+ A
A -
بقلم: د. بثينة حسن الأنصاري
خبيرة تطوير التخطيط الاستراتيجي والموارد البشرية
في البدء كانت رؤية طموحة لصاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، من أجل مستقبل هذا الوطن العزيز، قطر التي نعيش فيها وتعيش فينا، نحيا بها وتحيا بنا، واليوم تتجسد الرؤية كواقع حقيقي، وصرح علمي وحضاري فريد في المنطقة هو «مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع» التي تحتفل هذه الأيام بذكرى انطلاقتها عام 1995.
اسم جميل يحمل في مكوناته كل الفضائل: مؤسسة قطر، للتربية، والعلوم، وتنمية المجتمع، فاستهلال اسم المؤسسة باسم الوطن ونسبته إلى «قطر» تتجلى دلالته في الحرص على تبني أخلاق مجتمعنا وترسيخ هويته وقيمه وعاداته وتقاليده مع كل مبادرة أو كيان علمي ينبثق عنها، وما أكثر الكيانات ومراكز الإشعاع التي تنضوي تحت مظلتها المتفردة، فتنير الدروب للناشئة في مراحل التعليم الأساسي والثانوي، وتطلق العنان لعقول الشباب الطموح، المحب للتفكير المتعمق والاستكشاف والاختراع والعمل في محراب العلم، من خلال مراكز بحثية متطورة تبحث وفق أحدث مناهج وأدوات البحث، وأكثرها دقة ورصانة، سعيا وراء تحقيق تنمية مستدامة للمجتمع.
تحتضن المؤسسة تحت مظلتها حوالي خمسين كيانا ما بين حرم جامعي محلي وعالمي لإنتاج تعليم فائق التطور في مجالات الطب الرقمنة والذكاء الاصطناعي والطاقة الشمسية والتصميمات والفنون بكل أنواعها، وتعزيز ريادة الأعمال وغير ذلك من ينابيع العلم المتنوعة، وقد استقطبت من أرجاء عدة في العالم النوابغ من الأساتذة والمدربين أصحاب والخبرات العالمية الذين حققوا إنجازات سطروها بحروف من نور في سجل المعارف الإنسانية.
لا يتسع المجال هنا لمحاولة حصر إنجازات المؤسسة من إنشاءات وبحوث وابتكارات، لكن من المؤكد أنها إنجازات أكبر من عمرها، كما لا يتسع المجال لحصر ما ينضوي تحت لواء هذا الصرح الشامخ من مبادرات وأنشطة علمية وبحثية وتنموية، تسير وفق منهجية متطورة تأخذ بأحدث ما ينتجه العقل البشري والفكر الحديث، وتتمتع بمرونة تمكنها من التكيف مع المتغيرات التي تميز العصر الحديث، ويُعزى تفوق المؤسسة إلى الإدارة الناجحة التي تقودها وترسم لها الطريق إلى المستقبل صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس الإدارة التي تتمتع برؤية ثاقبة ترى بها ما يمكن أن يؤول إليه مستقبل العالم، من خلال القراءة السليمة لما يجري في الوقت الراهن، إذ قادت مراحل تطورها ونموها حتى أوصلتها إلى هذه المكانة الرفيعة، ومع سموها نموذج يحتذى لكل فتاة قطرية هي سعادة الشيخة هند بنت حمد آل ثاني نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للمؤسسة، الشغوفة بوجود تعليم نوعي يضع في الاعتبار كافة المستجدات على الأصعدة العلمية والاقتصادية والطبية والاجتماعية والتنموية والإعلامية، والإيمان بأهمية الاستثمار البشري وإعداد جيل جديد من أبناء قطر، وغيرهم من الطلاب الذين التحقوا بالمؤسسة من الدول الشقيقة والصديقة، لتسلم المسؤولية والقيادة في مجالات تخصصاتهم بعد تأهلهم علميا بالمؤسسة، وللسير قدما على مدارج الازدهار، كيف لا وسعادة الشيخة هند هي ابنة هذه المؤسسة، تخرّجت من أكاديمية قطر «المدرسة الأولى التي قامت المؤسسة بتأسيسها عام 1996»، ومن ثم واصلت رحلتها التعليمية في جامعة إتش إي باريس وهي من الكيانات التي تربطها شراكة مع المؤسسة.
وعلى منوال سعادة الشيخة هند، أثبت خريجو المؤسسة وجودهم بمستوياتهم العلمية وملكاتهم الإبداعية وقدراتهم الخلاقة على أداء المهام الموكلة إليهم، ولذا تسعى مواقع العمل المرموقة إلى استقطابهم، فأصبحوا كالنجوم الساطعة كل في منصبه.
الحديث عن المؤسسة لا يكفيه مجرد مقال، فهناك جوانب عديدة تغري بسرعة الانتساب إليها، لأنها تؤهل الدارس للوظائف التي سيكون الإقبال والطلب عليها مستقبلا حين يتم الاستغناء عن الملايين من الموظفين التقليديين، فالحرم الجامعي وحده بصرف النظر عن الفصول الدراسية ينبض بالأنشطة، ويشكل بيئة تفجر طاقات الطلاب وتعزز روح الابتكار، وسكن طلابي يضمن الراحة والرفاه، وتمويل للمشاريع البحثية المتميزة، وفعاليات لا يخلو منها يوم لكل الأطياف وفي شتى المعارف والفنون، تحية إعجاب وتقدير لكل منتسبي هذا الصرح العملاق الذي يشرق من قطر بلد الخير والسلام.
copy short url   نسخ
21/10/2021
3463