+ A
A -
عيسى بوعيسي كاتب لبناني
فيما تتحدث مصادر وزارية سابقة أن ?فرنسا تعتمد سياسة العصا والجزرة إزاء اللبنانيين، لذلك جاء قرار الاتحاد الأوروبي? في وضع إطار للعقوبات على السياسيين اللبنانيين في هذا السياق، تحضيراً لإجراءات أوروبية مؤلمة في حال تعطّل التأليف الحكومي هذه المرة، بينما وضعت باريس خطة لمؤازرة لبنان مالياً فور تأليف حكومة ميقاتي.
في هذا الوقت أيضا يعي كل من رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي أنه مجرد تسريب وجود خلاف جوهري حول التأليف سينهار البلد بكامل مؤسساته، وسوف تجتاح الناس الشوارع دون رادع من أحد، وعندها يصبح التفلت الأمني صديقا للفتنة التي يجمع كافة الأفرقاء على استبعادها فيما هي واقعة على صوت الجوع وفقدان الأدوية والكهرباء والمياه والإنترنت، وبالتالي لا يتنطح أحد ويستبعد الاقتتال الداخلي خصوصا على لقمة العيش حيث لن يسلم كبار القوم والأغنياء من الأذى، هذه ثورة جوع حقيقية لن يسلم منها الفقير والمقتدر.
وحتى الساعة تلفت المصادر نفسها إلى أن التعاطي مرن ومتبادل لرئيس الجمهورية ?ميشال عون ولميقاتي مع ملف التأليف، أقلّه في الشكل ولو كان على حد السكين، ويلعب الشكل دوراً مهماً في مسار المهمة الحكومية، بدليل أن عون وميقاتي تمسكا بجوهر طروحاتهما من دون تنازل، لكن مقاربتهما لملف التأليف بمسؤولية أتاحت فتح الأبواب لإيجاد مخارج، الأمر الذي لم يتوافر خلال مهمة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري?، لاعتبارات أهمّها أن الحريري لم يحظَ بضوء دولي وعربي أخضر ?، ولأن التوتر الضمني كان يحكم علاقة الحريري برئيس الجمهورية بعد الإطاحة المتبادلة بالتسوية السياسية التي كانت تسود بين الفريقين.
هل باستطاعة اللبنانيين تنشق «النفس» واعتبار العلاقة المقبولة بين عون وميقاتي يمكن البناء عليها؟
جواب هذه المصادر يغلب عليه اللون الرمادي، مما يصعب إمكانية تنفس الصعداء وفق خلفيات داخلية تتعلق بالعقدة الحكومية المتبقّية وهي مزدوجة: حقيبتا الداخلية والعدل، وتستغرب هذه المصادر أمام هول الانهيار الحاصل في البلاد أن تكون عملية التفتيش عن شخصية مستقلة تدير الانتخابات بشفافية، وتسأل ألا يوجد في لبنان شخص واحد بإمكانه ضمان نزاهة الانتخابات ويكون مستقلا بشكل كامل؟ أم أن عامل الطائفية يغلب على الكفاءة، حيث من المفترض أن يصّر على إعطاء حقيبة الداخلية للطائفة السنية ولا يمكنه أن يتراجع عما طالب به الرئيس الحريري في مقابل مطالبة رئيس الجمهورية أن تكون الحقيبتان من حصّة المسيحيين لتسمية وزيريهما أو أن يكون من الطائفة السنية إنما يسميه رئيس الجمهورية، فهل يقبل ميقاتي بهذا الطرح؟
هذه المصادر تستبعد أن يكون جواب الرئيس المكلف يتسم بالإيجابية، بمعنى أنه ليس بمقدوره «النزول» تحت خط مطالب الحريري، وتسأل عن معنى الاحتفاظ والمطالبة بوزارة الداخلية وهل من فئة تريد الإشراف على الانتخابات بشكل مريب؟ وهل بإمكان الوزير العتيد أن يعمد إلى وسائل الترهيب والتزوير بهذه السهولة تجاه خصمه بغض النظر عن مفاعيل هيئة الإشراف على الانتخابات التي لم تقدم الطمأنينة للمرشحين جميعا!! حتى لو وضع جميع رؤساء الأقلام من أنصاره وقوى الأمن الداخلي من الذين يدورون في فلكه؟ يبقى عمل المندوبين المحليين والدوليين المتواجدين في كل قلم اقتراع يسهرون على كل شاردة وواردة.
وتسأل أيضا هذه المصادر التالي: هل هناك من شرط تم وضعه لميقاتي قبل تكليفه من قبل ما يسمى نادي رؤساء الحكومات السابقين ويتلخص في التمسك بوزارة الداخلية مهما بلغت الضغوطات؟ وبالتالي ماذا يريد هذا «النادي» من وزارة الداخلية ولأي غرض هذا الاستقتال الكبير تجاه هذه الوزارة؟ وما الذي يتحقق من خلالها أقله بالنسبة لعملية الانتخابات النيابية ما دامت ستجري وفق مراقبة دولية ومحلية، وهل يستأهل البلد أن يعتذر الرئيس المكلف عن مهمته من أجل هذه الوزارة. المسألة أكبر من هذا الأمر تقول المصادر، حيث تتداخل عوامل إقليمية مع المطالب المحلية لكل فئة، وفي غياب أي تشكيل للحكومة على وجه السرعة سيذهب البلد إلى الفلتان العام والفوضى العارمة ولتكون الفتنة شقيقة هذا الانهيار!{ الديار اللبنانية
copy short url   نسخ
03/08/2021
300