+ A
A -
سارة رشيدي
كاتبة جزائرية
مع اقتراب نهاية العام الأكاديمي والشروع في التسجيلات للسنة الجديدة بالنسبة للأطفال المستجدين، يبدأ الأولياء رحلتهم في البحث عن أفضل المدارس لأبنائهم، ويصطدمون بالسؤال المتكرر، هل أسجل أطفالي في مدرسة خاصة أم مدرسة حكومية؟ وأيهما الأفضل من حيث التأسيس والتعليم؟ ومن هنا تبدأ رحلة ثانية نحو البحث عن أفضل مكان للاستثمار في الأبناء، ظنا أن نوع المدرسة، أو المنهج هما فقط ما يجب التركيز عليه، وفي هذا الصدد أوجه سؤالي للأمهات والآباء، هل نوع النظام التعليمي هو من يعطينا أفرادا يتمتعون بقدرات عالية من الذكاء العاطفي، وعلى قدر من الوعي الذاتي والشغف والإبداع؟ علما أن المعلومات التي يتلقاها الطفل في المدرسة يمكن أن يتحصل عليها من الكتب ومن المواقع الإلكترونية المتخصصة فنحن في عصر التكنولوجيا، والمعلومة صارت متاحة أمام الجميع، ولا داعي لصرف مبالغ طائلة حتى نجعلها في يد الطفل، إنما النقطة الفعلية التي يجب على الأهل الانتباه إليها والتركيز عليها، هي قدرة هذه المؤسسة التعليمية سواء كانت عامة أو خاصة على توصيل المهارة للطفل وجعله يتقنها، فهل هذه المؤسسة تعمل على تعليم الطفل المهارة وتنمية وعيه وذاته، وغرس روح المسؤولية لديه، وتعزيز مخزونه اللغوي، وتوفير مساحة ليعبر فيها عن نفسه فتعزز عنصر الخطابة لديه، وتعلمه مهارات الإلقاء والتواصل الاجتماعي، وتقدم له حزمة من الألعاب الحسية كالصلصال والرمل وأنشطة التركيب والمطابقة، وتقص على مسامعه الحكايا والقصص حتى تجعله يسبح في عالم الخيال فيشارك معلمته القصة بإضافة أحداث وتغيير نهايات واختراع شخصيات بديلة كلها من صنع خياله وبنات أفكاره، أم أن هذه المؤسسة تعمل فقط على تعليمه المقرر وتحسن لغته الأجنبية لدرجة الإتقان وفقط؟
إذا أثناء رحلة البحث عن أفضل المدارس يجب على الآباء والأمهات أن يعوا هذه النقطة جيدا بأن تعلم المنهج والرياضيات والتاريخ واللغات ليس المعيار الدقيق للحكم بأن هذه أفضل مدرسة، بل تلك المؤسسة التي تعتمد في برنامجها على تقوية مهارات الطفل النفسية والحسية والاجتماعية وحتى البدنية، بخلق فضاء للسباحة إن أمكن، وكرة القدم ورياضات أخرى تكون متنفس للطفل، حتى يظهر مهاراته ويكتشف ميولاته، أما المعلومة فمن السهل جدا الحصول عليها وتلقينها للطفل، فكما يحرص الأولياء على تفوق أبنائهم في مختلف المواد عليهم أيضا أن يحرصوا على حصولهم على الدعم المناسب لتعزيز واكتشاف قدراتهم، كمهارة الإلقاء كما أشرت سابقا، تعمل على تقوية شخصية الطفل وتعزز من ثقته في نفسه، فتقضي على التردد والخجل والتوتر الذي يحصل لبعض الأطفال أثناء حديثهم أمام المجموعات أو الجمهور، كذلك القصة والرسم والرياضة وأنشطة التركيب وغيرها، كلها تعتبر من أهم النقاط التي يجب فعلا أن بتعملها ويتقنها الطفل بدءا من مرحبة الطفولة المبكرة، مرورا بسنوات تعليمه الأولى في حياته، كما يمكن للأم أن تساعد طفلها في المنزل بتعليمه هذه المهارات حتى يتكون لدينا طفل قائد يتمتع بقدر عال من الوعي الذاتي وقادر على حل مشكلات الحياة، فهذا هو الاستثمار الأمثل لقدرات الطفل.
copy short url   نسخ
14/05/2022
167