+ A
A -
الدوحة– قنا - تشهد العلاقات القطرية – التركية تطورا ملحوظا يوما بعد آخر، وتمضي بخُطا ثابتة واستراتيجية متينة، قائمة على الثقة والمصداقية والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. وقد انعكست تلك العلاقات على التقدم الاقتصادي بين دولة قطر والجمهورية التركية، حيث قفز حجم التبادل التجاري بين البلدين بأكثر من 40 بالمائة خلال السنوات الخمس الماضية إذ بلغ نحو 6.9 مليار ريال في العام 2021 مقابل نحو 4.9 مليار ريال في العام 2017، بحسب بيانات جهاز التخطيط والإحصاء.
وجاءت زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، إلى الجمهورية التركية تعزيزا للعلاقات الوطيدة بين البلدين وترسيخا لعلاقات الأخوة في المجالات كافة، وللمزيد من التنسيق في الملفات المشتركة والقضايا الدولية.
وتواصل قيادتا البلدين تطوير علاقات التعاون الاستراتيجية إلى آفاق أرحب، انطلاقًا من التقدم المحرز في اجتماع الدورة السابعة للجنة الاستراتيجية العليا المشتركة القطرية – التركية، الذي عُقِد في الدوحة في ديسمبر الماضي، وترأس الاجتماع كل من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية الشقيقة.
وقال السيد صالح بن حمد الشرقي مدير عام غرفة قطر: إن العلاقات بين دولة قطر والجمهورية التركية وثيقة ومتميّزة، وتغطي المجالات التجارية والاقتصادية كافة، لافتًا إلى أن تركيا تُعَد وجهة سياحية واستثمارية مميّزة للقطريين، كما تعتبر قطر أحد أكبر المستثمرين الأجانب في تركيا، وباتت تركيا واحدة من أكثر الدول المستقطبة لرأس المال القطري في العديد من القطاعات، أبرزها السياحة والعقارات.
وأكد مدير عام غرفة قطر،في تصريح لوكالة الأنباء القطرية قنا، حرص واهتمام كل من القطاع الخاص القطري والتركي على ضرورة تعزيز التعاون، وإنشاء مزيد من الشراكات والتحالفات الاقتصادية التي تعود بالفائدة على اقتصادي البلدين الصديقين، حيث تُساهم الشراكة بين القطاع الخاص في البلدين في تبادل الخبرات، وزيادة التنويع الاقتصادي بعيدًا عن النفط والغاز، وفتح مجالات أوسع للاستثمار في أسواق خارجية أخرى، فضلًا عن زيادة التبادل التجاري بين البلدين من خلال جذب المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.
ولفت الشرقي إلى وجود أكثر من 300 شركة قطرية – تركية مشتركة تعمل في السوق القطري، مسجلة بغرفة قطر، إضافة إلى 10 شركات تركية بنسبة تملّك لرأس المال التركي 100 بالمائة، مشيرًا إلى وجود علاقات وطيدة بين غرفة قطر وكل من اتحاد الغرف والتبادل السلعي التركي، وجمعية رجال الأعمال والصناعيين المستقلين التركية “موصياد”، ومؤسسة مصدري المعادن الحديدية وغير الحديدية، كما استضافت الغرفة وفودًا عديدة من أصحاب الأعمال الأتراك على مدار السنوات الماضية لبحث آفاق التعاون مع الجانب القطري، واستكشاف الفرص المتاحة للتعاون بين الشركات من الجانبين، كما نظمت الغرفة زيارات أعمال إلى تركيا، تكللت كلها بتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين الجانبين.
الشراكة بين البلدين
من جانبه، قال السيد دنيز استقبال، الباحث في دائرة الأبحاث الاقتصادية بمؤسسة البحوث السياسية والاقتصادية والاجتماعية التركية سيتا: إن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين دولة قطر وتركيا شهدت تطورا كبيرا خلال السنوات القليلة الماضية.. مضيفا أن الشراكة بين البلدين في التجارة والاستثمار ذللت العقبات أمام قطاعات الأعمال، وفتحت آفاقا للتعاون في مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية.
وأشار، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية قنا، إلى أن قطاعي المالية والطاقة هما المجالان الأكثر استفادة من الشراكة القائمة بين البلدين، والتي أكد أنها تساهم في دعم العلاقات الإقليمية الأخرى، وذلك في ظل التعاون الاقتصادي المتطور، والتناغم السياسي المتزايد، وتطابق وجهات النظر في العديد من القضايا.
وأوضح السيد دنيز استقبال أن الشركات التركية والقطرية تستفيد بشكل كبير من الاتفاقيات بين البلدين، وقال: «على سبيل المثال نجحت شركات تركية في إنجاز مشاريع بقيمة 17 مليار دولار في قطر، كما استثمرت قطر أكثر من 5 مليارات دولار في تركيا، خاصة في التمويل والطاقة».. ولفت إلى اتفاقية مبادلة العملة بين البلدين للمساهمة في الاستقرار المالي في تركيا.
علاقات استراتيجية
بدوره، قال الدكتور رجب الإسماعيل أستاذ الاقتصاد بجامعة قطر: إن العلاقات القطرية – التركية هي علاقات استراتيجية راسخة أكبر من كونها علاقات مصالح، مشيرًا إلى أن تركيا دولة مهمة ومحورية، ولها وزنها على المستوى الدولي، وعلاقاتها مع دولة قطر تنبع من التنسيق المشترك في الكثير من القضايا والملفات الإقليمية والدولية، وحاجة كل دولة للأخرى اقتصاديًّا وتجاريًّا.
وأضاف الإسماعيل، في تصريح لـ قنا، أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين قائمة على التكامل والاستفادة المتبادلة، حيث تُصدِّر قطر إلى تركيا الألومنيوم والغاز الطبيعي المسال (LNG)، والمنتجات البلاستيكية، وهيدروكربونات غازية أخرى (ألومنيوم) بولميرات إيثيلين بأشكالها الأولية، بينما تتمثل الصادرات الرئيسية التركية إلى قطر في المعدات الكهربائية والإلكترونية، والأثاث، والسجاد، ومواد البناء، والمجوهرات، والحليب ومنتجات الألبان، والحديد والأدوات الإلكترونية والمنسوجات الصوفية. ونوه بأن تركيا تعتبر وجهة سياحية واستثمارية مميّزة للقطريين، لافتًا إلى أن البلدين وقّعا العديد من الاتفاقيات المهمة خلال السنوات القليلة الماضية في مختلف المجالات، مما كان له أثر كبير في تعزيز التعاون والتقارب، خصوصًا على صعيد التعاون التجاري والاقتصادي، مما يجعل تركيا أحد أهم الشركاء التجاريين لدولة قطر، مشددًا على أهمية انعكاس العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، في شكل تحالفات وشراكات استثمارية لصالح البلدين.
وأكد أن السوق القطري ما زال متعطشًا للاستثمارات الأجنبية، وتتوافر فيه الفرص الواسعة في مختلف القطاعات الاقتصادية، منوهًا بأن مقترح دولة قطر بإنشاء منطقة اقتصادية تركية حرة في المناطق التي تشرف عليها هيئة المناطق الحرة القطرية التي تأسست في عام 2018، حال تم ذلك، سيكون نقطة تحوّل كبيرة في العلاقات التجارية المميزة بين البلدين، حيث من المتوقع أن تساهم المنطقة الاقتصادية الجديدة في زيادة الاستثمارات التركية في قطر، وتطوير الصناعات والخدمات، وزيادة التنوع الاقتصادي والإيرادات غير النفطية.
وفي السياق ذاته، أشاد سعادة الدكتور مصطفى كوكصو سفير الجمهورية التركية لدى الدولة، بالعلاقات المتميّزة بين البلدين، مشيرًا إلى أنه وفي مجال العلاقات بين القادة، عُقدت 28 قمة، منذ العام 2014 وحتى الآن، بين حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وأخيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهو رقم قياسي في تاريخ العلاقات بين البلدين.
وأشار سعادته، في تصريحات سابقة خاصة لوكالة الأنباء القطرية قنا، إلى وجود أكثر من 711 شركة تركية عاملة في قطر، بينها نحو 664 شركة برأس مال قطري وتركي، و47 شركة برأس مال تركي 100 بالمائة، و15 شركة تركية في المنطقة الحرة، بالإضافة إلى أكثر من 183 شركة قطرية عاملة في تركيا.
كما تستضيف قطر سنويًّا معرض “إكسبو تركيا في قطر” بمشاركة مئات الشركات التركية الراغبة في العمل بالسوق القطري.
وبدأت العلاقات القطرية – التركية رسميًّا عام 1979، بافتتاح سفارتي البلدين في الدوحة وأنقرة، قوية ومتينة في المستويات كافة، وزاد قوتها تأسيس اللجنة الاستراتيجية العليا المشتركة بين قطر وتركيا في 2014، التي استضافت الدوحة دورتها الأولى في ديسمبر من العام التالي، وعقدت منذ تأسيسها 7 اجتماعات، مناصفة بين البلدين، نتج عنها إبرام ما يزيد على 80 اتفاقية في مجالات متنوعة.
copy short url   نسخ
14/05/2022
539