+ A
A -
ماهر حسن شاويش
بعد أن اضطلعت بدور رأس الحربة في انعتاق قطر من ربقة الحصار، تتالت إنجازات ونجاحات الدبلوماسية القطرية، هذه القوة الناعمة التي أدارها بحكمة وذكاء، فريق عمل مميز أثبت جدارته وأحسن تنفيذ رؤية قيادته التي صبرت وصابرت حتى أرست دعائمها واقعاً ملموساً انعكس حراكاً واسعاً على أكثر من صعيد، وضمن جغرافيات متعددة وملفات معقدة.
‏في غضون الأشهر القليلة الماضية تحولت كعبة المضيوم إلى وجهة لكبار الشخصيات السياسية والدبلوماسية حيث سجلت الزيارة الفريدة من نوعها والمزدوجة لوزيري الدفاع والخارجية الأميركيين للدوحة، علامة فارقة في العلاقات الثنائية بين البلدين وأرسلت رسائل جلية وواضحة، أظهرت البصمة الخاصة للدبلوماسية القطرية في الملف الذي شكل حدث وحديث الساعة في الآونة الأخيرة فلا تكاد تذكر أفغانستان، إلا وذكر الدور القطري قبل وأثناء وبعد الانسحاب الأميركي منها.
‏كما أنه بات واضحاً للعيان ولكل متابع منصف أن هذا الحراك الدبلوماسي من أهم مميزاته تعددية الأقطاب وهو ما عكسته مروحة الزيارات الرسمية من وإلى قطر، وترجمته عديد الاتفاقات والبروتوكولات الدولية والإقليمية التي تم عقدها وإبرامها مع الدوحة مايعني مصادقة صريحة على نجاعة نهج الدوحة في سياستها المتبعة على أكثر من صعيد.
‏ولا يمكن بالطبع تجاهل تواصل طلبات الحكومات الأميركية والبريطانية والهولندية وغيرها من الدول الكبرى لنقل سفارتها ولو مؤقتاً من كابول إلى الدوحة، في رسالة إقرار واعتراف بالجهد الدبلوماسي القطري والنجاح الذي حققه، والذي لاقى إعجاباً وتقديراً من هذه الدول لاسيما في نجاح عمليات إجلاء رعاياها الذي قادته الدوحة فاستحقت وعن جدارة لقب «جنيف الشرق الأوسط» الذي أسبغه أحد أبرز الباحثين الكبار عليها، ولاتزال تجني وتحصد مكاسب وثمار أدوارها الوسيطة في حل وحلحلة أزمات استعصت فكفكتها على مدار عقود وأرخت بظلالها على السلم الأهلي والأمن والاستقرار الدولي.
‏ليس بعيداُ عن كل ما سبق حضور الدبلوماسية القطرية في الملف النووي الإيراني، والأزمة الداخلية اللبنانية ومحاولاتها الحثيثة في جولات الحوار لإتمام المصالحة الفلسطينية، وسعيها الدائم والدؤوب لإيجاد حل سياسي للنزاع العربي الاسرائيلي، وكذا إصرارها على بذل أي جهد لإنهاء الأزمة السورية الداخلية في أقرب وقت.
‏باختصار لقد نجحت الدوحة في تقديم نفسها كوسيط مهم عبر الثقل النوعي لدبلوماسيتها في عديد من أزمات المنطقة الإقليمية والدولية، وتبوأت مكانة مرموقة في هذا الميدان وحجزت لنفسها موقعاً متقدماً في هذا المضمار، ما سيشجع المجتمع الدولي على أن يتعاطى معها كشريك استراتيجي مهم وموثوق في هذا المجال.ماهر حسن شاويش كاتب صحفي مقيم في هولندا
copy short url   نسخ
15/09/2021
121