة.
وتابع أن العادات الغذائية الخاطئة للطفل ونوعية الأغذية التي يتناولها تؤدي إلى حدوث السمنة المفرطة، فالأطفال يرغبون في الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية مثل الأطعمة المقلية بالإضافة للحلويات بدلا من الأغذية الصحية وتناول الطعام دون سبب وأثناء مشاهدة التليفزيون وكل ذلك يؤدي إلى السمنة المفرطة.
وأشار إلى أن هناك علاقة وطيدة بين السمنة وأمراض كثيرة مثل أمراض القلب وتصلب الشرايين والسرطان والإصابة بمرض السكري وأنه كلما زاد وزن الطفل كان عرضة للإصابة بالأمراض كالسكري وخصوصاً النوع الثاني وزيادة آلام المفاصل وتأثر الغدة ومشاكل في إفرازات الهرمونات عند الإناث والخلل في هرمون الغدة الدرقية واختلال هرمون الأنوثة وارتفاع هرمون الرجولة وظهور الشعر عند الإناث وتغير لون الجلد ليصبح داكنا وتصلب الشرايين الذي يسبب تجلطات.
ولفت إلى أنه بالنسبة للعمليات الجراحية التي تجري للتخلص من السمنة فهي لا يستحب إجراؤها إلا في حالات معينة، وهي عندما يكون الطفل معرضا لأمراض كثيرة ومشاكل صحية وارتفاع ضغط الدم وخصوصاً الطفل الذي لا يستطيع أن ينقص من وزنه، مؤكدا أن الأطفال الذين يعانون من زيادة في الوزن وغير مصابين بأمراض لديهم القدرة الكبرى على التخلص من الوزن أكثر من الكبار.
وأضاف: البيانات التي تم جمعها من الاستطلاعات التي تدور حول النمط الغذائي والنشاط البدني عند الأطفال «أظهرت أن أكثر من 60 % منهم لم يحصلوا على الحد الموصى به يوميا من الفواكه والخضراوات والحليب واستهلاكهم كان في الغالب من الوجبات السريعة الغنية والمشبعة بالسعرات الحرارية كالمشروبات الغازية والحلويات. علاوة على ذلك، فإن أكثر من نصفهم (53 %) لا يمارسون أي نشاط بدني في أوقات فراغهم اليومي، وهذا يؤكد الحاجة الماسة إلى إيجاد أساليب تعليمية غذائية ملائمة وإلى تغيير في السلوكيات التي يمكن أن تدفع الأطفال إلى اعتماد العادات الغذائية الصحية.. مشيرا إلى أن المعطيات الأولية التي تم الحصول عليها حتى الآن مشجعة للغاية.
العادات الغذائية
من جهتها تقول إيناس كحيل اختصاصية التغذية إن العادات الغذائية السيئة والمأكولات غير الصحية هي إحدى الأسباب الرئيسة وراء انتشار ظاهرة السمنة بين طلاب المدارس.
وقالت: الوجبات السريعة والمشروبات الغازية المختلفة فضلا عن الحلوى الملونة تسبب السمنة بشكل سريع ما قد يسبب مشاكل صحية مختلفة.
وأكدت أن النظام الرياضي لا يكفي لخفض الوزن، لكن ينبغي وجود نظام غذائي متكامل بإشراف من مختصين. لافتة إلى أن الأطفال الذين يتناولون الحلوى الملوّنة والمشروبات التي تحتوي على مواد حافظة يُصابون بفرط في الحركة وقلة التركيز أثناء الاستذكار.
وأوضحت أن وجود اللون الصناعي أيضا يدل على أن المادة الغذائية تعرضت لمعالجة شديدة وهذا كفيل بتخريب العناصر الغذائيّة فيها.
وعن خطورة المواد المضافة، أشارت كحيل إلى أن هذه المواد مع تراكمها داخل جسم الأطفال تسبب لهم الاضطرابات النفسيّة والعصبية والفشل الكلوي والكبدي، كما تساعد على تكوين خلايا حرّة تكون سببًا في الإصابة بالسرطان وإحداث خلل في الـDNA.
وأضافت: كما تتسبب المواد المضافة في ارتفاع نسبة السكريات والدهون في هذه المنتجات وبالتالي تؤدي إلى الإصابة بالسمنة التي تُعتبر من أمراض العصر، فضلا عن أمراض الجهاز الهضمي مثل الإسهال والنزلات المعويّة على المدى القريب.
وأوضحت أن هناك بعض المصانع تستعمل مادة (الفورمالين) وهي مادة قاتلة يحظر استخدامها وهذه المصانع تعمل بعيدا عن الرقابة.
وأشارت إلى ضرورة توفير وجبات غذائية صحية في المدارس، بل عمل وجبات خاصة للطلاب الذين يعانون من السمنة في وجود اختصاصي تغذية ليعمل على مراقبة جودة الأطعمة المقدمة ومدى صحيتها.
رقابة من الأسرة
وطالبت بضرورة تدخل ولي الأمر في نوعية الأطعمة التي يتناولها الطفل، خصوصا رقائق البطاطس المقلية «الشيبس» لاحتوائها على مادة (الاكريلاميد)، وهي مادة تتكون عند طهي النشويات في درجة حرارة عالية، كما أنها تضعف الجهاز المناعي عند الأطفال وتؤثر على الكبد والقلب والكلى والعظام عند الأطفال.
وأضافت: لا بد أن تكون هناك رقابة وتفتيش على الأغذية المُصنعة من قبل الجهات المختصة لحماية المستهلك من الأغذية غير الصالحة، وذلك عن طريق إرسال عيّنات من تلك المواد الغذائيّة بشكل دوري ومستمرّ لمعرفة مدى سلامة ومطابقة المادة الغذائية للمواصفات المُعتمدة دوليًا بشأن المواد الحافظة، ويصل الإجراء المُتخذ ضدّ المُخالفين إلى إتلاف المادة الغذائيّة أو تصديرها إلى بلد المنشأ.
وحول ماهية المواد الحافظة، أكدت كحيل أن الكثير من الأطعمة الجاهزة والمعلبة يحتوي على مواد حافظة ضارّة خاصة تلك الأطعمة التي يفضلها الأطفال لذلك ينبغي الانتباه.
وأضافت: المواد الحافظة ذات تأثير ضار بالنسبة للأحياء الدقيقة (البكتيريا والفطريات والخمائر)، حيث تمنع نشاطها وتكاثرها. بمعنى أن لها تأثيرا حافظا بالنسبة للمادة الغذائية ومن أهم المواد الحافظة الطبيعية- السكر والملح والأحماض العضوية مثل حمض الخليك وحمض اللاكتيك والتوابل وزيوتها وثاني أكسيد الكربون الذي يستخدم كعامل مساعد في حفظ المياه الغازية، وهذه المواد يمكن إضافتها إلى الغذاء بأي تركيز يتفق مع ذوق المستهلك وطبيعة المواد المحفوظة.
وحذرت من الإكثار من تناول تلك المنتجات، مشدّدة على ضرورة فرض رقابة صارمة عليها وتوقيع الفحص الدوري عليها.
ويحذر د. عبدالله الحمق المدير التنفيذي للجمعية القطرية للسكري من مخاطر زيادة نسبة الإصابة بمرض السكري بين طلاب المرحلة الثانوية، لافتا إلى أن نتائج الدراسة المشتركة مع كلية طب وايل كورنيل تثير العديد من التساؤلات حول ارتفاع نسبة السمنة وآلية التوعية المطلوبة للحد من الآثار السلبية للسمنة على صحة الطلاب.
وقال: السبب الرئيس وراء الإصابة بمرض السكري هو السمنة والإفراط في الوزن لدى قطاع كبير من طلاب المدارس.
وأوضح أن هناك عنصرين يتسببان في زيادة الوزن ويتمثلان في العادات الغذائية الخاطئة للأسرة بشكل عام والأطفال بشكل خاص، فضلا عن عدم ممارسة الرياضة.
وأضاف أن هناك قصورا واضحا داخل المدارس وإهمالا لأنشطة التربية البدنية من قبل عدد من المدارس، بل إن عدم جعل مادة التربية الرياضية مادة نجاح ورسوب ساهم بشكل كبير في زيادة السمنة لدى طلاب المدارس وعن مسببات مرض السكري، قال د. الحمق إن تغيير نمط الحياة هو العامل الأساسي في الإصابة بالمرض، الذي يتمثل في السمنة وزيادة الوزن أو عدم ممارسة الرياضة، أو لعوامل وراثية تؤدي إلى تدمير الخلايا المسؤولة عن إفراز الانسولين، حيث أثبتت الدراسات أن الإصابة بالسكري ناتجة عن عاملين أحدهما وراثي والآخر بيئي، فعلى سبيل المثال الأشخاص الذين ينتقلون من القرى إلى المدن أكثر عرضة إلى الإصابة بالسكري نتيجة لتغير نمط الحياة والبيئة المحيطة. مضيفا أن الانتظام في ممارسة الرياضة ولو بالمشي لمدة نصف ساعة يوميا، والامتناع عن تناول الوجبات السريعة، والإكثار من تناول الخضراوات والفواكه والغذاء الصحي، يقي بشكل كبير من الإصابة بالسكري، وفي حالة الإصابة فإن الأعراض مع الانتظام في تناول الأدوية لا تظهر ولا تحدث مضاعفات. وأشار إلى وجود 1200 طفل مصابين بالنوع الاول من السكري.
وحول وسائل القضاء على السمنة قال: إن هناك حلا مثاليا يتمثل في إعادة النظر في منظومة الأنشطة المدرسية داخل المدارس من خلال زيادة الجرعة الرياضية أو تعديل برامجها لتواكب الظروف الخاصة للبدناء.
وشدد على ضرورة إدراج مادة التربية البدنية ضمن مواد المجموع وإجبار الطلاب البدناء على خفض أوزانهم وفقًا لتقارير طبية تصدرها المدرسة لتلزم ولي الأمر بمتابعة طفله وأن عدم الامتثال لقرارات المدرسة سيعرض الطفل للرسوب.
وأكد أهمية المسح المبكر لرصد حالات السمنة الذي يعتمد على تقييم مباشر للمشكلة ما يساعد على الوقاية من فرط الوزن وأمراض السمنة عند الأطفال.
من جهتها تقول د. منال مسلم مثقف صحي: يجب علينا معرفة أن معظم أسباب السمنة غير مرضية بخلاف المعهود والمعروف لدى عامة الناس، ويكون بسبب كثرة الأكل وقلة الحركة. وقد يكون تطور الحياة المعاصرة والتقنيات الحديثة التي سهلت للفرد تلبية جميع احتياجاته في الحياة سببا رئيسيا لحدوث زيادة الوزن حيث إنها سلبته حرية الحركة، فأصبح المصعد بديلاً عن الدرج، والسيارة بديلاً عن القدمين، وأجهزة التحكم التليفزيونية باتت هي المحرك الرئيسي لتشغيل قنوات التلفاز. ويجب علينا أن ندرك أن السمنة ناتجة عن سلوك خاطئ عند معظم الأطفال في يومنا الحاضر والأمر لم يعد يقتصر على مشاهدة التلفاز فقد تعددت القنوات الفضائية وانتشرت الألعاب الإلكترونية ناهيك عن الإنترنت وتصفحه وغير ذلك، الذي جعل من الصغير قبل الكبير أسيراً أمامه، وأما من الناحية الغذائية فوجبات الأطفال تفتقر عادة إلى العناصر الغذائية الضرورية واستبدلت في أغلبها بالوجبات السريعة المحتوية على الأغذية الخاوية والسكريات والمياه الغازية وغيرها.
أسباب وراثية
وأشارت قائلة: للوراثة دور في إصابة الأطفال بالسمنة، فالطفل الذي والده مصابان بالسمنة هو أكثر عرضة من غيره للإصابة بها وهناك العديد من المسببات المرضية للسمنة يكون للعامل الوراثي دور في ذلك فالتوءم البدين يكون أخوه معرضا للسمنة أكثر من غيره. مما يؤكد دور الوراثة كمسبب للسمنة. وهناك أمراض جينية نادرة وقد تسبب زيادة الوزن ومنها: جين وراثي أطلق عليه اسم اللبتين وهو الجين المسؤول عن تكوين بروتين اللبتين، ونقص هذا الجين يسبب عند الفئران فرطا في الأكل وعدم استجابة للأنسولين وإعطاء اللبتين لهذه الفئران عكس كافة صفات هذه المرض ويتم إنتاج اللبتين في الخلايا الدهنية والأمعاء والمشيمة. واللبتين يرسل إشارات للمخ عن كمية الدهون المخزنة في الجسم. وقد أدت هذه وغيرها من الملاحظات إلى ربط اللبتين بزيادة السمنة كما أن السمنة بسبب نقص هرمون اللبتين قد وجدت في عائلتين أو أكثر. وبعلاج أفراد هاتين العائلتين بجرعات فسيولوجية من هرمون اللبتين حدث انخفاض ملحوظ في استهلاك الغذاء وفقدان كبير في الوزن وكتلة الدهون. وكما ذكرنا سابقا فهذه الأسباب الجينية تشكل النسبة الأقل من مسببات زيادة الوزن لدى الأطفال.
copy short url   نسخ
22/12/2016
11357