+ A
A -
لا يخالجنا شك ولو للحظة بأن معركة الموصل ستنتهي بدق المسمار الأخير في نعش الجناح العراقي من دولة الخلافة المزعومة، ولكن الذي سيحدث بعد ذلك هو المشكلة الحقيقية.
ورغم اعتقادنا بأن مسمار الموصل سيسهل دق مسمار الرقة في غضون الشهور الأولى من العام المقبل، فإن المشكلات التي ستواجه العراق بعد الهزيمة المضمونة التي سيلقاها مقاتلو «الدولة الإسلامية» داعش، هائلة جدا ويصعب حلها.
فالعراق رغم أنه دولة نفطية، فهو مستنزف ماليا من كل حدب وصوب. وإضافة إلى افتقاره للموارد والقدرة على إعادة إعمار المدن والبلدات التي دمرت أو تضررت خلال عامين من مكافحة داعش جوا وبرا، فإن العراق دولة هشة إذا لم تكن فاشلة بالكامل.
وفضلا عن عجز الدولة العراقية المهيمن عليها سياسيا من قبل إيران، عن توفير الخدمات الأساسية والأمن للعراقيين خارج الموصل المحتلة من داعش، فإنها ما زالت تعاني من أسوأ فساد مالي عرفه التاريخ وعواقب هذا الفساد على المواطنين فقرا وعوزا، وكذلك تبعات الطائفية التي تمارس علنا ضد السنة، ووقوع البلاد بالكامل في ظل اختلال وظيفي طافح، وسقوط كافة المؤسسات بيد «الحشد الشعبي» المكون من 54 ميليشيا شيعية مسلحة تألّف معظمها في عهد حيدر العبادي الذي ظنه العراقيون في البداية، منقذا لهم من نوري المالكي، فإذا به مثله إنْ لم يكن أسوأ.
ويزيد على ذلك كله انقسام أمني ربما يقود إلى حرب أهلية تكمل فشل الدولة، فيما توقع خبراء عرب وأجانب أن تزداد تكاليف عملية استعادة الموصل عبر عملية متعددة المراحل، وسط عدم قدرة على توقع درجة المقاومة التي سيبديها داعش، الذي يوصف بأنه شديد الانتهازية والقدرة على استغلال نقاط ضعف أعدائه واستخدام التكتيكات الانقسامية.
وحسب تقديرات صحف لندنية، فمن غير المرجح أن يندفع داعش إلى اشتباكات مباشرة مع الخمسين ألف جندي القادمين لاجتثاثه في الموصل، وسيعود على الأرجح إلى وضع التمرد ومواصلة حربه في البيئة الحضرية التي توفرها المدينة، وما يعنيه ذلك من ذوبان التنظيم وامتزاجه بالسكان بحيث يصعب التمييز بين «الجهادي» والمدني.
ورغم شعارات الشيعة وتبجحاتهم، فإن معظم القتال سيقوم به «الحشد الوطني» المشكل من مقاتلي القبائل السنية العراقية التي سعت إيران بكل جهدها وأدواتها لتهميشها وإقصائها عن السلطة. ومع تأكيدنا بأن هذه القبائل ستلقى الترحيب الكلي من أهل الموصل السنية بالغالبية الساحقة - كحلب في سوريا - فإن معركة الموصل مشبعة بالرموز والعصبيات في آن واحد.
ففي الوقت الذي يمثل فيه استرجاع الموصل خلاصا من أكبر مدينة سيطر عليها داعش سنتين، فإن هناك مجموعات عديدة من القوى الرئيسية المدمجة بالسلاح التي انقضت على الموصل، ولدى كل منها حساباتها وأجنداتها المتضاربة. فهناك إيران وميليشياتها، وهناك تركيا وقواتها، وهناك القبائل السنية والشيعية وهناك روسيا وأميركا.. وهناك القوقازيون والتركمان وووو.. وهذا كله سيتفجر على صورة نيزك مجنون في العام القادم.
copy short url   نسخ
24/10/2016
694