+ A
A -
داليا الحديدي
كاتبة مصرية
كانت لي صديقة تتعامل مع شركة ترسل لها المساعدات بنظام الساعة، وبأحد أيام شهر مايو قبل سنوات من انتشار وباء كورونا جاءتها المساعدة بالثامنة صباحًا لتبدأ العمل، فقالت لها صديقتي: أنت اليوم ضيفتي لا مساعدتي، لم تفهم الفتاة الفليبينية الموضوع أول الأمر، فأوضحت لها صديقتي أن كل ما عليها أن تفعله هو الصعود للدور العلوي حيث غرفة المعيشة ومشاهدة التلفاز، أو مطالعة جوالها والحديث مع أصدقائها عبر التطبيقات الإلكترونية لتروح عن نفسها، فقالت المساعدة: أنا لا أفهم ما الأمر سيدتي، قالت صديقتي: أنا أريد أن أهديك يوماً من الراحة التامة كهدية لك، فافعلي فيه ما تشائين.. آمري.. تدللي.
قالت المساعدة: شكرا لك سيدتي، لكني أريد العمل لأحصل على أجرتي من الشركة قالت لها صديقتي: ستحصلين على أجرتك كاملة مقابل راحتك، إنه شهر مايو حيث يوم العمال وهذه هديتي لك.
صعدت المساعدة لغرفة المعيشة، فقامت ربة المنزل بتحضير صينية فضية للفطور للمساعدة ووضعت فيها مزهرية صغيرة بها بعض الياسمين بجانب أطايب الطعام والحلوى والشراب من عصير وخلافه.
طرقت صديقتي الباب مرارًا في غرفة المعيشة فلم ترد المساعدة، فدخلت صديقتي ببطء لتجد التلفاز مفتوحا والمساعدة تغط في نوم عميق من أثر التعب، ولما استيقظت سألتها صديقتي: أتريدين التنزه قليل يا سيرياني؟
ففركت عينيها وقبضت على معصمها تريد التأكد انها ليست في وضعية حلم، ثم أومأت بالقبول، فأخذتها لمقهى بأحد المجمعات التجارية في الدوحة، حيث تناولتا القهوة الفرنسية والكعك ثم ابتاعت لها بعض الهدايا الصغيرة كتذكار.
تقول لي صديقتي: يصلني بكل مايو من كل عام رسالة من «سريآني» تقول فيها: لن أنساك أبدا سيدتي، فأنت من ذكرتني أنني انسانة يحتفى بها لا مساعدة أجيرة تعمل فتوبخ لتحصل على الأجر.
لا يرفض الإنسان أن يعمل ليؤجر، لكن لكم يود أ تراعى إنسانيته في العمل ولكم يتمنى ألا يهدر حقه وإن أخطأ، فالخطأ طبع إنساني وتصويبه واجب بشري.
copy short url   نسخ
14/05/2022
163