+ A
A -
تحقيق- أكرم الفرجابي
فنون متعددة للتدخين تبتدعها الشركات لجذب الكبار والمراهقين ولعل ابرز تلك التقاليع المتعلقة بالتدخين هي «المدواخ» ورغم انه كان محصورا قديما في فئة كبار السن فقط، إلا انه اليوم انتشر بين أوساط الشباب والمراهقين الذين يجدون في المدواخ البديل المحلي الأرخص للسجائر، الأمر الذي أدى إلى انتشار البقالات الصغيرة التي تقوم ببيعه في العديد من المناطق السكنية.
حيث عبر عدد من أولياء الأمور عن قلقهم من قيام بعض البقالات الصغيرة في بعض المناطق ببيع ما يسمى «موغلي» وهو تبغ المدواخ للمراهقين، الذي يعتبر من أشد أنواع التبغ خطورة، مستنكرين قيام البلديات بمنح تراخيص لمثل هذه الأنواع من التبغ، وموضحين أن أنواع السجائر المختلفة ضارة بالصحة ويجب الالتزام بالقانون واحترام الجهود الكبيرة التي تقوم بها وزارة الصحة والمؤسسات الأخرى والخاصة بمحاربة التدخين نهائياً، كما طالبوا من خلال الاستطلاع الذي أجرته معهم «الوطن» بتفعيل القانون لكي يكون أشد صرامة في مواجهة الذين يبيعون التبغ للأطفال والمراهقين.
طريق الإدمان
حذّر أطباء وأخصائيون من تناول المراهقين لتبغ المدواخ، مؤكدين إن إقبال الأطفال والشباب على تدخين جرعات المدواخ هو أقصر طريق يقودهم لإدمان المواد المخدرة، ونبهوا إلى خطورة تدخين جرعات المدواخ، لتأثيرها السيئ في الدماغ وتسببها في الإصابة بأمراض خطرة تتقدمها السرطان، والفشل الكلوي والكبدي، وأكدوا أن تبغ المدواخ يسبب العجز الجنسي للشباب، ويؤثر في نمو الأطفال، ويهدد سلامة الرئة والإصابة بأمراض صدرية مزمنة، وأشاروا إلى أن وزارة الصحة والجهات الصحية حذرت كثيراً من مخاطر التبغ، خصوصاً المدواخ، ونبهت إلى أن المستشفيات تستقبل عدداً كبيراً من المرضى المصابين بأمراض صدرية وقلبية وسرطانات نتيجة تدخين التبغ، ولاتزال معدلات التدخين مرتفعة، وتفصيلاً، قال الدكتور أحمد الملا مدير عيادة الإقلاع عن التدخين بمؤسسة حمد الطبية، إن الدوخة تختلف عن غيرها من أنواع منتجات التبغ، لاحتوائها على نسبة نيكوتين عالية جداً، موضحاً أن متعاطي هذه المادة تظهر عليهم آثار الإدمان بشكل سريع.
وأضاف «خطورة الدوخة أنها تؤدي إلى دخول نسبة كبيرة جداً من النيكوتين في الجسم في وقت قليل، ما يسبب ارتباكاً شديداً لأعضاء الجسم، ويؤدي إلى خلل كبير في وظائفها»، متابعاً أن «دخول هذه الكمية من النيكوتين للجسم يؤدي إلى أضرار في الرئة تصل إلى حد التليف، وسرطان أو انتفاخ في هذا العضو الحساس لافتا إلى أن «تدخين الأطفال لهذه المادة الخطرة يعد أقصر طريق لإدمانهم المخدرات مستقبلاً».
أضرار نفسية
إلى جانب الأضرار الصحية التي تسببها الدوخة، هناك أضرار نفسية أيضاً بحسب الدكتور ماجد علي العبد الله استشاري الطب النفسي والإدمان ومساعد رئيس قسم الطب النفسي بمؤسسة حمد الطبية، أن الإدمان على تبغ المدواخ أو الدوخة له أضرار نفسية شديدة، من بينها الإصابة بالاكتئاب، والقلق والتوتر المستمرين، بالإضافة إلى الفشل في الحياة الدراسية والعملية أحياناً، وحول ما هي الأسباب التي تجعل الأطفال المراهقين يتجهون نحو تدخين المدواخ، يقول العبد الله: أن المراهق يتصور أن هذه العادة تعطيه نوعاً من الاستقلالية عن والديه والرجولة والاحساس بالبلوغ ويوحي له بقدرته على الاعتماد على نفسه، تقليد للكبار، وإحساسه أن هذا التصرف يمنحه نوعا من «البرستيج» والرقي الاجتماعي وأنه يبدو أكثر جاذبية عند حمله السيجارة، وقد يلجأ المراهق إلى التدخين لاعتقادة أن ذلك قد يكون حلاً لبعض الضغوط النفسية أو الاجتماعية أو المرضية التي قد يتعرض لها، كما أن وجود الفراغ في حياة الطفل من الأسباب المؤدية إلى ذلك.
أضرار القلب
يقول الدكتور نضال أحمد الأسعد استشاري أول أمراض القلب ورئيس قسم كهربائية القلب بمستشفى القلب بمؤسسة حمد الطبية والأمين العام لرابطة أطباء كهربائية القلب بدول مجلس التعاون الخليجي، أن الحقائق العلمية تؤكد بأن التدخين يؤثر على أعضاء الجسم ووظائفها، إما تأثيراً سريعاً تظهر علاماته وأعراضه عندما يبدأ الشخص في ممارسة التدخين أو تأثيراً يتضح ضرره على صحة الإنسان بعد الاستمرار في ممارسة التدخين لمدة طويلة، حيث ينجم عن هذه الممارسة الإصابة بأمراض القلب والشرايين والجهاز التنفسي والجهاز الهضمي، كما يساعد التدخين على تفاقم خطورة هذه الأمراض إذا كان الفرد المدخن مصاباً بمرض من هذه الأمراض أو مصاباً بمرض تتضاعف خطورته بممارسة التدخين مثل أمراض السكر والسمنة والتوتر النفسي، وقد يؤثر التدخين على فعالية الأدوية حيث يؤدي إلى تدني فعالية بعض الأدوية أو إلى تفاقم الخطر الناجم عن استعمال أدوية أخرى، مؤكداً أن مدخنو التبغ سوى من الكبار أو المراهقين يواجهون خطراً متزايداً للإصابة بالنوبات القلبية وأمراض الجهاز التنفسي والسرطان.
ظاهرة اجتماعية
من جانبه قال مواطن فضل عدم ذكر اسمه، أن المدواخ ظاهرة اجتماعية قديمة، ما زالت تحيا إلى الآن لأن الكثير من الشباب أدمن تدخين المدواخ كبديل رخيص للسجائر، مع أنه قد يفوقها خطورة فالسجائر مزودة بفلاتر قطنية لا يوجد مثلها في المدواخ، ويقبل الشباب عليه من مختلف الطبقات الاجتماعية، ويوماً عن يوم تزداد نسبة الوافدين من مدخني المدواخ أيضاً، ويصنع المدواخ كما يقول الرجل: من الخشب بأنواعه أو البلاستيك أو العاج، وتختلف أسعاره باختلاف المادة التي يصنع منها لكنه قليلاً ما يتخطى الحدود المعقولة، وأغلى المداويخ تلك التي تصنع من العاج الطبيعي وإن كانت نادرة، والأكثر طلباً هي المصنوعة من خشب الصندل، والمدواخ يشبه «البايب» في شكله وبه فتحتان من الامام والأعلى يوضع بها التبغ ويشعل ثم يشفط الدخان من الفتحة الاخرى تماما مثل طريقة تدخين الغليون، وللمدواخ اكسسوارات يحتفظ بها المدخنون ويتسابقون على اقتنائها مثل الحقائب الجلدية الصغيرة والمضارب (قناني حفظ الدوخة) وحتى الفلترات التي تركب على المدواخ، وبالطبع علب الكبريت التي يحبذ عشاق الدوخة استعمالها بدلا من الولاعة التقليدية لأن «طعم الدوخة يختلف».
واضاف،لقد انتشرت هذه التقليعة الجديدة بين طلاب المدارس وهو ما جعل الموضوع يحتاج لتدخل المسؤولين للحد من تحولها لظاهرة ضارة بطلابنا في المدارس الذين مازالوا في مقتبل العمر وهو ما يمثل مشكلة صحية كبيرة لهم ستنعكس عليهم حتما في المستقبل باثار سلبية
الحل الأمثل
يرى بعض المواطنين أن الحل الأمثل هو حظر استيراد جميع أنواع التبغ، خاصة في ظل ارتفاع نسب الإصابة بالسرطان بين الشباب والكبار، بسبب الإكثار من التدخين وبطريقة جنونية، أو العمل على وضع خطة تشمل تقليص أماكن بيعه ومنع البقالات والسوبر ماركت من تداول هذه السلعة نهائيا، أو فرض رسوم إضافية عليها في حال رغبتها في بيع السجائر حتى نغلق الطريق أمام الشباب صغار السن وهم عماد المستقبل لهذا الوطن، منوهين إلى ضرورة تكاتف الجهود من قبل الأسرة والمدرسة لحماية الأطفال المراهقين من أي انحراف أو سلوك سلبي، مشيرين في الوقت عينه على ضرورة مراقبة جميع الظروف المحيطة بالطالب سواء الأسرة أو المدرسة أو الأصدقاء، كما يجب على المدارس وضع الملصقات التحذيرية والإرشادية وتفعيل لائحة الضبط السلوكي منذ بداية العام، بالإضافة إلى تنظيم المحاضرات والبرامج التوعوية والتثقيفية للطلاب بالتعاون مع الجهات المسؤولة بالدولة حول أضرار التدخين وتعاطي المدواخ وانتشار ظاهرة البويات والتنمر المدرسي، مع إعطاء الأهمية الكبرى لدور الأسرة والأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين في المدرسة للتقرب من الطالب ومعرفة أسباب مشاكله.
نظرة قانونية
من ناحية قانونية يقول المستشار القانوني غانم الكبيسي أن قانون مكافحة التدخين بدولة قطر، يحظر بيع السجائر بأنواعها أو التبغ ومشتقاته لمن لم يبلغ عمره ثمانية عشر عاما ميلادياً، ولا يقبل من البائع الاعتذار إلى الأعلى بجهله حقيقة عمر المشتري وقت البيع، وله أن يتخذ الاحتياطات اللازمة للتأكد من ذلك، كما يحظر بيع السجائر أو التبغ أو مشتقاته على مسافة تقل عن خمسمائة متر من المدارس وغيرها من المؤسسات التعليمية والتدريبية، ويمضي الكبيسي في حديثه قائلاً: يجب على كل مستورد للتبغ أو مشتقاته أو السجائر بأنواعها إخطار الوزارة كتابة قبل وصول الشحنة إلى البلاد بأسبوع على الأقل، وذلك لفحصها عند وصولها، والتأكد من استيفائها للمواصفات القياسية المعتمدة، مؤكداً أنه لا يسمح بإدخال أي شحنة من التبغ أو مشتقاته والسجائر بأنواعها إلى البلاد، إلا بعد الحصول على تصريح كتابي معتمد من الوزارة يفيد استيفاء الشحنة المستوردة للمواصفات القياسية المعتمدة، ويحظر القانون يحظر بيع أو عرض أي كمية من التبغ ومشتقاته تكون قد انتهت صلا حيتها بمضي سنة واحدة على تاريخ إنتاجها.
copy short url   نسخ
25/05/2016
20692