+ A
A -
ساني عبد الرؤوف نعيم
أخصائي تخاطب
[email protected]
في عالم تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، يكون للزمن بعد آخر، حيث إن الطفل الذي يعاني من اضطراب أو تأخر نمائي يكون في أمس الحاجة لتعويض هذا التأخر، ومن هنا تأتي أهمية قدرة الأهل في تقييم الأخصائي ومهنيته، وكم من أهالي عانوا حتى اكتشفوا أن طفلهم لا يتطور بالقدر المناسب بسبب الأخصائي المتابع لحالته.
وهنا يجب أن نشدد على أهمية توحيد التشريعات التي تحدد مؤهلات الأخصائيين في كل المراكز التي تعمل في مجال تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة أياً كانت الوزارة أو الجهة التابعة لها.
ولكي يتمكن الأهل من تقييم الأخصائي، فلابد لهم من أن يعرفوا التسلسل العلمي لسير العملية التأهيلية. فمثل الطبيب الذي لا يستطيع أن يصف دواءً بدون تشخيص، كذلك هو الحال بالنسبة للتأهيل، والتقييم يبدأ بعملية جمع المعلومات النمائية والتطورية والطبية والاجتماعية الخاصة بالطفل والتي تمثل أهمية كبرى فيما بعد سواء أثناء التقييم المتخصص في كل مجال أو أثناء التدخل التأهيلي. ومن هنا يبدأ تقييم الأهل للأخصائي، فإذا كانت هذه المعلومات تُجمع بشكل منطقي متسلسل، شاملة لكل نواحي النمو والتطور، كانت هذه علامة أولى من علامات تمكن الأخصائي.
ثم تأتي عملية التقييم المتخصص، والذي من المفترض أن يستخدم فيها الأخصائي أنواع مختلفة من طرق التقييم وأدواته، وهي، فمنها الأدوات القياسية المعيارية وهي اختبارات تم تقنينها حسب البيئة التي ستستخدم فيها،، كذلك فإن المقابلة مع الأهل وملاحظة الطفل بشكل علمي تعتبر من أدوات التقييم، كما أن الحكم الاكلينيكي للأخصائي المتمرس ذي الخبرة يعتبر واحداً من ضمن أدوات التقييم التي أتفق عليها باحثون كثر في هذا المجال، واتفقوا أيضاً على أنه من المفضل دمج أداتين أو أكثر لتأكيد النتائج، فمع الاختبار يكون للملاحظة الاكلينيكية ومقابلة الوالدين دور كبير في تأكيد نتائج التقييم. ولابد للأخصائي الجيد أن يشرح للأهل سير العملية بكاملها من البداية، فيذكر لهم نوعية التقييمات الذي سيستخدمها وسبب اختياره لكل منها قبل البدء بالتقييم، حتى يكون الأهل دائما على دراية بكل الخطوات، وهذه هي العلامة الثانية من علامات تمكن الأخصائي.
ومن المهم أيضاً أن يقوم الأخصائي بمناقشة نتائج التقييم الذي يلخصها للأهل في تقرير يذكر فيه ما توصل اليه عن حالة الطفل، فأحيانا قد لا يؤدي الطفل أداءه المعتاد أثناء الاختبار، فيقوم الأهل بذكر ذلك واثباته للأخصائي حتى يكون التقييم والتقرير أكثر دقة واعتمادية.
وبعد اكتمال عملية التقييم فإن أخصائي التأهيل يبدأ في تصميم الخطة التأهيلية العلاجية، ومن المنطقي أنه كلما كان التقييم دقيقا، كلما كانت الخطة العلاجية أكثر فعالية وأسرع تأثيراً مع الطفل، وكما ناقش التقرير مع الأهل، يجب أن يقوم الأخصائي بمناقشة الخطة العلاجية مع الأهل أيضاً ويشرحها لهم ويذكر معايير اختياره للأهداف وأولويات التأهيل العلاجي الذي تعتمد عليه هذه الخطة.
والخطة التأهيلية العلاجية يجب أن تكون محددة بزمن معين، حتى يمكن الحكم على مدى فعاليتها وما اذا كانت تحتاج إلى تعديلات لتحقيق الأهداف المتبقية بشكل أسرع، ولكنها أيضاً يجب أن تكون ديناميكية مرنة، أي أن كل جلسة من جلسات التأهيل تبدأ بمراجعة للأهداف التي تم العمل عليها من قبل واكتمالها وتطورها من عدمه، حتى يمكن إضافة أهداف جديدة على سبيل المثال وعدم الانتظار لانتهاء المدة المذكورة في الخطة، وفي ذلك كله فائدة للطفل.
وفي كل الأحوال يجب أن يحتفظ الأهل بنسخة من تقرير التقييم ونسخة من الخطة العلاجية التأهيلية لتكون مرجعاً لهم في حالة ما اذا قرروا تغيير الأخصائي أو مركز التأهيل ككل لأي سبب من الأسباب، وهو ما سيوفر للأخصائي الجديد معلومات كثيرة ويوفر للطفل وقتاً كثيراً هو في أشد الحاجة إليه، أيضاً ليتمكنوا من مراقبة تقدم أهداف الخطة والمتابعة الجادة مع الأخصائي.
ومما سبق، نستطيع أن نلخص أن الأخصائي الجيد يعتمد في عمله على منهج علمي يبدأ من جمع المعلومات النمائية والتطورية والاجتماعية عن الطفل، ثم يأتي دور التقييم بأدواته المتعددة، ثم وضع الخطة العلاجية التأهيلية، وأثناء ذلك كله يشرك الأهل دائما ويشرح لهم ما يستخدمه من أدوات للتقييم وأسباب استخدامه لها، كذلك يزود الأهل بتقرير عن التقييم الأساسي للطفل، ثم يجب أن يكون لديه القدرة على تصميم خطة علاجية تأهيلية مستمدة من التقييم، أهدافها متدرجة وواقعية تناسب حالة الطفل الحالية، ويتابع تقدمها الأهل من خلال تقدم الجلسات.
copy short url   نسخ
16/10/2021
1748