+ A
A -
أكد فضيلة الداعية عبدالله النعمة أن طاعة النبي ومحبته ونصرته أصل عظيم من أصول الدين الحنيف لا يستقيم به إيمان العبد إلا بتحقيقها صدقا وعدلا، وحقا وواقعا في حياته قولا وعملا واتباعا وهديا، وأنه لا يكتمل إيمان عبد مسلم حتى يكون النبي أحب إليه من نفسه ووالده وولده والناس أجمعين. وقال الداعية عبدالله النعمة في خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام محمد بن عبد الوهاب: روى البخاري من حديث عبدالله بن هشام رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال له عمر، يا رسول الله لأنت أحب إلىّ من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال له عمر فإنه الآن، والله لأنت أحب إلىّ من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمر، أي الآن عرفت يا عمر فنطقت بما يجب عليك، وبما يكتمل به إيمانك في تقديم حب النبي صلى الله عليه وسلم على حب النفس.
وبين الخطيب أن طاعة النبي صلى الله عليه وسلم ومحبته ونصرته والدفاع عنه واتباع أمره واجتناب نهيه والاقتداء به في فعله والاعتصام بسنته والتمسك بها، أصل عظيم من أصول الدين الحنيف لا يستقيم به إيمان العبد إلا بتحقيقها صدقا وعدلا، وحقا وواقعا في حياته قولا وعملا واتباعا وهديا، جعلها الله علامة على محبته وطاعته ورضوانه، قال تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبوعني يحببكم الله ويغفر لكم والله غفور رحيم)، وفي الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنخ أنه صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار). وأضاف: واعلم يا عبد الله أنه لا يكتمل إيمان عبد مسلم حتى يكون النبي صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه ووالده وولده والناس أجمعين، وأن محبته صلى الله عليه وسلم ليست ادعاء وابتداعا وإنما هي اتباع واقتداء وحقيقة وانتماء، هي في حقيقتها: تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يعبد الله عز وجل إلا بما جاء به صلى الله عليه وسلم ووضحه وبينه لأمته، جاء في الحديث المتفق عليه عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين)، وهذا ما دفع بالصحابة رضي الله عنهم إلى محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه، ضربوا أروع الأمثلة وأعلى النماذج في حب النبي صلى الله عليه وسلم، بذلوا أرواحهم ودمائهم وأموالهم في سبيل الله، جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكمونه في أموالهم وأنفسهم وهو يقولون: هذه أموالنا بين يديك يا رسول الله فاحكم فيها بما شئت وهذه نفوسنا بين يديك، لو استعرضت بنا البحر لخضناه معك، ما تخلّف منا أحد، إنا لصُبُر في الحرب صُدُق عند اللقاء فامض بنا يا رسول حيث شئت، وها هو علي بن أبي طالب يصف حب الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم فحين سُئل رضي الله عنه: كيف كان حبكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا، ومن الماء البارد على الظمأ«لم يكن حبا صوريا بل كان حقيقة وواقعا، تجسد في اتباعه والاقتداء به والفتداء بالنفس له، فها هو أحدهم يقع أسيرا فيسأله أبو سفيان فيقول: أنشدك بالله أتحب أن محمدا الآن عندنا مكانك نضرب عنقه، وأنك في أهلك؟ قال الصحابي: والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأني جالس في أهلي! فقال أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا.
وأردف الخطيب: وقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أشد أمتي لي حبا: ناس يكونون بعدي، يود أحدهم لو رآني بأهله وماله)، فهذا بيان منه صلى الله عليه وسلم في حب من يأتي من أمته بعده وتوقيره وتعظيم أمره وشأنه.
وأوضح النعمة أن المحبة الصادقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليست في المظاهر والشكليات والدعوى والاحتفالات، ونظم الأشعار والمدائح، وإنما هي طاعته وتعظيمه والتحاكم إلى شريعته واتباع هديه وسنته وتوقيره والدفاع عنه ونصرته حيا وميتا والثناء عليه بما هو أهله وكثرة ذكره والصلاة عليه والتأدب مع سنته وحديثه والتأسي به في شمائله ونشر سيرته وحديثه ليتخذوه قدوة لهم وأسوة في حياتهم وعباداتهم «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا».
copy short url   نسخ
16/10/2021
672