+ A
A -
محمد أحمد بنّيس كاتب مغربي
مع تقدم المشاورات التي يقوم بها رئيس الحكومة المغربية المكلف، عزيز أخنوش، في أفق تشكيل الحكومة المرتقبة، يشهد الوسط الحزبي تهافتاً محموماً على «الاستوزار»، فعلى ما يبدو ترفض معظم الأحزاب الاصطفاف في المعارضة، وهو ما يعكس تحوّلاً دالاً لا يقتصر على الحقلين الحزبي والسياسي، بل يتخطّاه نحو مؤسسات المجتمع برمته. وقد لا يكون من المبالغة القول إن النخب الحزبية، بمختلف أطيافها، أدركت أن الزمن الذي كان يُسمح فيه للمعارضة ببعض التأثير في السياسات العمومية قد ولّى وانقضى، بعد أن أصبحت هذه السياسات تُدار من الأعلى، في ظل تراجع مؤسّسات الوساطة وإعادة جدولة الأولويات التي يُتوقع أن يفرضها تنزيل مخرجات النموذج التنموي الجديد.
وفي هذا السياق، كان لافتاً تهرّب حزب الأصالة والمعاصرة، الذي حلَّ ثانياً في الانتخابات التشريعية الأخيرة بـ86 مقعداً، من الاصطفاف في المعارضة، وهو ما أكّده، صراحةً، قرار مجلسه الوطني بضرورة المشاركة في حكومة أخنوش. وإذا كان ذلك يبدو منطقياً بالنظر إلى النتائج التي حقّقها الحزب في اقتراع الثامن من سبتمبر الجاري، فإنه لا يبدو كذلك بالنسبة لأحزابٍ أخرى، ما تزال قياداتها ترى في الانتخابات فرصةً موسميةً ثمينة للاستفادة مما يدرّه العمل الحزبي والسياسي من منافع وامتيازات. وعلى الرغم من حصول بعضها على مراتب لا تؤهلها للمشاركة في الحكومة، إلا أن ذلك لم يمنعها من إبداء رغبتها الشديدة في تولّي إحدى الحقائب الوزارية. وهو ما ينطبق، إلى حد كبير، على الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (حلّ رابعاً بـ35 مقعداً)، الذي بدل أن يستثمر خبرته الطويلة في المعارضة، من أجل إضفاء بعض المعنى على عمل البرلمان، فضّلت قيادته أن تطرق كل الأبواب بحثاً عن موطئ قدم داخل تشكيلة الحكومة المقبلة، متمسّكةً بضرورة احترام ما سمّته «التعدّدية المتوازنة»، و«التناوب الجديد»، و«الوزن الانتخابي».
تشبث الأحزاب بأن تكون ضمن الحكومة يجعلها تبدو وكأنها تكتلات زبونية تقليدية للاستوزار وحيازة النفوذ، ما يُفقد العمل السياسي مصداقيته، ويُضعف المعارضة داخل البرلمان. وبالتالي يهدد بانتقال دور المعارضة إلى الفضاء العمومي، سيما أن هناك احتقاناً اجتماعياً ما فتئ يتزايد، سبّبته حزمة السياسات الاجتماعية التي نفذتها حكومتا حزب العدالة والتنمية إبّان العقد المنصرم.
copy short url   نسخ
24/09/2021
317