+ A
A -
أكد فضيلة الداعية عبدالله محمد النعمة أن صلاح الذرية واستقامة حالها وسعادتها في الدنيا ونجاتها في الآخرة مطلب أسمى وغاية عظمى، من أعظم غايات بني البشر وأسمى مقاصدهم على اختلاف أجناسهم وتعدد مللهم وتنوع أحوالهم، إنها أمنية الآباء وطلب الأمهات وأمل الصالحين وغاية المصلحين ودعوة الأنبياء والمرسلين.
وقال الداعية عبدالله النعمة في خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب: الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وإخوانه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أيها المسلمون، اتقوا الله حق التقوى واستمسكوا بالعروة الوثقى، فهو القائل سبحانه: «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون».
وأضاف الخطيب: الأولاد هبة الله تعالى للآباء، يسر الفؤاد بمشاهدتهم، وتقر العيون برؤيتهم، وتبتهج النفوس بمحاذاتهم، هم ريحانة الألباب وزهرة الحياة وثمرة الفؤاد وزينة العمر، قال تعالى: «المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا». روى ابن ماجه وأحمد عن يعلى العامري رضي الله عنه أنه قال: «جاء الحسن والحسين يسعيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم وضمهما إليه وقال إن الولد مبخلة مجبنة»، أي من أجلهم يبخل الإنسان بالمال ويجبن عن الجهاد في سبيل الله ويرغب في البقاء معهم محبة لهم وحرصا عليهم.
وبين النعمة أن صلاح الذرية واستقامة حالها وسعادتها في الدنيا ونجاتها في الآخرة مطلب أسمى وغاية عظمى من أعظم غايات بني البشر وأسمى مقاصدهم على اختلاف أجناسهم وتعدد مللهم وتنوع أحوالهم، إنها أمنية الآباء ومطلب الأمهات وأمل الصالحين وغاية المصلحين ودعوة الأنبياء والمرسلين، فهذا الخليل إبراهيم عليه السلام يقول: «رب هب لي من الصالحين»، وهذا نبي الله زكريا عليه السلام يدعو ربه بقوله: «رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء»، وما زالت تلك دعوة عباد الرحمن المأثورة في القرآن: «والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما»، قال ابن كثير رحمه الله: يعني الذين يسألون الله تبارك وتعالى أن يخرج من أصلابهم وذرياتهم ما يطيعه ويعبده وحده لا شريك له، وقال ابن عباس: يعنون من يعمل بالطاعة فتقر به أعينهم في الدنيا والآخرة، ولأجل هذا اهتم الإسلام بتربيتهم وإصلاحهم وأرشد إرشادا منقطع النظير إلى سبل ذلك، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من مولا إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه»، وحرص النبي صلى الله عليه وسلم على حث الآباء والأمهات في غير ما حديث ومناسبة على تربية الأبناء، وتعاهدهم بالتنشئة الصالحة، ففي الحديث المتفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.. إلى أن قال والرجل راعٍ على بيت أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم». ولقد كانت تربية الأبناء المسلمين همًا من أعظم هموم المصطفى صلى الله عليه وسلم التي استغرقت جانبا عظيما من وقته ومهمته، فكان عليه الصلاة والسلام يعلمهم العقيدة والتقوى والإيمان ويقوي صلتهم بالله تعالى ويحذرهم من الغفلة والعصيان والنشأة على غير طاعة الله، قال لابن عمه عبدالله بن عباس رضي الله عنهما وهو غلام صغير: «يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله»، حديث رواه أحمد والترمذي.
وأردف: وكان عليه الصلاة والسلام حريصا على تربيتهم على مكارم الآداب وحميد الخلال، ففي الحديث المتفق عليه قال: قال عمر ابن أبي سلمة رضي الله عنه كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك، هكذا كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تربيته لهذا النشء على التربية الصالحة، والقدوة الحسنة.
وأوضح النعمة أن تربية الأبناء ليست مقصورة على التربية الجسمية المادية من توفير الطعام والكسوة والمسكن، إن التريبة الحقيقية الضرورية هي تربية الدين وتربية الأخلاق الفاضلة، وتنميتها في نفوس الأجيال، لقد أضاع كثير من الآباء والأمهات مع شديد الأسف مسؤولية تربية الأبناء بسبب اهتماماتهم الأخرى، فكانت الضحية هم الأبناء والبنات الذين فقدوا أبوة التوجيه والتربية والعطاء، وسلبوا أمومة الرعاية والحنان والعطف، قال ابن القيم رحمه الله: وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارا فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا، كما عاتب بعضهم ولده على العقوق فقال: يا أبت إنك عققتني صغيرا فعققتك كبيرا، وأضعتني وليدا فأضعتك شيخا.
وأوصى الخطيب بقوله: عباد الله، احرصوا على تربية أبنائكم وبناتكم على عقيدة التوحيد الخالص والإيمان الصادق، واغرسوا في قلوبهم محبة الله ومحبة الرسول ومحبة صحابته رضي الله عنهم، فإن ذلك من أهم مقومات التربية الناجحة الصالحة، إذا الخير كله في الإيمان والتقوى، فمن كان ذا إيمان فسيرده إيمانه يوما ما، وسيخوضه صلاحه إلى سبل المعاني وطرق المجد والفلاح ثم التربية على العلم النافع الذي يهذب النفوس ويوم الأخلاق، قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: «كنا نعلم أولادنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نعلمهم السورة من القرآن».. والحذر أيها الآباء من سوء الخلق والقدوة السيئة أمام أبنائكم، فإن ذلك من أعظم المنفرات التي يحبها جلساء السوء الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، وعليكم بالدعاء لهم بالصلاح والهداية والتوفيق والاستقامة، روى البيهقي عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاث دعوات لا ترد دعوة الوالد لولده ودعوة الصائم ودعوة المسافر».
copy short url   نسخ
29/01/2022
710