+ A
A -
بيّن فضيلة الشيخ محمد محمود المحمود أن الاستغفار ذكر عظيم له أسرار عظيمة وله قيمة جليلة، فمن لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب، فمن كان يحتاج إلى ما عند الله تبارك وتعالى ومن كان في ضيق من أمره فعليه أن يكثر من الاستغفار، فهو مجلبة للأرزاق من الله، وإن في الاستغفار صلاحا ما بين العبد وربه.
وقال الشيخ محمد المحمود في خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب: الحمد لله رب العالمين، شرع لنا دينا قويما وهدانا صراطا مستقيما، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة وهو اللطيف الخبير، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وبارك وسلم تسليما كثيرا، عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تبارك وتعالى يقول الله عز وجل: «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون».
وأضاف: فكلما اشتدت بالأمة الخطوب وكلما نزلت بها الرزايا والبلايا كانت أشد حاجة للتوبة والاستغفار، فما نزلت عقوبة إلا بذنب ولا رفعت إلا بتوبة واستغفار: «ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس»، فما كسبت أيدي الناس من سوء ومن ذنب ومن إفساد في الأرض هو سبب ما نراه وما نشاهده، ولا يرفعه إلا توبة صادقة لله تبارك وتعالى، واستغفار صادق في الليل والنهار أن يرفع الله تبارك وتعالى عنا وعن الأمة ما تعاني منه، فإن الاستغفار هو أن تطلب من الله تبارك وتعالى أن يغفر لك ذنوبك وهو من الطلب الذي حث عليه النبي عليه الصلاة والسلام، وكما هو معلوم في لغة العرب أن السين والتاء للطلب فنحن مأمورون بطلب الغفران، والاستغفار مأخوذ من غفر أي ستر، فالله تبارك وتعالى جعل في الاستغفار أمرين: الأمر الأول أننا نطلب الله تبارك وتعالى أن يسترنا وأن يستر عن الناس عيوبنا، ثم بعد ذلك يغطي هذه الذنوب وهذه المعاصي بأن يغفرها لنا بمنه وفضله، لهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يكثر من الاستغفار جاء ذلك في صحيح الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» وفي رواية أنه قال: «وإنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله أكثر من مائة مرة»، وهذا الذي يقوله هو سول الله صلى الله عليه وسلم الذي غفر الله له ذنبه ومع ذلك يكثر من الاستغفار تعليما وإرشادا لهذه الأمة، لهذا كان أبو هريرة وهو راوي الحديث الأول روي عنه أنه كان يستغفر الله آلاف المرات، إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام قد استغفر مائة مرة فكأن أبو هريرة يقول بحاله إنني بحاجة أن أستغفر ألف مرة، أكثروا من الاستغفار أكثروا من التوبة واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، فما فاز عبد إلا بكثرة استغفاره، ولا نال الرتبة العلية عند الله إلا بكثرة استغفاره والتوبة واللجوء إليه.
وأكد الشيخ أن الاستغفار ذكر عظيم له أسرار عظيمة وقيمة جليلة، قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي خرجه أبو داود وغيره: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب»، ومن كان مهموما فعليه بالاستغفار، ومن كان محتاجا فعليه بالاستغفار، ومن كان لا يأتيه الولد فعليه بالاستغفار، ومن كان عليه ديون فعليه بالاستغفار، قال الله تعالى: «فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ما لكم لا ترجون لله وقارا». وحث الخطيب جميع المسلمين بقوله: أكثروا من الاستغفار، فمن كان يحتاج إلى ما عند الله تبارك وتعالى ومن كان في ضيق من أمره فعليه أن يكثر من الاستغفار، قال لقمان لابنه: يا بني أكثر من الاستغفار فإن لله تبارك وتعالى ساعة إجابة لا تعلم متى تكون، إن لله تبارك وتعالى أوقاتا يجيب فيها دعاء من يدعوه، فأكثر من الاستغفار. وقد روي عن الحسن البصري رحمه لله تبارك وتعالى أنه جاءه رجل فقال له: يا إمام لقد أجدبت الأرض فقال له استغفر الله، وجاءه آخر فقال: يا إمام إني أرجو الولد فقال استغفر الله، فجاءه آخر فقال: إني أشكو من دين وفقر فقال استغفر الله، فقال له من حوله يا أبا عبد الله رأيناك أجبت الجميع باستغفر الله فلماذا كانت الإجابة واحدة والأسئلة متعددة، قال رحمه الله تبارك وتعالى: ألم تسمع الله تبارك وتعالى يقول: «فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا». وأردف الخطيب: نعم إن الاستغفار مجلبة للأرزاق من الله تبارك وتعالى، إن في الاستغفار صلاحا ما بين العبد وربه، فما من عبد وما من إنسان يطيع الله تبارك وتعالى إلا وله كبوة إما أن يخطئ في لفظه، وإما أن يخطئ في بصره وإما أن يخطئ في يده وإما أن يخطئ في رجله، فأنت بحاجة إلى الاستغفار، كان ابن عمر رضي الله تبارك وتعالى عنهما يقوم الليل يتعبد لله تبارك وتعالى، فإذا قرب الفجر سأل خادمه أدخل وقت السحر قال نعم فإذا أكد له دخول وقت السحر تفرغ في ذلك الوقت للاستغفار لله تبارك وتعالى، فهم هؤلاء عباد الله تبارك وتعالى الذين مدحهم في كتابه «والمستغفرين بالأسحار» الذين يستغلون هذه الأوقات المباركة ليسألوا الله تبارك وتعالى غفران الذنوب ليسألوا الله تبارك وتعالى أن يصحح مسيرهم إليه وأن يصحح نياتهم وتوجهاتهم وأعمالهم ومقاصدهم، يحاسبون أنفسهم وبعد أن يحاسبوا أنفسهم يستغفروا الله تبارك وتعالى، نسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا مغفرة من عنده تجب ما مضى من سيئات. وذكر المحمود أن الله تبارك وتعالى بمنّه وفضله وكرمه منّ علينا باتباع نبيه عليه الصلاة والسلام، واتباعنا للنبي عليه الصلاة والسلام لا يكون بالدعاوى التي يدعيها بعض الناس، محبة النبي عليه الصلاة والسلام أعظم ما يميزها هو طاعته عليه الصلاة والسلام أن تكون مطيعا لأمره عليه الصلاة والسلام، فالمحبة الصادقة هي طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر وألا نقدم على قوله لا قولا ولا فكرا ولا اجتهادا، فما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام لزم امتثاله، فهو صلوات الله وسلامه عليه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فمحبة النبي عليه الصلاة والسلام بطاعته كما أمر عليه أفضل الصلاة وأتم السلام.
copy short url   نسخ
23/10/2021
659