+ A
A -
واشنطن - أ. ف. ب - أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الاثنين، لدى استقباله رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في البيت الأبيض أن الولايات المتحدة ستنهي بحلول نهاية العام «مهمتها القتالية» في العراق لتباشر «مرحلة جديدة» من التعاون العسكري مع هذا البلد.
وقال بايدن وبجانيه رئيس الوزراء العراقي: «لن نكون مع نهاية العام في مهمة قتالية» في العراق، لكن «تعاوننا ضد الإرهاب سيتواصل حتى في هذه المرحلة الجديدة التي نبحثها».
وأوضح أن دور العسكريين الأميركيين في العراق سيقتصر على «تدريب» القوات العراقية و«مساعدتها» في التصدي لتنظيم الدولة الإسلامية، من دون إعطاء أي جدول زمني أو عناصر ملموسة في ما يتعلق بالعديد.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان لاحق إن «العلاقة ستتطور بالكامل نحو دور للتدريب وتقديم المشورة والمساعدة وتبادل المعلومات الاستخبارية» مع القوات العراقية المنخرطة ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وأضافت «بحلول 31 ديسمبر، لن يكون هناك مزيد من القوات في مهمة قتالية».
وبحسب البيان نفسه، تؤكد «الولايات المتحدة احترامها سيادة العراق وقوانينه، وتتعهد توفير الموارد التي يحتاجها العراق للحفاظ على وحدة أراضيه».
من جهته، قال الكاظمي إن العلاقة بين البلدين باتت «أقوى من أي وقت مضى».
ويأمل الكاظمي، في لقائه الأول مع بايدن، في الحصول على مؤشر من شأنه أن يُعطيه دفعاً سياسياً قبل ثلاثة أشهر من انتخابات نيابية مبكرة.
وكان مسؤول كبير في إدارة بايدن قال الاثنين «نتحدث عن الانتقال إلى مرحلة جديدة في الحملة التي نُكمل فيها إلى حد كبير المهمة القتالية ضد تنظيم الدولة الإسلامية والتحول إلى مهمة استشارية وتدريبية بحلول نهاية العام».
وتوقع المسؤول إجراء «تعديلات إضافية» بحلول نهاية 2021.
وأضاف: «اقترح العراق، ونحن نوافق تماماً، أنهم يحتاجون إلى تدريب مستمر ودعم بالخدمات اللوجستية والاستخبارات وبناء القدرات الاستشارية، وكلها ستستمر».
من جهته، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الأحد إن القوات الأميركية المنتشرة في العراق «قادرة على شن عمليات قتالية» و«يصعب جداً» التمييز بين الجنود وقوات الدعم والمستشارين.
وأضاف لصحافيين في مستهل جولة في آسيا: «ما يهم (...) هو ما يُطلب منا القيام به».
رسمياً، هُزم التنظيم في العراق عام 2017 على أيدي القوات العراقية مدعومة من تحالف دولي بقيادة واشنطن، لكن مخاوف عودته تبقى حاضرة بحسب مصدر دبلوماسي أميركي، لأن «كثيراً من الأسباب التي سمحت بصعود التنظيم عام 2014 لا تزال قائمة».
تأتي زيارة الكاظمي إلى واشنطن في وقت تتعرض القوات الأميركية في العراق لهجمات متكررة تشنها ميليشيات موالية لطهران. وتشن واشنطن ضربات رداً على تلك الهجمات، آخرها في 29 يونيو، حينما قصفت مواقع فصائل عراقية مدعومة من إيران عند الحدود السورية - العراقية.
ولا يزال هناك نحو 2500 عسكري أميركي في العراق، وتُرسل الولايات المتحدة أيضاً بشكل متكرر إلى البلاد قوات خاصة لا تُعلن عديدها.
ولم تتوان الفصائل الموالية لإيران عن تكثيف ضغوطها مؤخراً على الكاظمي الذي ضعف موقفه في مواجهة أزمات تتزايد تعقيداً في البلاد على المستوى المعيشي والاقتصادي على وجه الخصوص، لا سيما أزمة الكهرباء التي يعتمد العراق على إيران للتزود بما يكفيه منها، خصوصاً في فصل الصيف الحار.
إعلانات شكلية
قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات التشريعية، يأمل رئيس الحكومة العراقي أن يستعيد بعضاً من النفوذ في مواجهة الفصائل النافذة والمعادية جداً لوجود الأميركيين في البلاد.
وانسحبت معظم القوات الأميركية المُرسلة عام 2014 في إطار التحالف الدولي لمساندة بغداد على هزيمة تنظيم الدولية الإسلامية، خلال عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
رسمياً، ليست هناك قوات مقاتلة، فالعسكريون الأميركيون الذين لا يزالون في العراق يؤدون دور «مستشارين» أو «مدربين».
يشكل العراق جزءاً مهماً من الإطار الاستراتيجي للولايات المتحدة التي تقود عمليات التحالف الدولي لمكافحة الجهاديين في سوريا المجاورة.
ومن غير الوارد بالنسبة إلى واشنطن أن تتخلى عن البلد ذي التأثير الإيراني، في خضم ارتفاع مستوى التوتر بين إيران والولايات المتحدة، حتى لو كانتا لا تزالان تعتزمان إنقاذ الاتفاق الدولي حول النووي الإيراني المبرم عام 2015.
يرى حمدي مالك من مركز «واشنطن انستيتيوت» للأبحاث، أن في إطار هذا التجاذب، «من غير المرجح أن ينخفض عدد العسكريين الأميركيين في العراق بشكل كبير».
ويتوقع الباحث في «بيرسون انستيتيوت» في جامعة شيكاغو رمزي مارديني أن تكون «الإعلانات شكلية، تخدم المصالح السياسية لرئيس الوزراء العراقي».
يثير هذا الأمر خشية خبراء المنطقة من تواصل الهجمات التي تشنها الفصائل الموالية لإيران وحتى تكثيفها.
ومنذ الزيارة الأخيرة للكاظمي إلى واشنطن في أغسطس 2020، حصلت تطورات أبرزها تواصل الهجمات التي تتهم بها الفصائل على المصالح الأميركية في البلاد، وليس بالصواريخ فحسب، بل أدخلت تقنية الطائرات المسيرة، الأكثر دقةً وإثارة للقلق بالنسبة للتحالف الدولي.
وقد بلغ عددها نحو خمسين هجوما منذ مطلع العام، كان آخرها هجوم بطائرة بدون طيار استهدف قاعدة تضم قوات للتحالف الدولي في كردستان العراق، بدون أن يتسبب الهجوم بسقوط ضحايا. وطالبت الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية التي تضم فصائل موالية لإيران بعضها منضو في الحشد الشعبي، السبت بـ«انسحاب القوات المحتلة»، مهددةً بمواصلة الهجمات ضد الوجود العسكري الأجنبي في البلاد.
من واشنطن، أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين الذي وصل قبل بضعة أيام للتحضير لزيارة الكاظمي أن المحادثات ستفضي بالفعل إلى تحديد جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية.
لكن وسائل إعلام أميركية أشارت إلى أن الانسحاب سيكون في الواقع إعادة تحديد لمهمات القوات الموجودة في العراق بحلول نهاية العام.
copy short url   نسخ
28/07/2021
255