+ A
A -
خميس عبد اللطيف المسلماني مستشار قانوني
يهدف هذا المقال الموجز إلى التطرق لبعض الجوانب الخاصة بانتخابات مجلس الشورى في ضوء الأدوات التشريعية الصادرة وذلك من وجهة نظر شخصية، والتي آمل أن تكون ذات فائدة للجميع.
أن إصدار قانون نظام انتخاب مجلس الشورى رقم 6 لسنة 2021، وقانون رقم 7 لسنة 2021 بشأن مجلس الشورى وكذلك المرسوم الاميري رقم 37 لسنة 2021 بشأن تحديد الدوائر الانتخابية لمجلس الشورى ومناطق كل منها، ما جاء إلا انطلاقاً من إيمان القيادة الحكيمة الأصيل بأهمية تحقيق مشاركة فاعلة وأوسع للشعب، ليكون المجلس منصة حقيقية في المشاركة في اتخاذ القرارات لما فيها من مصلحة لخدمة الوطن وتطلعات المواطنين في حاضرنا ومستقبلنا.
يشعر الجميع بعد إصدار هذه الأدوات التشريعية بالتفاؤل الكبير، محملين بطموحات وآمال لا تحدها حدود، ولا شك أنها تجربة أولى وتحمل قدراً كبيراً من الأهمية كونها ستضفي من الناحية العملية التطبيق السليم للشورى، ونأمل أن تكون العملية الانتخابية مثمرة وعلى قدر المسؤولية لنصل لمجلس شورى محقق لأهدافه وهي بناء سلطة تشريعية ورقابية مستقلة.
وكونها أولى التجارب، فلن تخلو هذه التجربة من التحديات على الصعيد العملي، ولا سبيل للمقارنة من حيث الصلاحيات والمهام شكلاً ومضموناً بين ما تم من انتخابات بالمجلس البلدي المركزي والانتخابات القادمة لمجلس الشورى، فهناك اختلاف شاسع، وهنا يفترض أن تكون الإدارة المختصة بالانتخابات بوزارة الداخلية واللجان الخاصة بها على اطلاع كامل بنظام العملية الانتخابية والأدوات التشريعية الخاصة بها وان تكون على استعداد للتصدي لأي غموض، ولتفسير الحالة القانونية بشكل صحيح وسليم، وكذلك بالنسبة للردود والدفوع القانونية الخاصة بالاعتراضات والتظلمات إن لزم الأمر خلال عملية الانتخاب، وأن تضع جهازاً ينهض بأعباء هذه المهمة. والأمر لا يختلف كثيراً سواء للناخبين أو المرشحين فالتوعية القانونية لهم ومعرفة الحقوق والواجبات والضوابط الخاصة بنظام الانتخاب جزء رئيسي من جعل العملية الانتخابية ترتقي لمستوى المرحلة القادمة للمجلس وذلك من خلال الندوات التثقيفية التي يشارك بها ذوو الاختصاص.
من المهم للعموم معرفة وظيفة مجلس الشورى، والدور الذي يقوم به، حيث حددت المادة الرابعة من القانون رقم 7 لسنة 2021 بشأن مجلس الشورى ثلاث صلاحيات أساسية يناط بها مجلس الشورى وهي، سلطة التشريع، وإقرار الموازنة العامة للدولة وسلطة الرقابة على السلطة التنفيذية على الوجه المبين في الدستور والقانون واللائحة.
على أثر تلك الاختصاصات الواردة أعلاه، فينتظر تلك الصلاحيات مرشحون أكفاء ونخبة تحقق قيمة فعلية لتلك المهام لتحقيق نتائج فعلية تخدم المجتمع والاقتصاد وتنظم العمل في الدولة وفق الدستور ترتقي بدولة القانون والمؤسسات، ولا يكون ذلك الا لأشخاص لديهم فكر وفطانة كبيرة وفراسة في اختصاصات المجلس واستيعاب اللوائح المنظمة لها، ولهم دراية كبيرة بالتشريعات وتفسير القوانين وتحليلها كون سلطة التشريع من الاختصاصات الأصيلة للمجلس، فالتركيز على الامتيازات التي سوف يحصل عليها العضو في المجلس دون الاهتمام بالخبرات والمؤهلات سينتج عنه حتماً تدنٍّ في أداء المجلس في ممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية، فنأمل أن تكون الغاية الوحيدة من الترشيح هي مصلحة الوطن والمواطن دون أية مكتسبات شخصية حتى يؤدي المجلس دوره على أكمل وجه.
على المرشح أن يرسم برنامجه الانتخابي بشكل موضوعي وواقعي، وليس لطموحات وأحلام لا حدود لها، يرفع سقف الأمنيات لأبعاد لا يدركها طمعاً للفوز بعضوية المجلس، في اعتقادي الشخصي أن سقف الطموح موجود بإدراكنا الحقوق المكتسبة لنا وفق الدستور والقانون وبوضع برنامج انتخابي على هيئة أهداف تنظم حاجة المجتمع وتحل مشاكله بصورة عقلانية وقانونية.
ليدرك المرشح أنه في حال فوزه فإنه تحت مهمة ومسؤولية وأمانة كبيرة، وأن له دورا مهمًّا في مسيرة النهضة في البلاد، ولا يعنى ذلك ما يعتقده البعض وفق تجارب الدول الأخرى أن يكون العضو في صراع مع السلطة التنفيذية حتى يكون عضوا فعالا في المجلس، فلا نفع أو فائدة من هذا العضو أبداً فسيكون أداة هدم وليس بناء. أن تكون عضواً فعالا عليك ممارسة العمل بشكل واقعي دون تعسف، فهي مشاركة وليست انفرادا، هي مصلحة عامة وليست خاصة، الصلاحيات الممنوحة تحتاج إلى اتزان، تريث، حياد، ومواءمات حيث سينبثق عن المجلس قرارات قد تكون مهمة ومصيرية لابد أن تقف الحكمة ومصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار، ومن المسلمات التي يجب أن يفهمها العضو، أن رأي الأغلبية هو المتبع في اتخاذ القرارات في المجلس في حال التصويت ولا يعنى إقصاء رأيه أو مقترحه أنه سلب لحقه، فإنَّ رأيَ الأغلبية يكون هو المتَّبع كونه نصاباً قانونياً في اتخاذ القرار.
جاء اليوم الذي كنا ننتظره، وفي أذهاننا طموحات وآمال لرفعة هذا الوطن، وبالرغم من أن هذه المشاركة هي حق دستوري لنا إلا أنني أعتبره هدية تتصارع فيها بعض الشعوب الأخرى للحصول عليها، سيقلب الشعب صفحة جديدة عبر ممارسته اختصاصاته لإيجاد توازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، ليكون داعماً لا يهيمن أحد على اختصاص الآخر سعياً للوصول لمستوى من التعاون والاستقلالية، ولن يتحقق ذلك الا ببروز عناصر قيادية ذات كفاءة وخبرة وقادرة على تحقيق أهداف المجلس وترسيخ مبادئه.
copy short url   نسخ
02/08/2021
504