+ A
A -
القدس - الأناضول - على مدار أكثر من عقدين من عملها، لاقت الصحفية الراحلة شيرين أبو عاقلة، المسيحية الديانة، احتراما كبيرا من قبل الفلسطينيين المسلمين. ويقول رجال دين وشخصيات فلسطينية إن أبو عاقلة جسدت الوحدة «الإسلامية المسيحية» في الأراضي الفلسطينية بشكل عام ومدينة القدس بشكل خاص. ولطالما أمضت «أبو عاقلة» الساعات الطويلة في نقل مباشر، وعبر تقارير ميدانية، لاقتحامات المستوطنين والشرطة الإسرائيلية للمسجد الأقصى أو كشف الاعتداءات الإسرائيلية على مقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة.
ويقول الشيخ محمد حسين، مفتي القدس والديار الفلسطينية، إن أبو عاقلة كانت «صحفية من الطراز الأول، وكانت تغطي الأحداث في الأراضي الفلسطينية ومدينة القدس والمسجد الأقصى».
وأضاف حسين لوكالة الأناضول: «لقد كان لها حضور يتصف بالمهنية العالية والأمانة الصحفية وكانت توصل رسالة الفلسطينيين إلى العالم بشكل مهني».
وتابع: «كثيرا ما أعدّت التقارير عن الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات بما فيها المسجد الأقصى، وكانت تنقل الأحداث بصورة مميزة ومقنعة».
وأشار إلى أن التعايش «الإسلامي-المسيحي» في فلسطين والقدس يعود إلى «العهدة العمرية».
وأضاف: «العهدة العمرية هي الأساس لهذا العيش المشترك، والذي يصلح لأن يكون أنموذج يحتذى به في العيش المشترك في كل العالم».
وتابع حسين: «القدس فلسطينية وعربية وإسلامية، يعيش فيها المسلم مع المسيحي، انطلاقا من روح العهدة العمرية».
والعهدة العمرية، كتبها الخليفة عمر بن الخطاب، لأهل إيلياء «القدس» عندما فتحها المسلمون عام 638 ميلادية.
وجاء في نصها أن ابن الخطاب أعطى أهل إيلياء الأمان «لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينتقص منها ولا من حيِّزها، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم».
من جانبه، يلفت المطران الدكتور منيب يونان، رئيس الاتحاد اللوثري العالمي سابقا والرئيس الفخري لمؤسسة الأديان من أجل السلام، إلى أن الكثيرين لم يعلموا أن «أبو عاقلة»، مسيحية الديانة، إلا بعد رحيلها.
وقال في حديثه للأناضول: «التعايش الإسلامي-المسيحي في فلسطين مفروغ منه، فنحن لا نُميّز بين مسلم ومسيحي، وإنما نحن شعب واحد، ألمنا واحد، ومصيرنا واحد ونهدف إلى أمر واحد، وهو إقامة دولة لنا جميعا».
وأضاف: «للأسف فإن هناك بعض المتطرفين الذين يحاولون حرف البوصلة عن هدفنا الواحد، غير أننا نقول ونصر على أننا شعب واحد، ولدينا قضية واحدة، انتفاضتنا واحدة، ونريد دولة واحدة تضمن خلاص الاحتلال وحرية الإنسان».
وتابع المطران يونان: «القدس علمتنا التعددية، وعلمتنا تقبل الآخر والعيش المسيحي-الإسلامي المشترك».
ويتعرض المسيحيون الفلسطينيون لذات الاعتداءات التي يتعرض لها المسلمون، من هدم للمنازل ومصادرة أراضي واعتقال واعتداءات بالضرب.
بدوره، يقول برنارد سابيلا، النائب السابق بالمجلس التشريعي الفلسطيني، إن «أبو عاقلة» نقلت «بأمانة ونزاهة ومهنية ما يحدث في الأراضي الفلسطينية».
وأضاف لوكالة الأناضول: «نقلت شيرين في عملها الصحفي، الوجع الفلسطيني ومثلت الالتزام المسيحي الفلسطيني بعرض الواقع المؤلم، وبالتأكيد على حق الشعب العربي الفلسطيني في نيل حقوقه الأساسية والمشروعة».
وتابع: «وبالتالي فإننا في القدس لا نفرق بين مسلم ومسيحي، لأننا أولا في الهم سواء، ولكن أيضا لأن هناك تاريخ طويل مشترك من الوقوف معا، والتجربة الحياتية التاريخية التي شهدت تهجير المسلم والمسيحي بدون أي تمييز».
وأشار إلى أن المسحيين، عانوا من التهجير إبان نكبة فلسطين، أسوة بالمسلمين، حيث كان هناك ما يزيد عن 50 إلى 60 ألف لاجئ مسيحي فلسطيني، بالإضافة إلى 700 ألف لاجئ مسلم فلسطيني.
وقال: «هناك شعور عارم عند الفلسطينيين أجمع، بأن شيرين هي جزء لا يتجزأ من حياتهم، ومن تجربتهم خلال فترة الاحتلال ورغبتنا القوية والمصرة على التخلص من الاحتلال وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس».
وأضاف سابيلا: «أنا أشعر بالحزن لأن هناك بعض الأشخاص الذين يُفتون بأمور تُقسّم الناس، وتأخذ البوصلة بعيدا عن ما يحدث اليوم بالقدس والأراضي الفلسطينية المحتلة، إن شيرين إنسان فلسطيني يستحق منا أن نترحم عليها في كل وقت وكل آن».
وكان وديع أبو نصار، المتحدث باسم مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في الأراضي المقدسة، قد قال للأناضول، في حوار سابق، أن المسيحيين كانوا يشكّلون نحو 25 بالمائة من عدد سكان القدس عام 1922، أما اليوم فإن نسبتهم لا تزيد عن 1 بالمائة من عدد سكان المدينة.
وأرجع انحسار أعداد المسيحيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ومدينة القدس بشكل خاص، إلى مزيج من الضغوط الاقتصادية، وانعدام الأفق السياسي، وأيضا الإجراءات الإسرائيلية.
copy short url   نسخ
14/05/2022
11