+ A
A -
سليمان سعد أبو ستة
كاتب ومحلل سياسي
أعرب الاتحاد الأوروبي عن صدمته من مشهد الاعتداء الإسرائيلي على جنازة الصحفية شيرين أبو عاقلة، وما كان له إلا أن يعبر عن ذلك، فليس من المعقول أن تقف دولة بعصيها ورصاصها وقنابلها أمام جنازة، وتهاجم حاملي تابوت حتى تسقطه، دون مراعاة لحرمة موت، ولا لهيبة موقف، ولا تقدير لمكان، حيث كان الاعتداء في ساحة مستشفى، وأخيراً سقط التابوت من أيدي حامليه، وسقط بسقوطه جزء كبير من صورة الكيان الإسرائيلي في أعين كثير من أنصارها والمتعاطفين معها، الذين شاهدوا على الهواء مباشرة كيف يتم الاعتداء على جنازة صحفية مسيحية تحمل الجنسية الأميركية، ليثبت بالدليل القاطع كثيرا من آراء الفلسطينيين المتعلقة بكون (إسرائيل) دولة عنصرية مجرمة تعتدي على الأبرياء، وتمارس الفصل العنصري، وتتجاوز القانون الإنساني.
ولكن السؤال: ما الذي جرى لتنحدر (إسرائيل) إلى هذا الحد، فتبدو ككيان ضعيف مرتبك، يشعر بالعجز وقلة الحيلة، ويحاول تعويض ذلك بمزيد من العنف، ولكن دون جدوى، كأي بلطجي سقط من أعين ضحاياه، وتمردوا عليه، فصار يضرب في كل اتجاه ودون تركيز لعله يقنعهم بأنه ما زال قوياً.
كان تصرف (إسرائيل) حتى بمعايير الكيانات المجرمة، وأنظمة الحكم القمعية تصرفا غير مهني، وكأنها «جندي مستجد» في عالم القمع والإرهاب والعدوان، ما الذي كان سيحدث لو سُمح للجنازة أن تمر، لكن (إسرائيل) فيما يبدو لم تدرك أن الزمن الذي كانت تتحكم فيه بمصائر الناس؛ من خلال اتصال هاتفي من قبل ضابط مخابرات يهدد الناس ويتوعدهم قد انتهى، فكانت فضيحتها أمام العالم.
أرادت أن تظهر أنها قوية، قادرة على السيطرة على الأوضاع في مدينة القدس، كانت تريد القول: إنها من يسمح بحركة كل شيء، هي فقط من يسمح لهذه الجنازة أن تسير، ولتلك أن تتوقف، لكنها فشلت فشلاً ذريعاً، كما أرادت أن تؤكد أن لها السيادة على المدينة المقدسة، وأنها قادرة على تطبيق ما أعلنه رئيس حكومتها نفتالي بينت من أن القدس الموحدة عاصمة لها، فكان قرارها منع رفع العلم الفلسطيني، ففشلت كل عصيها وقنابلها الغازية في ترسيخ ذلك، وسارت الجنازة، وحولها أعلام فلسطين، فكانت تلك هزيمة في معركة لو كان لهذا الاحتلال ذرة من عقل ما كان طرفا فيها، فهي معركة خاسرة قبل أن تبدأ.
[email protected] -
copy short url   نسخ
16/05/2022
502