+ A
A -
فايز أبو شمالة كاتب فلسطيني
هل يقبل الاحتلال الإسرائيلي لنا نحن الفلسطينيين أن نعيش في كنفه، ننزف عرقنا وطاقتنا في مصانعه، ونقدم له الخدمات الأمنية التي يشتهي، ليلقي لنا رغيف الخبز، ونحن نسبح بحمده صباح مساء؟
لا أظن ذلك، لن يقبل الاحتلال الإسرائيلي مجرد وجود شعب فلسطيني على هذه الأرض، وخير شاهد على ذلك اتفاقية أوسلو، التي اعترفت للكيان الإسرائيلي بمعظم أرض فلسطين، وطالبت الشعب الفلسطيني إلقاء السلاح، والتعايش مع المحتلين لمدة أربع سنوات انتقالية، تسمح بعد ذلك بقيام دولة فلسطينية.
فهل قبل الإسرائيليون معادلة عيش الفلسطينيين تحت ظلال الاحتلال؟
كلا، الإسرائيليون لم يقبلوا بهذه المعادلة، بل حرصوا على استثمار اتفاقية أوسلو لصالح التوسع الاستيطاني، والتضييق المعيشي على الفلسطينيين، لذلك انفجرت أولى المواجهات في الخليل، ثم في جبل أبو غنيم سنة 1998، حين استولى المستوطنون على الجبل الاستراتيجي شمال بيت لحم، وحولوه إلى مستوطنة باسم «هار حوماه»، ولم تقف الأطماع الإسرائيلية عند هذا الحد، وهم يتنصلون من اتفاقية أوسلو، ومن اتفاقية الخليل، واتفاقية واي ريفر.
كانت انتفاضة الأقصى تمرداً فلسطينياً على فكرة التعايش تحت ظلال الاحتلال، وكان الرد الإسرائيلي مزيداً من القتل والقمع والذبح والتآمر، ولم يتوقف القتل والاقتحام والتضييق على حياة الفلسطينيين، حتى صارت 60 % من أرض الضفة الغربية تحت النفوذ الإسرائيلي بالكامل، وانكفأ الفلسطينيون داخل مدنهم ومخيماتهم وقراهم، لا حول لهم ولا قوة تدافع عن مقدساتهم. فهل ارتضى الإسرائيليون بهذه المعادلة؟ وهل كفت قيادتهم عن التآمر على الوجود الفلسطيني نفسه داخل مدن الضفة الغربية المحاصرة بالمستوطنات والطرق الالتفافية؟ وهل سيعترفون يوماً بحقوق الفلسطينيين الإنسانية، بعد أن تنكروا لحقوقهم السياسية؟
الجواب هو أن الاحتلال الإسرائيلي يريد الأرض دون الإنسان، حتى ولو قبل هذا الإنسان أن يعيش في غزة والضفة الغربية في تجمعات سكنية كما حدث مع إخوانهم فلسطينيي 48، فإن الاحتلال لن يقبل بهذه المعادلة، ولن يعطي للفلسطينيين أي مساواة في الحقوق الإنسانية، وهذه ما أوجع أهلنا فلسطينيي 48، الذين وجدوا أنفسهم بعد سبعين سنة من محاولة التعايش مع الإسرائيليين، يمضغون المهانة ويلوكون التفرقة العنصرية.
{ رأي اليوم
copy short url   نسخ
27/10/2021
70