+ A
A -
فايز أبو شمالة
كاتب فلسطيني
الغريق في ماء البحر لا يخشى من البلل، وهذا حال غزة التي تعاني الحصار الإسرائيلي، غزة بحاجة إلى قراءة التجربة الفلسطينية خلال انتفاضة الأقصى من جديد، والاستفادة من الإصرار الفلسطيني على المقاومة في تلك الفترة، رغم ممارسة العدو الإسرائيلي لكل أشكال القمع والذبح والحصار والقصف، بما في ذلك تقطيع أوصال غزة -لمن خانته الذاكرة- وتدمير أحياء سكنية بكاملها في مناطق الاحتكاك مع المستوطنات الصهيونية، ومواصلة الاقتحامات الليلية بالدبابات، وإطلاق النار اليومي على عابر السبيل، وقتل العشرات.
ولا أظن أهل غزة ينسون تلك الفترة من المواجهات اليومية مع الاحتلال، والمعاناة اليومية، حين كانت طائرات الاحتلال تقوم بتصفية النشطاء بشكل يومي، وكانت طائراته تقصف في كل ساعة تجمعاً للمواطنين، وكانت صواريخ الاحتلال ورصاصه تدوي ليل نهار، وكانت التجارة متوقفة، وكان العمل معطلا، وكانت الطريق الفاصل بين غزة وخان يونس مقطوعة بالدبابات، وأجبر الناس على المبيت على قارعة الطريق عند حاجز المطاحن «أبو هولي» أكثر من ليلة، بل وصل الأمر بالعدو الإسرائيلي إلى إغلاق الطريق الواصل بين غزة والمنطقة الوسطى، وفي مرات عديدة قطع بالدبابات طريق خان يونس رفح.
اليوم غزة تعاني الحصار والتجويع والبطالة والتدمير المتعمد بشكل لا يقل عما كان سائداً أثناء انتفاضة الأقصى، ولا ينقص غزة تحت هذا العذاب إلا أن تعاود تجربة انتفاضة الأقصى بكل حيثياتها، وعنوانها: مواجهات دون توقف، ودون أفق لتهدئة، مواجهات وتخريب يربك الحسابات الإسرائيلية، ويفرض على قيادة غزة وسكانها أن يعيشوا على أسنة الرماح لعدد من الشهور أو السنين، قد تزيد أو تقصر حسب قدرة العدو على التعايش مع الفوضى الخلاقة، ومع الإرباك، والإزعاج والاحتكاك والمواجهات اليومية المفتوحة على كل احتمال، وفي كل مكان من فلسطين، وبما يتوفر من وسائل وامكانيات ومقدرات، دون الالتفات إلى هدنة أو تهدئة أو أي شكل لوقف إطلاق النار.
لقد تحررت غزة من الاحتلال المباشر بعد أربع سنوات، وهي اليوم بحاجة كي تتحرر من وجع الحصار، وكما يقول المثل: وجع ساعة، ولا وجع كل ساعة.
copy short url   نسخ
31/07/2021
299