+ A
A -
فلسطين - الوطن - أمين بركة
تعتبر ظاهرة تهريب المنتجات الإسرائيلية إلى الأسواق الفلسطينية من أخطر الظواهر الضارة بصحة الفلسطينيين، حيث تحذر الجهات الصحية الفلسطينية المختصة من مخاطر البضائع الإسرائيلية المهربة على الصحة العامة.
وكشفت فحوصات مخبرية فلسطينية أن المنتجات الإسرائيلية التي تصل إلى الأسواق الفلسطينية معظمها يحتوي على مواد خطيرة وسامة، مشيرة إلى إمكانية أن تسبب المواد الغذائية المخالفة للمواصفات الصحية بأمراض خطيرة منها السرطان.
وبينت الفحوصات التي عرضها مركز «معاً» التنموي أن طائفة كبيرة من السلع الغذائية الإسرائيلية التي تعرض في محلات السوبر ماركت الفلسطينية تكون مغلفة بأغلفة «مشهية ومغرية» وهي في الأصل فاسدة.
وتهرب المنتجات الإسرائيلية إلى السوق الفلسطينية عبر المستوطنات المقامة على أراضي الفلسطينيين بالضفة الغربية والقدس المحتلتين إلى القرى الفلسطينية، بعيداً عن عيون وحدة الضبط الجمركية.
وشدد مختصون على أن الاحتلال الإسرائيلي يريد استثمار صناعاته على حساب الحياة الفلسطينية بزيادة كميات المواد الحافظة في المواد الغذائية المباعة للفلسطينيين، لتمكث أكبر وقت ممكن في الحفظ.
في السياق، حذرت جمعية حماية المستهلك الفلسطينية من دخول أصناف من منتجات غذائية إسرائيلية إلى السوق الفلسطيني، رسبت في الاختبار العالمي للجودة، ما يشير إلى حقيقة غياب الجهد التوعوي وضعف الجانب الرقابي لجهات الاختصاص، وهذا الأمر يعزز حقيقة حالة الاستباحة للسوق الفلسطيني أمام البضائع الإسرائيلية، التي تدخل «قانونيا» أو عبر «طرق التهريب».
وتبرر السلطات الفلسطينية اتساع ظاهرة ترويح البضائع الإسرائيلية في الأسواق الفلسطينية؛ بفقدان القدرة على التحكم بمعظم المعابر مع الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى تهريب معظم هذه البضائع إلى القرى الفلسطينية من خلال المستوطنات الإسرائيلية.
الجدير ذكره في هذا السياق، أنه ووفق المادة 14 من قانون حظر ومكافحة منتجات المستوطنات الإسرائيلية، يعاقب كل من يخالف أحكام هذا القانون بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على خمس سنوات، وغرامة مالية لا تقل عن عشرة آلاف دينار أردني (14 ألف دولار أميركي)، كما تشمل العقوبات كلاً من تداول منتجات المستوطنات، وشارك أو ساهم في تداولها.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أقر في 2010 قانون حظر إدخال أي منتجات مصدرها المستوطنات الإسرائيلية إلى السوق الفلسطينية.
مواد خطيرة
وحول هذا الموضوع، قال مدير المختبرات في جامعة بير زيت، بلال عموص: «إنه صادفهم خلال فحص عينات من المنتجات الإسرائيلية التي تصل مختبرات الجامعة من جهات الرقابة الرسمية والأفراد، أشياء خطيرة وكميات كبيرة من الأغذية الفاسدة تسوق لفترات مختلفة». ولفت إلى أن أحد الفحوص كشف أن شحنة من الكحول التي من المفترض أن تكون من مادة «الايثانول» وصلت إلى السوق الفلسطيني واكتشف أنها من مادة «الميثانول» الخطيرة والقاتلة، حيث تم إعادته إلى المصدر.
ودعا عموص المستهلك الفلسطيني إلى توخي الحذر من استخدام المنتجات الإسرائيلية التي تراعي المعايير الدولية والتي تظهر آثارها على المدى البعيد، مشددا على أن سلامة الأغذية هامة وتقع المسؤولية فيها على كافة القطاعات للوصول إلى منتج محلي منافس.
من جانبه، قال مدير معهد الدراسات والإعلام البيئي في مركز «معاً» التنموي، جورج كرزم: «إن طائفة كبيرة من السلع الغذائية الإسرائيلية المصنعة الفاسدة تعرض في محلات السوبرماركت، وهي مغلفة بأغلفة مشهية ومغرية». ولفت إلى أن شركات أغذية إسرائيلية كبيرة ومهمة مختصة بمنتجات اللحوم والألبان في إسرائيل، تخفي كميات الأدوية والهورمونات التي سمنت بها الحيوانات قبل أن تصل إلى المستهلك الفلسطيني.
وكشف كرزم عن أبحاث إسرائيلية كشفت عن نسب مرتفعة لأمراض الأبقار الإسرائيلية في الحظائر، فنسبة الأبقار التي تعاني من مرض التهاب «الضرع» تزداد باستمرار؛ وقد بلغت أكثر من 40 %؛ وهناك شكوك كبيرة بأن حليب الأبقار المريضة أثناء علاجها يسوق في الأسواق الفلسطينية تحديداً. وشدد كرزم على أن خبراء إسرائيليين في الثروة الحيوانية أكدوا أن الكثير من الهورمونات تستخدم في مزارع الحيوانات الإسرائيلية، وبخاصة هورمونات «الأستروجين» و«البروجستيرون» و«الأسيتوتسين»؛ علما بأن الأبقار تحقن بالحقن الهرمونية بهدف زيادة احتمالات حملها.
ولفت إلى أن معظم الأبقار الإسرائيلية تعالج بشكل مكثف بالمضادات الحيوية، وبالرغم من عدم حلبها في فترة الحمل، إلا أن للمضادات الحيوية والهورمونات التي تحقن بها الأبقار آثاراً صحية وبيئية خطيرة؛ فالاستعمال المكثف للمضادات الحيوية يولد أنواعاً بكتيرية مقاومة.
وتطرق إلى تقرير «مراقب الدولة» الإسرائيلي، الذي كشف أكثر من مرة في السنوات الأخيرة، بأن المصالح التجارية الإسرائيلية تدوس مصالح صحة الجمهور؛ وذلك على سبيل المثال، من خلال تسمين الدواجن بالزرنيخ السام وبالمضادات الحيوية، بما يتناقض وموقف وزارة الصحة الإسرائيلية.
وأكد كرزم أنه خلال شهر الماضي، كشف بأن حبوب الصباح، وبخاصة عبوات رقائق الذرة التي تنتجها شركة «يونيليفر» التي تعتبر عملاقة الصناعات الغذائية الإسرائيلية والتي تملك علامة «تلما» التجارية لحبوب الصباح، كشف بأن هذه الحبوب ملوثة ببكتيريا «السالمونيلا»، وأقرت الشركة بأنها بدلت أسماء منتجاتها الملوثة بأسماء أخرى، للحفاظ على الماركة الشعبية في أوساط الأولاد. وتبين أن كميات هائلة من علب الطحينة وسلطات الحمص الإسرائيلية ملوثة ببكتيريا «السالمونيلا» التي تؤدي إلى تلوث معدة حاد، وإسهال وتقيؤ، واضطرابات خطيرة في الجهاز الهضمي.
ونبه إلى أن أبرز المنتجات الإسرائيلية التي تبين بأنها ملوثة هي: معظم منتجات الحمص؛ وأيضا جميع منتجات الباذنجان بالطحينة. وذكر أنه وفي أواخر أيلول الماضي اكتشف وجود تلوث إضافي بجرثومة «السالمونيلا» في سلسلة منتجات حبوب الصباح الإسرائيلية، وبخاصة رقائق الذرة، مثل حبوب «كريوت نوجات» من إنتاج شركة «تلما». وأشار إلى أنه وجد آثار تلوث بالسالمونيلا في أحد خطوط إنتاج شركة «أوسم»، وهي واحدة من أكبر مصنعي المواد الغذائية في إسرائيل، والمنتجات الملوثة يتم تسويقها تحت اسم «تسابار» وتشمل سلطات حمص وطحينة وباذنجان، ووجد التلوث أيضا في منتجات شركة «آر جي إم» للصناعات الغذائية الإسرائيلية.
وذكر أن الأبحاث الإسرائيلية كشفت عن نسب مرتفعة لأمراض الأبقار الإسرائيلية في الحظائر، وأن هناك شكوكاً بأن حليب الأبقار المريضة يتم تحويله إلى السوق الفلسطيني أثناء علاجها.
وأوضح كرزم أن معظم الأغذية الفاسدة التي اكتشفت في السنوات الأخيرة في السوق الفلسطينية هي عبارة عن أغذية إسرائيلية وأجنبية أخرى وليست منتجات فلسطينية. وأوضح أنه بما أن السلطة الفلسطينية هي أصلاً سلطة غير سيادية سياسياً واقتصادياً، فإن تبنيها لمبادئ اقتصاد السوق الحر شل عملياً قدرتها على حماية السلع الزراعية والغذائية المحلية، منوهاً إلى أن تلك الحماية في الحالة الفلسطينية ضرورية لتعزيز صمود المزارع الفلسطيني وتثبيته في أرضه.
ولفت إلى أنه وفي ظل فوضى «السوق الحر» أطلق العنان للسلع الغذائية والزراعية الإسرائيلية فأغرقت السوق الفلسطيني وازداد تحكمها به، مضيفاً «أن الاحتلال الإسرائيلي فرض ويفرض تنافساً قسرياً غير متكافئ بالمطلق، بين صادراته الزراعية المحمية والمدعومة والمنتجات الفلسطينية المكشوفة والمحرومة من الحماية الوطنية والرعاية، وعدم منحها الأولوية الفلسطينية الرسمية والشعبية في التسويق المحلي».
وقال: «إن وقف استيراد أو تدفق السلع الغذائية الإسرائيلية إلى السوق الفلسطيني والتي تسببت وتتسبب في ضرب الإنتاج الغذائي والزراعي المحلي وكساده، يشكل مطلباً اقتصادياً ووطنياً ملحاً، ويساهم جديا في تعزيز الاقتصاد المحلي المقاوم وتثبيت الارتباط بالأرض والانطلاق لزراعة المزيد من الأراضي».
فحوصات مخبرية
بدوره، يؤكد مدير دائرة صحة البيئة في وزارة الصحة الفلسطينية إبراهيم عطية إلى وجود بضائع إسرائيلية فاسدة في السوق الفلسطينية، منوهاً إلى أن وزارة الصحة فحصت من 10 إلى 12 ألف عينة من كافة أنواع الأغذية الإسرائيلية المصنعة، ويتم القيام بالفحوصات الميكروبية لعدد من البكتيريا بالإضافة إلى الفحوصات الكيماوية. وفي الفحوصات التي أجريت في العام 2015 حتى 30 من شهر يوليو 2016 تم فحص 2200 من العينات كشفت الفحوصات أن نسبة التلوث في المنتج الإسرائيلي تصل إلى 18 %، في حيث إن التلوث بالمنتج الفلسطيني 10 %.
وشدد عطية على أن الوزارة تقوم بـ28 ألف زيارة للسوق، تم خلالها إتلاف أكثر من 20 ألف طن، وقدمت أكثر من 220 إخطار لأصحاب المحلات التجارية.
ولفت إلى أن نسبة المواد الحافظة العالية في المنتج الإسرائيلي دفع الوزارة إلى منع بعض السلع في السوق الفلسطينية، مؤكداً أن زيادة نسبة المواد الحافظة يخبئ التلوث الميكروبي، حتى لا يفسد على الرفوف، مشيراً إلى اكتشاف بكتيريا «اليسترا» في منتجات شركتين إسرائيليتين.
copy short url   نسخ
24/10/2016
3478