+ A
A -
الدوحة- الوطن
انطلقت أمس أعمال الدورة الثامنة لمنتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية، التي ينظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وتستمر مدة يومين.
ويبحث المنتدى في هذا العام موضوع استجابة دول الخليج العربية لجائحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد - 19»: السياسات والتداعيات، في محور القضايا الداخلية، ويناقش المصالحة الخليجية: آفاقها وانعكاساتها على علاقات دول الخليج الإقليمية والدولية، في محور العلاقات الدولية، وذلك بمشاركة 30 باحثًا من المنطقة العربية وخارجها، وُزعت أبحاثهم على 12 جلسة، من بينها محاضرة عامة.
وقد حضر افتتاح المنتدى سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد بن جاسم بن حمد آل ثاني، وزير الثقافة، والدكتور حسن الدرهم، رئيس جامعة قطر، وعدد من سفراء وقناصل الدول العربية والأجنبية في قطر.
افتتح أعمال المنتدى الباحث في المركز العربي ورئيس لجنة منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية مروان قبلان، الذي أكد في كلمته الافتتاحية بأن هذا المنتدى الذي أطلقه المركز العربي في ديسمبر 2014، يعدُّ منبرًا أكاديميًا متخصصًا في دراسة شؤون منطقة الخليج العربي وقضاياها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فمنذ إطلاقه نُظمت سبع دورات غطت في أطروحاتها الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية في دول مجلس التعاون، وقضايا التعليم، والتنويع الاقتصادي، وأزمة حصار قطر، والتحولات الاجتماعية وإشكالية الهوية والقيم في منطقة الخليج، وصنع السياسات العامة، وأمن منطقة الخليج، والعلاقات الخليجية مع الولايات المتحدة الأميركية وإيران، والصناديق السيادية. وشدد قبلان أنّ هذا المنتدى استمر دون انقطاع رغم الظروف الصعبة والأزمات السياسية والصحية التي واجهت المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية، فلم يؤثر ذلك على الاهتمام به ومستوى المشاركة في فعالياته.
خلفيات المصالحة الخليجية وتحدياتها المحتملة (1)
ناقشت الجلسة الأولى في محور العلاقات الدولية برئاسة مروان قبلان خلفيات المصالحة الخليجية والتحديات المحتلمة، قدم فيها ماجد التركي، رئيس مركز الإعلام والدراسات العربية الروسية في الرياض، ورقة عن اتجاهات المصالحة الخليجية ومساراتها، والالتقاءات الإقليمية التي تشكلت في فترة الأزمة الخليجية، والتحديات السياسية والأمنية والعسكرية المحتملة، حيث أشار إلى أن هذه الالتقاءات قد تؤثر على أمن منطقة الخليج واستقرارها، ما يلزم معه تفعيل دور مجلس التعاون لدول الخليج العربية لمواجهة هذه التحديات.
في السياق ذاته، قدم عبدالله الشايجي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الكويت، ورقة حول تداعيات المصالحة الخليجية على بلدان الخليج العربية، مؤكدًا أن المصالحة الخليجية لا تزال تواجه تحديات عدة يمكن أن تلقي بتداعياتها على العمل الخليجي المشترك والأمن الخليجي، بحيث تبرز أهمية هذه التحديات في ضوء تراجع الحضور الأميركي في المنطقة العربية، وضعف الثقة بتوفير الولايات المتحدة الحماية لبلدان المنطقة، والخشية من تكرار تجربة الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما (2009 - 2017) في التعامل مع إيران لمنعها من التحول إلى دولة نووية.
وقدم ماجد الأنصاري، رئيس أكاديمية قطر الدولية للدراسات الأمنية، ورقة عن التحديات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط ودورها في رفع المخاوف السياسية والأمنية إلى مستوى جديد في العلاقة بين دول مجلس التعاون، مشيرًا إلى أن تباين دول المجلس في التعامل مع القضايا الإقليمية خلال السنوات العشر الأخيرة حفز على الانقسام وزعزعة العلاقة فيما بينها. وكما فكك الأنصاري كيفية تشكيل تصوّر صانعي السياسات وفهمهم للمنطقة وأثر ذلك على خياراتهم السياسية وتفضيلاتهم للحليف والعدو.
وفي الورقة الأخيرة ناقش عبدالله الغيلاني، الباحث العُماني في الشؤون الاستراتيجية، قراءة في تداعيات الأزمة الخليجية لا على مستوى الشروخ الداخلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية فحسب، بل على المستوى الأمني الإقليمي لدول الخليج العربية، إذ ساهمت الأزمة في إعادة موضعة بلدان الخليج إزاء الأزمات والعلاقات الإقليمية والدولية. في ضوء ذلك، شدد الغيلاني على ضرورة الاستفادة من المصالحة الخليجية للتشديد على تماسك دول الخليج العربية في موقفها إزاء الأزمات الإقليمية، وبلورة تصورات مشتركة للأمن الإقليمي، وذلك لعدم تكرار التصدع الذي أفرزته أزمة حصار قطر. في الجلسة الثانية من المحور نفسه، برئاسة عبدالله باعبود، قدم محمد الرميحي، أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة الكويت، ورقة عن تغير تموضع منطقة الخليج العربية في السياسة الدولية، مع التركيز على أولويات الدول الكبرى تجاه دول المنطقة، ولا سيما السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية، وأثر ذلك في تشكل تحالفات إقليمية ودولية جديدة برزت إبان الأزمة الخليجية. وكما ناقش الرميحي تأثير ذلك على المصالحة الخليجية في ضوء تراجع مكانة النفط بالنسبة إلى القوى الدولية، وتراجع المكانة الاستراتيجية للمنطقة بعد التطور التقني، والتكلفة الكبيرة في الانخراط العسكري والأمني في المنطقة. وناقش ظافر العجمي، المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج، المحاولات الدبلوماسية التي شهدتها منطقة الخليج لحل أزماتها، مشيرًا إلى أن دبلوماسية «حب الخشوم»، بوصفها دبلوماسية تقليدية متعارفا عليها في منطقة الخليج، وإن ساهمت في إيجاد حلول مؤقتة لأزمات منطقة الخليج العربية، فإنها تحمل بين طياتها إهمالًا لإيجاد حلول جذرية ودائمة للأزمات. وشدد العجمي على ضرورة تفعيل العمل الجماعي المشترك لحل أزمات دول مجلس التعاون والتفاعل مع وسائل الدبلوماسية الحديثة لتحقيق ذلك. وفي الورقة الأخيرة شدد خالد الجابر، مدير مركز الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في واشنطن، إلى أن الموقف الأميركي، الذي كان عاملًا رئيسًا في اندلاع الأزمة الخليجية وانتهائها، فرض مجموعة من التساؤلات عن مدى الاعتماد على الولايات المتحدة الأميركية في توفير الحماية الدفاعية لدول الخليج العربية، ولا سيما مع تراجع الأهمية الاستراتيجية للمنطقة؛ نتيجة زيادة إنتاج الطاقة، والتنوع في سوق الطاقة العالمية. وفي الجلسة الأخيرة من المحور نفسه، برئاسة عبدالله الغيلاني، ركز محمد المسفر، الأستاذ في جامعة قطر، على تداعيات المصالحة الخليجية في العلاقة مع إيران في ظل وجود إدارة إيرانية جديدة برئاسة إبراهيم رئيسي، مشيرًا إلى أن إيران التي تواجه أزمتين في علاقاتها الخارجية: تتعلق الأولى بالتوترات والأزمات في العلاقات مع دول الجوار الإقليمي، أما الثانية فتتصل بعلاقاتها الدولية مع الولايات المتحدة، قد تميل إلى تحسين علاقاتها على المستوى الإقليمي بوصفه نقطة انطلاق للسياسة الخارجية؛ لأن حلّ القضايا مع دول الجوار والمنافسين الإقليميين يعزز موقع إيران في التعامل مع الدول الغربية، وأن البوابة الإقليمية هي النافذة الأمثل لمعالجة الخلافات الخارجية، وهي الأمل في زيادة مصادر قوة إيران إزاء القوى الكبرى.
وفي السياق نفسه، ركز محجوب الزويري، مدير مركز دراسات الخليج في جامعة قطر، على تقييم الموقف الإيراني وتفاعلاته مع اتفاق العلا، مشيرًا إلى أن الاتفاق جاء في لحظة إقليمية انتقالية مهمة قد تحمل بين طياتها تحسينًا في شكل العلاقات الخليجية – الإيرانية وطبيعتها؛ إذ بدأت إدارة أميركية جديدة برئاسة جو بايدن، كما أن إيران كانت تستعد لانتخابات رئاسية جديدة. وقد استمرت التفاعلات الإقليمية غير البعيدة عن إيران، مثل الانسحاب الأميركي من أفغانستان وتولي حركة طالبان مقاليد الأمور في البلاد، وإعادة التموضع الأميركي في العراق، والحوار السعودي - الإيراني.
وفي الورقة الأخيرة، رأى روبرت ماسون، زميل غير مقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، أنه في خضم المنافسات الخليجية المستمرة والاضطرابات الإقليمية والكراهية الراسخة بين الولايات المتحدة وإيران والتقلبات في الدبلوماسية الأميركية، يبدو أن احتمالية تحقيق وقف التصعيد في الخليج في ظل اتفاق المصالحة الخليجية ضئيل جدًا، وذلك على الرغم من الاجتماعات التي عقدت بين الإمارات وإيران، والتي تلاها اجتماعات شارك فيها مسؤولون من السعودية والأردن ومصر وإيران، والاجتماعات بين السعودية وإيران، لخفض التصعيد في منطقة الخليج وخارجها.
وفي محور القضايا الداخلية، ناقشت الجلسة الأولى برئاسة الجوهرة يوسف العبيدان، سياسات دول الخليج العربية في التعامل مع تفشي «كوفيد - 19»، قدم فيها نايف نزال الشمري، أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت، ورقة عن الآثار السلبية لتفشي الجائحة على اقتصادات دول مجلس التعاون في ضوء الضربة المزدوجة التي تعرضت لها؛ بتفشي الجائحة بالتزامن مع انخفاض أسعار النفط العالمية إلى معدل غير معهود منذ بدء الاعتماد على النفط في الاقتصاد العالمي. وكما عرج الشمري على تباين حجم الدعم المالي لدول مجلس التعاون لإعادة نشاط القطاعات الاقتصادية بعد انحسار الآثار السلبية للجائحة.
أما أحمد عارف، باحث في السياسات العامة بمعهد الدوحة الدولي للأسرة، فقد رصد اختلاف استجابة السياسات في بقعتين من العالم العربي، وهما المشرق العربي والخليج العربي، حيث تباينت أوجه الاستجابة إلى حدٍّ بعيد، إذ برز في المشرق العربي إيلاء الاستجابة الاقتصادية لدعم الشركات الكبرى وأصحاب الأعمال مع عدم ضخ الموارد ذاتها للصناعات الصغيرة والمتوسطة. في حين ركزت بلدان الخليج العربي، الغنية، على الشمولية في استجابتها الاقتصادية حتى لا يتم استبعاد الصناعات الصغيرة والمتوسطة. وعلى الرغم من ذلك، يرى عارف بان دول الخليج اتُّخذت حزمة من إجراءات التقشف الاقتصادي قوضت، إلى حد ما، فلسفة العدالة الاجتماعية في أنماط الاستجابة. في الورقة الأخيرة، ناقش طارق بن حسن، أستاذ السياسات والتخطيط والتطوير في جامعة قطر، الكيفية التي أجبرت فيها الجائحة وانخفاض أسعار النفط الحكومات في منطقة الخليج على تكثيف جهود التنويع الاقتصادي للتحول نحو اقتصاد المعرفة.
copy short url   نسخ
28/11/2021
782