+ A
A -
بين فضيلة الداعية عبدالله محمد النعمة أن العمر الذي يملكه الإنسان في هذه الحياة نعمة كبرى من أجلّ وأعظم نعم الله على البشر، وأن الوقت هو حياة الإنسان وعمره الذي هو أنفاس تتردد وتتعدد، وهو من أنفس ما عُني الإنسان بحفظه والحرص عليه، بل ويفتدي عمره بكل ما يملك من غال ونفيس.
وقال الداعية النعمة في خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب: الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشانه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وإخوانه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وأضاف الخطيب: أيها المسلمون.. اتقوا الله حق التقوى واستمسكوا بالعروة الوثقى فهو القائل سبحانه: «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون».
وأكد النعمة أن العمر الذي يملكه الإنسان في هذه الحياة نعمة كبرى يجب عليه حمد الله تعالى عليها، نعمة من أجل وأعظم نعم الله على البشر «وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا» وفي الحديث المتفق عليه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ» أي لا يعرفون قدرهما ولا ينتفعون بهما في حياتهم الدنيوية والأخروية.
وأوضح الخطيب أن الوقت هو حياة الإنسان وعمره الذي هو أنفاس تتردد وتتعدد، وآمال تضيع إن لم تتحدد، فدقات قلب المرء في صدره تشعره في كل لحظة بأن الحياة دقائق وثوان، تمر به متوالية متتابعة في ساعات وأيام وشهور وأعوام، حتى ينتهي به ذلك إلى الدار الآخرة، يقول الحسن البصري رضي الله عنه: «يا ابن آدم! إنما أنت أيام كلما مضى يوم مضى بعضك» بل لقد أقسم الله تعالى في آيات عظيمة من كتابه وفي مواضع كثيرة معدودة، والله عز وجل لا يقسم بشيء من خلقه إلا لأهميته وعظمته ولفت الأنظار إليه والتنبيه على مكانته وجلالته فقال: «والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى»، وقال: «والفجر وليال عشر»، وأقسم بالضحى فقال: «والضحى والليل إذا سجى»، وبل وأقسم بعموم الزمان والدهر فقال: «والعصر إن الإنسان لفي خسر» قال ابن عباس: «أقسم به لأن فيه عبرة للناظر».
وذكر الخطيب أن الحرص على الوقت والاستفادة منه واستغلال لحظاته وثوانيه فضلا عن ساعاته وأيامه من علامات التيقظ، وأسباب النجاح والفلاح فإن كل يوم يعيشه المسلم في هذه الحياة غنيمة يجب أن يظفر بها وأن يحسن التعامل معها، ولأجل هذا فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: «اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك» أخرجه الحاكم والبيهقي.
ولفت إلى أن الوقت من أنفس ما عُني الإنسان بحفظه والحرص عليه، بل ويفتدي عمره بكل ما يملك من غال ونفيس، وقد كان الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه يقول: «ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه ونقص في أجلي، ولم يزدد فيه عملي»، والمؤمن - عباد الله - كما قال قتادة رحمه الله: «لا تلقاه إلا في ثلاث، مسجد يعمره، أو بيت يستره، أو حاجة من أمر دنياه لا بأس بها». ونوه الخطيب بقوله: أيها المسلم.. رأس مالك في هذه الحياة دقائق وساعات، وأيام وشهور، فماذا قدمت فيها من أعمال صالحة، وماذا سجلت في صحائف أعمالك، هل تسرك إذا نظرت إليها يوم القيامة أم تسوؤك، فالكيس من حفظ وقته واستغله فيما يعود عليه بالنفع والخير ولمجتمعه ووطنه، قال بعض السلف: «ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا بن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة». وأردف: اعلموا أن وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو يمر مرّ السحاب، فكم من سنوات مضت كلمح البصر وكأنها ما كانت، نقترب بمضيها من نهاية أعمارنا، فالمسلم الحريص من أدرك قدر وقته وشرف زمانه فعمّره بالطاعات والقربات والمنجيات فقام بتنظيم وقته وترتيب أولياته بدءا بالأهم فالمهم والواجب والمندوب، وقد قالها عمر رضي الله عنه: «أعلم أن لله تعالى عملا بالليل لا يقبله بالنهار وعملا بالنهار لا يقبله بالليل»، فعلى المسلم أن يحذر من ضياع الأوقات بالغفلة والتسويف والأماني، فإن الموت يأتي بغتة «وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت».
الملهيات كثرت ووسائل وأساليب ضياع الوقت عظمت وتنوعت، فالكيس الفطن من حفظ وقته فاستفاد، وإنما الدنيا كما وصفها أحدهم فقال: «ثلاثة أيام: أما أمس فقد ذهب بما فيه، وأما غدا فلعلك لا تدركه، فاليوم لك فاعمل فيه».
عباد الله.. وإن مما يعين على حفظ الوقت واستغلاله: محاسبة النفس على الأيام والساعات، ماذا عمل فيها وكيف انقضت، ومنها تربية النفس على علو الهمم في اغتنام الأوقات بمعالي الأمور والبعد عن سفاسفها، ومنها مصاحبة الأخيار الذين يعينون الإنسان على استغلال وقته ويذكرونه عند غفلته ويبصرونه عند جهله.
ألا ما أجمل أوقات الفراغ حين تستغل بذكر الله وتلاوة كتابه وحفظه وتدبره والعمل به بطلب العلم وقراءة الكتب المفيدة التي تغذي العقل وتنمي الفهم والمعرفة، ما أجملها أوقات في زيارة الأقارب وصلة الرحم في تفقد الإخوان والسؤال عنهم، في تعلم الأمور النافعة والحرف المفيدة التي تنفع الإنسان في نفسه ومجتمعه.
copy short url   نسخ
15/01/2022
674