+ A
A -
في ظل أزمتين سياسية واقتصادية، كلفت الرئاسة اللبنانية، الإثنين، رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة.
هذا التكليف كان متوقعا منذ أيام، وجاء بعد يوم طويل من استشارات نيابية ملزمة في قصر الرئاسة بمنطقة ببعبدا شرق العاصمة بيروت.
وحصل الملياردير ميقاتي (65 عاما) على دعم 72 نائبا برلمانيا (من أصل 128)، بينهم نواب كتلة «تيار المستقبل»، بزعامة رئيس الحكومة السابق، سعد الحريري، ونواب كتلة جماعة «حزب الله».
وميقاتي هو نائب برلماني عن مدينة طرابلس (شمال) منذ عام 2018، وجاء إلى السياسة من قطاع رجال الأعمال.
وتولى حقيبة وزارة الأشغال العامة والنقل في ثلاث حكومات متعاقبة بين 1998 و2004، وانتُخب في 2000 نائبا عن طرابلس حتى 2005.
وللمرة الأولى، كُلف ميقاتي برئاسة حكومة تشرف على الانتخابات النيابية في 2005، ولم يترشح حينها للبرلمان، ثم أعيد انتخابه نائبا عامي 2009 و2018.
وأُعيد تكليفه رئيسا للوزراء في 25 يناير 2011، وصدر مرسوم بتسميته رئيسا لمجلس الوزراء في 13 يونيو من العام نفسه.
وبسبب خلاف حاد داخل مجلس الوزراء بشأن انتخابات نيابية وتعيينات أمنية، قدم ميقاتي استقالة حكومته، في 23 مارس 2013، وتابع مهامه كرئيس لحكومة تصريف أعمال حتى 15 فبراير 2014.
وخلال ولايته الحكومية بين 2011 و2013، اتبع ميقاتي سياسة النأي بالنفس كسياسة حكومية بوجه الحرب في الجارة سوريا. وقال وقتها إن «هدف هذه السياسة هو الحفاظ على وحدة لبنان».
وولد ميقاتي عام 1955، وأكمل دراسته في الجامعة الأميركية ببيروت، واستكمل دراسات عليا في فرنسا وجامعة هارفرد بالولايات المتحدة الأميركية.
وفي أكتوبر الماضي، برز اسم ميقاتي بعد ادعاء النائب العام لدى محكمة الاستئناف في جبل لبنان، القاضية غادة عون، بارتكابه جرم «الإثراء غير المشروع»، عبر الحصول على قروض سكنية مدعومة من مصرف لبنان. ونفى ميقاتي صحة هذا الاتهام، واضعا نفسه تحت القانون، ولم يصدر أي قرار قضائي نهائي في القضية.
ويقوم النظام السياسي في لبنان على توزيع المناصب الرئيسية على الطوائف، حيث يتولى رئاسة الجمهورية مسيحي ماروني، ورئاسة الحكومة مسلم سُني، ورئاسة البرلمان مسلم شيعي.
والإثنين، أُعيد تكليف ميقاتي برئاسة الحكومة بعد 10 أيام من اعتذار رئيس «تيار المستقبل»، سعد الحريري، عن عدم استكمال هذه المهمة؛ جراء خلافات سياسية مع رئيس البلاد، ميشال عون.
ومنذ 2005، هذا هو ثالث تكليف بتشكيل حكومة لميقاتي، الذي ينُظر إليه كمرشح توافقي لإنهاء حالات الجمود جراء الخلافات السياسية. ومنتصف يوليو الجاري، أعلن الحريري اعتذاره عن عدم تشكيل الحكومة بعدما تقدم بتشكيلتين وزاريتين إلى عون، لكن الأخير طلب تعديلا بالوزارات، وهو ما رفضه الحريري.
وطيلة نحو 9 أشهر، حالت خلافات بين عون والحريري، دون تشكيل حكومة لتخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة، برئاسة حسان دياب، التي استقالت في 10 أغسطس 2020، بعد 6 أيام من انفجار كارثي في مرفأ بيروت.???????
وتركزت هذه الخلافات حول حق تسمية الوزراء المسيحيين، مع اتهام من الحريري ينفيه عون بالإصرار على الحصول لفريقه، ومن ضمنه «حزب الله» (حليفة إيران)، على «الثلث المعطل»، وهو عدد وزراء يسمح بالتحكم في قرارات الحكومة.
وميقاتي هو ثالث شخصية، بعد الحريري ومصطفى أديب، يكلفها عون بتشكيل حكومة بعد استقالة حكومة دياب، إثر انفجار المرفأ، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وأصاب ما يزيد عن 6500 بجروح. وعادة ما تستمر عملية تشكيل الحكومة في لبنان عدة أشهر؛ جراء خلافات بين القوى السياسية.
الرئيس ميقاتي، الذي كان أول الداخلين إلى القصر الجمهوري كان آخر الخارجين منه بعد يوم طويل من الإستشارات النيابية الملزمة، قال عقب تكليفه تشكيل الحكومة العتيدة وفي أول تصريح له: «أبلغني فخامة الرئيس نتيجة الاستشارات النيابية الملزمة وتكليفي تشكيل الحكومة الجديدة. شكرت فخامته وسعادة النواب جميعا، مَن سمّاني ومن لم يسمنّي، وأتمنى أن نتعاون جميعا لإيجاد الحلول المطوبة. دستوريا من الضروري أن أحصل على ثقة السادة النواب، ولكن في الحقيقة أنا أتطلع إلى ثقة الناس، ثقة كل رجل وسيدة، كل شاب وشابة، لأنه لوحدي لا أملك عصا سحرية ولا أستطيع أن أصنع العجائب. نحن في حالة صعبة جدا، وقد سألني احد الصحفيين الآن لماذا انا حزين؟ طبعا المهمة صعبة ولكنها تنجح إذا تضافرت جهودنا جميعا وشبكنا أيدينا معا، بعيدا عن المناكفات والمهاترات والاتهامات التي لا طائل منها، ومن لديه أي حل فليتفضل. أنا اليوم خطوت هذه الخطوة، وكنت مطلعا على الوضع، ولذلك أقول، نعم نحن كنا على شفير الانهيار، وكنا أمام حريق يمتد يوميا ويكاد يصل إلى منازل الكل، لذلك أخذت بعد الاتكال على الله قرار الإقدام وأن أحاول وقف تمدد هذا الحريق. أما إخماد الحريق فيقتضي تعاوننا جميعا، وعلينا أن نكون معا. أعلم أن الخطوة صعبة ولكنني مطمئن، ومنذ فترة وأنا أدرس الموضوع، ولو لم تكن لدي الضمانات الخارجية المطلوبة، وقناعة أنه حان الوقت ليكون أحد في طليعة العاملين على الحد من النار، لما كنت أقدمت على ذلك. بإذن الله وبمحبة الجميع، وجميع اللبنانيين واللبنانيات، أدعوا إلى أن نكون معا، وأتمنى عدم الرد على ما يقال، فالمهم أن نستمر، وأنا متأكد أنه بالتعاون مع فخامة الرئيس، وقد تحدثت معه للتو، سنتمكن من تشكيل الحكومة المطلوبة، ومن أولى مهماتها تنفيذ المبادرة الفرنسية والتي هي لمصلحة لبنان والاقتصاد اللبناني وإنهاضه. يبقى أن أقول إنه يحكى الكثير في وسائل الإعلام وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنني أخذت على عاتقي ألاّ أرد، وخير الكلام ما قل ودل».
وكانت الاستشارات النيابية الملزمة قد انطلقت في قصر بعبدا منذ ساعات ما قبل ظهر الأمس، فانقسمت إلى جولتين، جولة أولى انتهت قرابة الواحدة ظهرا، والتقى خلالها الرئيس ميشال عون كلا من النجيب ميقاتيرؤساء نجيب ميقاتي وسعد الحريري وتمام سلام بالاضافة إلى نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي.
ومن ثم توالى توافد الكتل والنواب، فالتقى عون كلا من كتلة المستقبل وكتلة الوفاء للمقاومة وكتلة التكتل الوطني وكتلة اللقاء الديقراطي وكتلة الوسط المستقل، بالإضافة إلى كتلة اللقاء التشاوري.
وبدا لافتا خلال الجولة الأولى إجماع الكتل والنواب على تسمية الرئيس نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة، إذ نال خلالها 52 صوتا، فيما امتنع النائبان الوليد سكرية وفيصل كرامي عن التسمية.
أما الجولة الثانية من الاستشارات، فانطلقت عند الساعة الثالثة من بعد الظهر، فالتقى الرئيس عون تباعا كلا من تكتل الجمهورية القوية وكتلة التنمية والتحرير وتكتل لبنان القوي، بالاضافة إلى كتلتي نواب الأرمن وضمان الجبل، والنواب: ادي دمرجيان وأسامه سعد وفؤاد مخزومي وميشال الضاهر وجميل السيد وشامل روكز وجان طالوزيان وجهاد الصمد.
وتمنع عن حضور الاستشارات والتسمية النائبان طلال أرسلان ونهاد المشنوق، كما أنه لم يحضر كل من النواب سيزار المعلوف وفريد الخازن وديما جمالي الذين فوضوا كتلهم تسمية الرئيس نجيب ميقاتي.
copy short url   نسخ
28/07/2021
408