+ A
A -
- هديل عويس
أثبتت معركة الانتخابات الأميركية الجارية أنه لا يوجد إعلام حيادي، فبينما ينقسم نجوم الإعلام اليميني حول دونالد ترامب تجمِع الصحف ووكالات الأنباء اليسارية على تأييد هيلاري كلينتون في وجه منافسها الجمهوري، حتى أن وكالات أميركية كبرى أعلنت عن انحيازها الكامل لهيلاري كلينتون مثل «الفورين بوليسي والنيويورك تايمز والواشنطن بوست واللوس أنجلس تايمز»، وأكثر من ثمانين صحيفة أخرى، البعض منها لا تدعم المرشح الديمقراطي للرئاسة عادة إلا أنَ سباق الـ2016 هو سباق استثنائي بكل تأكيد...
موجة الداعمين لكلينتون إعلامياً مرشحة للازدياد حتى يوم الاقتراع... تكتب الوول ستريت جورنال «إذا فتحتَ التلفازَ على أيٍ منَ القنوات الأميركية البارزة ستجد تسجيل ترامب المهين للمرأة يتكرر مرةً بعدَ مرة دونَ ملل، وقد تبقى تشاهد زلات ترامب لساعات وساعات دون أن تأتي القناة ذاتها على ذكرِ آخر تسريباتِ الويكيليكس المتعلق بإيميلات كلينتون»...
ترامب ذهب أبعد من ذلك في نقده للإعلام حيث كتب على حسابهِ على تويتر فيما يبدو أنه غضب من تراجعه في استطلاعات الرأي «الانتخابات مزورة من قِبَل الإعلام ِالمضللِ الذي يحاول الدفع بالنصّابة هيلاري!»...أسبوع سيئ مرَ على ترامب منذ الإعلانِ عن تسجيلهِ المسيء، ثم ظهور عدة نساء في الإعلام ِاتهمن ترامب بقضايا تحرش.. رد ترامب على كل هذا باتهام الإعلام، ونظرية المؤامرةِ التي يحيكها الديمقراطيون ضدهُ بفبركة الادعاءات حتى أنه لم يترك مجالاً لمتابع ِالأخبار أن يفكر فيما إذا كانَ الإعلام ظالماً لهُ بالفعلِ أم لا، وذلكَ بسببِ ردات أفعاله واستجاباته النارية للنقد الموجه إليه كحديثه عن انتخابات أميركية مزورة، الأمر الذي يتجنبَ ذكره أي مرشحٍ رئاسيٍ تأكيداً على قبول المرشحين بنتائج الديمقراطية...
يقولُ ترامب في إحدى تغريداتهِ «الانضباطُ هو عنصرٌ أساسيٌ للنجاح.. سيبني شخصيتكَ، يحفزك ويقدمُ لكَ الفرص». نصيحةٌ جيدةٌ لكن لسوءِ حظهِ لايملكُ ترامب أدنى قدرٍ منَ الانضباط!...
يلقي ترامب اللومَ على الآخرينَ فيما يتعلق بتراجع شعبيته أما حقيقة المشكلة فتكمن في شخصية ترامب، فعدمُ السيطرةِ على الانفعالاتِ، ورغبتهُ العارمة بأن يبدو المهيمنَ على النقاشِ وعدم تقبله للنقد هي الأخطاءُ القاتلة التي تجرُ ترامب نحوَ الهزيمة، وقد فهمت كلينتون زلاتِ ترامب تماماً وأجادت اللعبَ عليها منذُ المناظرةِ الأولى حينَ نصبت كلينتون الفخَ الأولَ لترامب عندما جاءت على ذكرِ ملكةِ جمال الكون السابقة مكسيكية الأصلِ اليسيا ماشادو التي كان ترامب قد أهانها بتعليقات حول وزنها الزائد، لم يكن ردُ ترامب الاعتذارَ عن إهانتهِ للمرأةِ كما انتظرَ منهُ الناخبونَ بل أعلن الحربَ على ملكةِ الجمالِ من خلالِ تغريدات جاءت بعد منتصف الليل تتهم الأخيرة بتصوير أفلامٍ إباحية..
كما لم يسيطر ترامب على نفسهِ بعد اتهامه بالعنصرية ضدَ المرأة فقام بجلبِ ثلاثِ نساءٍ ادعينَ أنَ بيل كلينتون كان قد تحرش بهن مما فتحَ على ترامب باباً لم يكن ليخطرَ على بالهِ حيث جلب الإعلام أكثر من عشر نساء حكين تجاربهن مع التحرش من قِبَل ترامب..
ليس الديمقراطيون والإعلام اليساري الوحيدين اللذينِ ينتقدان ترامب بل حتى الجمهوريين الغير مقتنعين بترشيحه لم يسلموا منه فبعد أن أعلن بول راين الجمهوري المتحدث باسم مجلس النواب عدم قدرته على الدفاع عن ترامب قامَ ترامب بتهديد الجمهوريين الذين لم يقفوا مع حملته بالإقصاء إذا وصلَ للبيت الأبيض... لو كان ترامب شخصاً منضبطاً بالفعل، لما كانَ قد ارتكبَ كلَ هذه الزلات التي كلفت حملته فقدان الكثير من الناخبين...
لا يمكن لأميركا أن تتخيل رئيساً لا يقبل النقد ولا يعرف الاعتذار ويهوى إهانة وجرح منتقديه كترامب.
copy short url   نسخ
24/10/2016
568