+ A
A -
د. فايز أبو شمالة كاتب وسياسي فلسطيني
لم تنته معركة سيف القدس بتاريخ 21 مايو من هذا العام، فالمعركة ما زالت مستمرة في كل الساحات، وعلى كافة المستويات، ولها ارتداداتها النفسية والمجتمعية؛ التي باتت تقلق العدو الإسرائيلي، وتحير المختصين في علم الاجتماع، ولاسيما بعد أن تجاوز صدى معركة سيف القدس أطراف غزة، وتخطى حدود فلسطين، ليصل إلى معظم دول العالم، بعد أن ترك بصمته على وجدان الشعوب التي خرجت بعشرات الملايين إلى الشوارع، تفتش عن الحقيقة، وتتساءل عن أصل الإرهاب الصهيوني، وتبحث عن ركائز القوة الفلسطينية، التي اخترقت المستحيل، وفرضت نفسها نداً في الميدان.
لم يقف تأثير معركة سيف القدس على اليهود داخل الدولة الصهيونية، وإنما وصل التأثير حتى النخب السياسية الأميركية، وتلك الأوساط المجتمعية التي دأبت على موالاة الصهاينة، فإذا بمعركة سيف القدس تحدث شرخاً عميقاً في فكر الحزب الديمقراطي، وفي مستوى التأييد والتعاطف مع الأكذوبة الإسرائيلية، حين أدان عدد من نواب الكونغرس الأميركي للاعتداءات الإسرائيلية، ولسياستها العنصرية، وقد أرسل 138 نائباً ديمقراطياً في الكونغرس خطاباً إلى بايدن، يطالبه بإدانة قتل المدنيين من الناحيتين، وليس من ناحية واحدة فقط، وطالبته بالضغط على العدو الإسرائيلي لوقف القصف على غزة.
ارتدادات معركة سيف القدس وصل تأثيرها إلى المجتمع الأميركي المسيحي، حيث اقرت كنيسة المسيح المتحدة خلال مؤتمرها السنوي اعتبار الكيان الإسرائيلي دولة فصل عنصري ووصفت الاضطهاد الذي يمارسه بحق الفلسطينيين بأنه خطيئة.
لقد طال التغيير التجمعات اليهودية نفسها، حيث أظهرت نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه معهد الهيئة الانتخابية اليهودي أن 25 % من الجالية اليهودية الأميركية يؤمنون أن إسرائيل دولة عنصرية، وأن هذه النسبة ترتفع إلى 38 % في أوساط الشباب تحت سن الأربعين.
الأرقام السابقة تحاكي واقعاً متجدداً، وتعبر عن تحولات استراتيجية في نظرة المجتمع الأميركي إلى دولة الصهاينة، وهذا ما يجب أن يبنى عليه، والعمل على تراكم الفعل المقاوم للاحتلال، والذي وصل صداه إلى القلعة الحصينة، التي تقف اليوم أمام مستجدات من الوعي ستنعكس آجلا ً أم عاجلاً على مجمل السياسة الأميركية، ومن أفول إلى أفول، فإن نجم هذه الدولة الغازية الذي أفل في ميدان معركة سيف القدس، لا بد أن يأفل في ميدان الحصار، وفي ميادين التآمر على قضية فلسطين، وفي ميدان التطبيع، طالما ظل الشعب الفلسطيني رافعاً سيف المقاومة، رافضاً الاعتراف بدولة الاحتلال.
copy short url   نسخ
27/07/2021
263